ورد في كتاب “الدراما الآسيوية.. بحث في فقر الامم” تاليف الاقتصادي السويدي جونار ميردال، مصطلح “الدولة الرخوة – soft state” ويقصد به: الدولة التي تضع القوانين ولا تطبقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لإن لا أحد يحترم القانون.. المعنيون لا يبالون به.. يهمشونه حفاظا على ما إغتصبوا من مال وسلطة من دون إستحقاق.
وأهم سمات العراق الان، هي: تراجع مكانته خارجيا، ويأس الشعب من السلطة.. تشريعيا وتنفيذيا، حد السخرية وإنفصام عرى الروح الوطنية متراجعة أمام توسع رقعة التصحر والجفاء بين مكونات الدولة.. السيادة والشعب والارض.
وإنطلاقا من عدم إحترام المنظومة القيمية التي يفترض أن تنتصب مكفولة بالتعاليم الدينية، نجد الشرائع تسفح القيم وتفرط بها وتتنصل منها بل تغلف الفساد بإضفاء شرعية على الجريمة، وبهذا تنهار المنظومة القيمية نتيجة سوء التطبيق…
وبدل معاقبة القانون للفاسدين وتكفير الدين لهم، نجد النزاهة موضع إلتفافات تكفيرية زلفى تضبب الرؤية وتحيل مؤسسات الدولة الى عبء على المواطن والموازنة العامة للإقتصاد، ويتفرد بالحكم أنانيو البلاد، مستوفين صلاحيات غير دستورية؛ لأنهم يضعون دستورا يحمي فسادهم ويبدد محاولات التصحيح قاطعا الطريق على الوطنيين بل تجريمهم لأنهم مخلصون.. فإنك ميت وهم ميتون.
وهنا تتوقف التنمية؛ لأنها لم يعد لها رعاة؛ فيتفشى الفقر والتخلف لغياب العدالة الاجتماعية، ويتمزق النسيج الإجتماعي، فينتهب المال العام، حتى لا يعد يدخل الى خزينة الدولة وارد من ريع ثرواتها، بل تتبدد بالتبعية للخارج وفقدان السيطرة على قرارها الداخلي، ولا يبقى أمامها خيار سوى التلاشي.
والعراق دولة معدة للتلاشي بين فكي كماشة الولاء لدول المحيط العاطفي… التي تلتهم ثرواته الان، وتسجلها ديونا عليه في المستقبل، بتواطئ عملائها السياسيين من الداخل…
ولسوف يضع البنك الدولي والبلدان (الدائنة) أيديهم على منشآت العراق الاقتصادية بدعم من الامم المتحدة؛ لتسديد ما بذمته لمستحقيها بموجب “كمبيالات” شهودها عراقيون.. وإذا أدين المرء بشهادة أهل بيته؛ حل قتله.. غير مأسوف عليه.. الى تلاشٍ ذاهبة دولة العراق الرخوة..