23 ديسمبر، 2024 9:06 ص

العراق … جزيرة اغنياء وبِحار فقر !

العراق … جزيرة اغنياء وبِحار فقر !

شهدت ساحة التحرير الاسبوع الماضي ، تظاهرة انسانية ، خجولة ، بقلة القائمين بها ، لكنها عميقة الهدف في معانيها .. كانت رسالة اجتماعية الى المسؤولين في البلاد والعالم … تظاهرة للمتقاعدين الذين جرفهم التضخم ، والاستقطاعات غير المفهومة الى جرف العوز .
مئات من المتظاهرين ، يمثلون ملايين المواطنين وأسرهم التي باتت ، تعاني شبح العوز ، في ظل غلاء فاحش ، وقدرة شرائية ضئيلة او معدومة ، ولو تسنى لوسائل الاعلام التواجد امام منافذ توزيع رواتب المتقاعدين العسكريين والمدنيين ، لقدمت صورة كلها أسى لأفراد قضوا جل أعمارهم في خدمة الوطن ، ولم يجنوا سوى الخذلان ، ونكران الجميل .. فمعظمهم ، يعجزون عن توفير حياة كريمة ، بأبسط متطلباتها لأسرهم ، ولديهم قصصاً مؤلمة؛ وأحداثا يدمعُ منها القلبُ قبل العين ، تنضحُ بالتعب والهم والفقر . المتقاعدون ، في وطن الغنى ، فوجئوا في المدة الاخيرة باستقطاع مبالغ متفاوتة من رواتبهم ، دون توضيح من الجهات الحكومية حول أسباب وحجم الاستقطاعات ، سوى القول بأن ذلك يقع في باب خطة تقشفية لمواجهة الأزمة المالية الحادة التي تواجه الحكومة… لكن المرء ، حين يرى اتساع ظاهرة البذخ في مفاصل الدولة ورموزها ، يصاب بالغثيان ، وقد صدق افلاطون بقوله الشهير (يجب ألا يوجد بين المواطنين سواء الفقر المدقع أو الثروة المفرطة لأن كليهما ينتج شر عظيم ) وها نحن نعيش الشر العظيم!
ان المتقاعدين المدنيين والعسكريين يعانون من تدني الرواتب وتراكم الديون عليهم ، والكثير منهم يعرضون انفسهم الى سلوك اجتماعي مؤلم بسبب كثرة طلبات الاستدانة من الاقارب والاصدقاء لسد حاجاتهم الأساسية واضطرارهم أحياناً للتعرض للدخول في عمليات الربا عند الاستدانة من مجموعات باتت معروفة للكثيرين ، فالطلبات الاسرية في ازدياد ، والتضخم في ازدياد ، فيما الرواتب في نقصان ، واصبحت هذه الظاهرة المتناقضة ، هي سمة لواقع حال المتقاعدين ، دون ان نرى اهتماما ملموساً من قبل الدولة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية ..
ان بالون المتقاعدين ، اوشك على الانفجار ، وعلى الدولة ان تدرك ان المتقاعد لا يمثل نفسه ، ومعاناته ، يعني معاناة اكثر من عشرة ملايين عراقي يدق بابهم الفقر بشدة ! 
لقد اصبح العراق اليوم جزيرة أغنياء من السحت الحرام ، تحيط بها بحار من الفقراء .. [email protected]