في الواقع الراهن تلعب عدة اسباب لتشكل التخبط و الجهل السياسي في بلورة سياسة الظلم والاضطهاد وتشدد فيه حلكة المواسم السياسية الذي له الدور الكبير في انضاج فكرة العداء بين السياسيين وهي المناصب والفساد المستشري ، وتبقى الأزمة السياسية العراقية في تراوح في مكانها منذ 20 عامًا مما يجعل من الدولة في دوامة الفشل والعجز الذي لا يسده شيء بسبب عجز النظام السياسي العراقي من إيجاد الحلول المناسبة والمعقولة في مواجهة المشاكل والهفوات التي أوقعت نفسها وشعبها بها وتتهم جميع الطبقة السياسية بالفشل باختلاف الانتماء والتوجهات لان الجميع كانوا متواطئين ومقصرين ومشاركين في الادارة وتقسيم الفواجع والاوجاع على ابناء الشعب، والتي كان من المفروض في اول خطواتها إعادة صياغة وكتابة الدستور الذي جاء به مجموعة من السياسيين الغير متخصصين وفي عجالة والتي لا يتناسب مع القيم المجتمعية العراقية و كتب من غير إرادة ومشاركة شعبية حقيقية كبيرة، وأعطى الامتيازات للسياسيين قبل رسم سياسة لادارة الدولة وهذا مغاير ومعاكس تمامًا لما تتطلبه التجارب الديمقراطية والوطنية في العالم، ويحتاج إلى مشاركة النخب الفاعلة في مجال القوانين الدستورية العامة لكتابته وصياغته من جديد، ويتم التصويت عليه عبر استفتاء شعبي من جميع العراقيين بعد مناقشته، ولعل ايجاد شرط تقليل نسبة مشاركة الاحزاب حسب التحقيق القضائي والامني في نسبة المنظمين اليها، إذ شارك حوالي 300 كياناً سياسياً في الانتخابات البرلمانية السابقة ولكن معظم تلك الكيانات كانت ليست لها قواعد شعبية حقيقية وتحالفت مع كيانات أخرى لتتنافس كقائمة انتخابية واحدة، ولاسيما تلك التي تتشارك في البرنامج المعينة نفسه. وعلى الرغم من التصديق على قانون الأحزاب السياسية، فقد اعترفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بما يقارب 230 كياناً سياسيا مسجلة منهم للتنافس في الدورة الانتخابية لعام 2018 وسرعان ما انتهت الى الاضمحلال وعدم الوجود ؛ لذا يتطلب وضع شروط أكثر صرامة لتسجيل الأحزاب وتقليل نسبتها من خلال زيادة رسوم التسجيل، وكذلك من خلال التركيز على جانب الطلب، أي: الحد من عدد المرشحين المتنافسين في كل دائرة انتخابية، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال حصر عدد المرشحين لكل قائمة انتخابية بعدد المقاعد المتاحة في كل دائرة انتخابية، وتوسيع نطاق الانتشار الجغرافي للأحزاب، وحذف اشتراط عضوية تمثل التنوع الإثني والطائفي في العراق .
أصبح من الواضح جدًا أن الحياة السياسية والاجتماعية في العراق تزداد سوءًا، مع تراكم الكم الهائل من التصدعات والمشاكل والمطبات السياسية دون حلول، وهو الأمر الذي يقابله موجات من السخط والغضب الجماعي من الجماهير المطالبة بإصلاح النظام السياسي، حتى انعدمت ثقة الناس في المشاركة في الانتخابات يوماً بعد يوم حيث بلعت نسبة المشاركة فيها 20% من مجموع الذين يحق لهم المشاركة قانوناً.
ولم يبقَ سياسي عراقي مسك بزمام الأمور في بغداد الا ومارس دور رجل السلطة والذي سبب استنزاف الامكانيات التي اتيحت والميزانيات الضخمة التي تبخرت دون تقديم اي خدمة للمواطن الذي هو المتضرر الاول في كل هذه الامور و دون ان تشهد اي محافظة من محافظات العراق تغييرا ملحوظا على مستوى الخدمات والأجواء العامة في مدنها ، وتقف محافظة البصرة من الخير و التي تمثل ينبوعاً للكرم والعطاء في العراق في الوقت في مقدمة المدن التي تعاني من قلة الخدمات وسوء المعيشة وشحة المياه رغم كونها المصب للنهرين العظيمين ( دجلة والفرات ) ويلتقيان على ارضها وتعيش على بحيرة من النفط وقريبة من مياه الخليج وهكذا بالنسبة لبقية المحافظات الاخرى ، اذا ابعدنا “اقليم كوردستان من هذه المعادلة ” وما رافق ذلك من حرب طائفية اشتركت في إيقاد نيرانها بعض الدول الحاقد على تاريخ وحضارة العراق و لانتزاع مناطق كي تكون ثغرات نفوذ لها داخلياً بناءً على اعتبارات طائفية او قومية والتي كانت ما مرسومة لها ضمن خارطة الشرق الاوسط الجديد ( القليم الكوردي والاقليم السني والاقليم الشيعي ) و ترسخت و أفرزت إفرازاتها على العراق بسبب تكوين الحكومات المتعاقبة في بغداد بعد أحداث عام 2003 م ، مما اوجد البعض من اشباه السياسيين المتشبعين بتأجيج الصراعات الطائفية وإظهار الاختلافات الديموغرافية بشكل أكبر لإحداث فجوات مذهبية وتمييز مناطقي جيو- ديموغرافي سياسي مذهبي متصادم مع الواقع المجتمعي الرافض لمثل هذه الصفات النكرة والغاية في الفائدة من ذلك الصراع ، تشكيل حكومات ضعيفة لجني الفوائد المالية من السلطة والحصول على المكاسب الاقتصادية و لهم الدور الكبير في بلورة فكرة المحافظة على المناصب في السلطة قبل ترميم الدولة .