19 ديسمبر، 2024 6:06 ص

العراق .. ساحة فوضى مدمرة !

العراق .. ساحة فوضى مدمرة !

يمر العراق بحالة من الفوضى غير مسبوقة ، وهذه الفوضى تعود لحد كبير إلى كثرة الرؤوس المتصارعة في ساحته وانقسام العراقيين بين  هذه الرؤوس .
وتواجه العراق تحديات عدة تهدد مستقبله  مع عدم وجود حلول حقيقية  او اتفاق على حلول ، وعندما يصبح الوضع على هذا القدر من التعقيد يتراجع التفكير في مستقبل البلد الى التفكير في الحصص والمكاسب  التي يجد ان الآخرين يريدون ابتلاعها .

داعش التي سيطرت على مساحات واسعة من العراق دفعت اطراف عديدة للتدخل في الشأن العراقي بشكل سافر ودون اذن العراقيين بل رغما عنهم ونتج  عن ذلك  تداعيات عدة :

المرجعية دعت الى الدفاع عن المراقد الدينية لان داعش تهددها ، وفعلا التحق الآلاف من المؤمنين العقائديين ولكن بدأ هؤلاء يدفعون ثمن موقف المرجعية وسوء التدريب والتسليح  وتتصاعد الخسائر بشكل غير مسبوق .

يعجز لذلك الجيش والحشد الشعبي عن تحقيق نجاح يتناسب مع التضحيات ويفشل الهجوم الاخير على تكريت وبيجي والذي صاحبه تركيز إعلامي كبير ليتبعه صمت مطبق بعد ذلك الفشل  لتسلط الاضواء على الضلوعية المحررة ولا ندري مدى ثبات هذا التحرير .

ونرى  عند السنة الراغبين والمتحمسين لقتال داعش ردة فعل من عزلهم عن المشهد وقد اثبتوا جدارة في التصدي للارهاب ولكن الدولة ترفض تسليحهم الى الان ، ويتساءل احدهم لم تجد الدولة السلاح الكافي لتسليح الحشد الذي هو عبارة عن جمع للمليشيات ولا تجد السلاح اللازم لتسليح ابناء المناطق المتضررة من داعش !!

امام ذلك الفشل للحشد الشعبي تصاعدت روح الانتقام لكل ما له صلة بداعش حتى الانتماء المذهبي والمسجد المشترك والمصحف الذي يتداوله الجميع فبدرت من عناصر في الحشد الشعبي ممارسات لا تقل سوءا عما يصدر عن داعش من تدمير مساجد ونهب بيوت وقتل ابرياء وتهجير للسكان ولم يعد ذلك خافيا وتكلمت عنه وسائل الاعلام الغربية واصبح يمثل احراجا كبيرا لرئيس الوزراء الذي لم يستطع الاجابة عن السؤال الامريكي الذي وجه له ما هو الموقع الرسمي والصفة التي  يضطلع بها هادي العامري ونراه يقود الجيش والمليشيات في ديالى التي تشهد اكبر عمليات للتهجير والقتل والتدمير على يد الحشد الشعبي ؟!!

وتقف المرجعية ايضا  في ورطة فهي التي استنفرت الموالين  لقتال داعش  وترى الآلاف ممن استجابوا لها يتساقطون شهداء فلا هي تستطيع التراجع عن ذلك ولا تستطيع الإنكار على هذه الافعال كما لا  تستطيع القبول بها !

ونظرة سريعة الى الشمال نجد ان المشهد لا يقل تعقيدا فنجيرفان البارزاني صرح ان المناطق التي ستحررها البيشمركة لن تتخلى عنها وهذا يعني احد امرين اما ان البيشمركة لن تقاتل خارج المناطق التي تعتبرها كردستانية او ان اقليم كردستان ليس له حدود جغرافية محددة  وان منطق السلاح هو الذي سيحدد مساحة الاقليم وحدوده  !

هذا التصريح  ما لم يتم تصحيحة يمثل حرجا للقوى الداعمة لكردستان ويدعوها الى ايقاف الدعم او تقليله الى الحد الذي لا يعطي القدرة للبيشمركة على التوسع الجغرافي وبالتالي سيقل الضغط على داعش في هذه الساحة ما لم تظهر القوة التي ما فتئ يتحدث عنها آل النجيفي دون ان نرى لها شواهد على الارض .

الولايات المتحدة التي اعلنت انها ستدعم قتال العراق ضد داعش هي الأخرى تتعامل بخطوات بطيئة جدا ولم يتجاوز دورها الى الان الضربات الجوية المحدودة ومساعدات بسيطة لبعض التشكيلات العشائرية المسلحة لم تستطع ان تغير بشكل حاسم الواقع الميداني !

اما ايران القلقة من نتائج الاوضاع فيبدو انها مندفعة باتجاه اخر لا ندري عواقبه بدفع مزيد من عناصر الحرس الثوري  الى العراق وشهدت طهران اكثر من تشييع لضابط كبير استشهد في ساحات القتال في العراق كان اخرهم الجنرال تقوي والذي شارك وزير الدفاع العراقي بتشييعه !! 

وتأتي الاخبار المؤكدة  ان ايران استغلت الزيارة الأربعينية لدفع عدة الاف من عناصر الحرس الثوري الى العراق لا كما كان يجري في الماضي من ادخال مجموعات محدودة كما يأتي التصريح المثير من ان ايران لديها قوة في العراق تعادل عشرة اضعاف القوة التي يمثلها حزب الله وهي التعبير العملي على نجاح سياسة تصدير الثورة !!

ايران غير المطمئنة على المستقبل تريد ان يكون لها وجود عسكري على ارض العراق تحسبا للمفاجأت التي قد تأتي سيما ان العديد من دول المنطقة والعالم غير راضية عن هذا التمدد الايراني غير المسبوق في التاريخ المعاصر .

والقوى السنية التي تجد نفسها في ورطة كبيرة فالشيعة تكتلوا وبدعم ايراني وبدعم من المرجعية ومن الحكومة ، والكرد قد تجحفلوا خلف قيادتهم التي تريد ان تحقق المزيد من المكاسب .

اما هم فيراد  ان يقاتلوا بعضهم  فلا داعش ترحمهم ولا القوى الاخرى تمكنهم من السيطرة على ارضهم بل تمارس معهم سياسة التفرقة والاستقطاب الانتقائي !!

وينتظر ملايين النازحين الفرج في مخيمات بائسة صرف عليها مئات الملايين لتذهب الى جيوب الحيتان في مجلس الوزراء ويعجز البرلمان عن استجواب المسؤول الاول في فضيحة الفساد بل سيطرد النائب المستجوب من المجلس ثمنا لتجرئه على التعرض لهذا الملف !

هل رأيتم أشد سواداً من هذا المشهد ؟!

أحدث المقالات

أحدث المقالات