في العراق فقط تهيمن المليشيات على المشهد تفرض نفوذها وهيبتها وتكاد تكوّن سلطة توازي سلطة الدولة العراقية فهي حاضرة بقوة في الشارع العراقي
سواء بمقراتها العسكرية والامنية او بلافتات وصور شهدائها او ببعض المظاهر المسلحة التي برزت بقوة بعد فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية
الدينية في النجف الاشرف، ولا تقتصر هذه الهيمنة على الشارع فحسب وانما على خطوط التماس مع تنظيم داعش ايضا فهي التي تتسيد الجبهات وتفرض حضورها القوي وتقف بوجه تطلعات تنظيم داعش، المليشيات استردت مساحات شاسعة من الاراض العراقية كان قد استولى عليها التنظيم الاجرامي بعد ان سلمها اليهم قادة كبار في الجيش العراقي، المليشيات هي قاتلت هذا التنظيم بعد ان اصدر بعض قادة الجيش اوامر الانسحاب ولم يثبتوا في مواجهة هذا التنظيم وهربوا ليتركوا المليشيات لوحدها دون ان يقدموا لها احيانا دعما او اسنادا ولطالما كانت المليشيات تشكو من عدم استجابة الطيران العراقي لضرب اهداف حددها الجهد الاستخباري للمليشيات او عدم استجابته لتوفير غطاء جوي في بعض المعارك، ورغم ذلك واصلت المليشيات تقديم الدعم الاستخباري للجيش وتقدمت الصفوف في كل المعارك، وبعد دخول المليشيات الى ارض المعركة تحسن الامن في بغداد بنسبة اكثر من 90% وانخفضت كثيرا نسبة السيارات المفخخة التي فشلت جيوش بغداد الحكومية الجرارة بمختلف صنوفها والتي صُرفت عليها عشرات المليارات في وقفها وتمكنت الاذرع الاستخبارية لهذه المليشيات من تقديم معلومات دقيقة ادت الى القبض على المئات من افراد الخلايا النائمة والمتحركة، المليشيات قدمت مئات الشهداء من ابنائها الذين كانوا ينعمون بحياتهم المدنية مع عوائلهم وفيهم من هو من اصحاب الشهادات العليا واصحاب
الاعمال الحرة وبعضهم كان يتمتع بحياة مترفة وفيهم ايضا من جاء من بلاد الغربة لينذر نفسه للدفاع عن ارضه ومقدساته ومستقبل شعبه، المليشيات في العراق حمت وحافظت على النظام السياسي ودافعت عن الشعب والمقدسات وابقت عجلة الحياة مستمرة في البلد ولولاها لكان العراق اليوم مقبرة جماعية كبرى واطلال وخراب كبير وعش دبابير عظيم لتنظيم داعش الاجرامي.
لا يقتصر عمل المليشيات على الجهد العسكري فحسب بل هي تمتلك مئات المؤسسات الثقافية والاعلامية والتنموية والاجتماعية والتربوية ولديها مئات المساجد والحسينيات ولديها رؤية ونخب فكرية وقواعد جماهيرية كبيرة لكن غلبت عليها المسحة العسكرية بسبب الصراع الوجودي الدائر بينها وبين تنظيم داعش واخواته ومن خلفهم اميركا وحلفائها.
المشكلة ليست هنا بل في الحكومة العراقية التي بدلا من ان تكافئ فصائل الحشد المقاوم او – المليشيات كما يصر البعض على تسميتها- تستهدفها وبدلا من دعمها تطعن بظهرها وبدلا من الوقوف بوجه قانون الحرس الطائفي المحافظاتي التدميري تسيء لفصائل الحشد وتحاول رسم صورة ذهنية مشوهة عنها في اذهان الجماهير على انها قوى تخريب ومليشيات غير منضبطة وغير خاضعة للقانون ليكون الحرس الوطني المشبوه هو الحل وهو البديل.
وبدلا من التعاون مع الفصائل في القبض على المجرمين الخطرين كما حدث مع والي بغداد الداعشي زياد خلف الذي القت القبض عليه كتائب حزب الله بدلا من ذلك تفبرك قصة اختطاف العمال الاتراك لمهاجمة مقرات الكتائب واطلاق سراحه لأنه يعد كنز معلومات ومعروف بارتباطاته البعثية.
وبدلا من توجيه الرأي العام لرفض مساعي مؤتمر الدوحة التآمري تخلط الاوراق وتثير زوبعة اعلامية للتضليل وللتغطية عليه عبر اشغال الرأي العام بمهاجمة واحد من اكبر واقوى الفصائل الجهادية.
لتثير هذه التصرفات اسئلة كبيرة وكثيرة لعل اولها هل ان هذه المليشيات هي الحاجز الكونكريتي الذي يقف بوجه تحقيق اهداف الاعداء ليسعون الى ضربها؟ وفي اي صف تقف الحكومة؟ مع العراق ام ضده؟ قد يبدو السؤال سخيفا! لكنه في ظل الوقع الحالي يمثل عين العقل والمنطق! فالعقل والمنطق يفرضان الوقوف مع الحشد الشعبي المقاوم بدلا من محاولة ضربه.