يكاد يكون الحديث عن مقومات دولة في ظل التراكمات والأزمات والإخفاقات ضرب من ضروب الخيال, بين فساد سياسي نخر مفاصل الدولة حتى العظم, ومعارك عسكرية ضد الدواعش والجماعات الإرهابية بالإضافة الى الصراع السياسي القائم, يبدو أن هنالك أصرار من أغلب الاطراف في صنع القرار السياسي على زج البلاد في خلافات ومناكفات دولية أو إقليمية, لا ناقة له فيها ولا جمل.
العلاقات والتحالفات السياسية القائمة على أساس السيادة تعتمد على المصلحة المتبادلة, ومن باب المنطق أن يلتفت كل القائمين على صناعة القرار الى أصلاح شتات أمرهم, وترميم خراب البلاد والنظر في مصالح العباد, بدل الانشغال بالتصفيق لهذه الدولة أو تلك, من باب أولى ان ننشغل بتطبيب جراحنا, واللحاق بركب الدول التي نتصارع من أجلها, ونصفق لها بينما لا نمتلك ولو 1% من مقومات الحياة الكريمة لمواطنيها على المستوى الخدمي والاقتصادي, بالإضافة الى ثقلها السياسي, فهي تمتلك مقومات القدرة ومفاتيح القوة في الدفاع عن نفسها وتعرف جيدا مصالحها ومن أين وكيف تؤكل الكتف.
هذا اللهاث وراء كل صراع سياسي في المنطقة والدفاع المستميت عن دول أخرى بدعوى التحالف والعلاقات, يثير سخرية وسخط الشارع الذي يطالب بأبسط الخدمات, ويقلل من سيادة العراق أذ يبدو كبلد تابع يدافع عن تلك الدولة ويثأر لتلك, كل يدعو لدعم بلد ما معين على طرف بلد اخر ويعلن ان العراق تحت تصرف دولة دون اخرى!
الواقع السياسي العراقي عن كثب يبدو أشبه بساحة صراع, كل يعلن عن تجنيد وتسخير مقدرات البلاد لخدمة دولة يراها حليفة, وربما حتى تلك الدول لا تراهم اهلا لدعمها, فمن يعجز عن تقديم الخدمة لشعبه, ويغرق حتى أذنيه في فشل سياسي, وفساد أداري أصبح مضرب الأمثال لكل سعيد يتعظ بغيره, لا يمكن أن يكون حليفاً داعماً أو اهلا لثقة.
المصالح السياسية متقلبة, وأهل مكة ادرى بشعابها, فأعداء اليوم ربما يجلسون على طاولة الحوار, اذا ما استدعت مصالح شعوبهم ذلك, من الافضل التفكير بخدمة العراق وسيادته, التي اصبحت موضع رهان بين الساسة, ومن يدعون أنهم حلفائهم, فلعبة السيادة المعلنة والتبعية المبطنة لا تغني ولا تسمن من جوع, فالعراق وأهله وتضحيات شهدائه كل شيء واهم من كل الانتماءات والتبعيِات والصراعات, وهذا هو جوهر السيادة والسياسة.