24 مايو، 2024 8:23 ص
Search
Close this search box.

العراق …. جدلية الهدم والبناء, مدارس البصرة نموذجا

Facebook
Twitter
LinkedIn

وصف جميل جدا للمنافقين “يقولون ما لا يفعلون”، والمناسبة هي صعود مجلس محافظة جديد ليحكم البصرة في الاربعة سنوات القادمه وهو تكرار للمجلس القديم والذي دمر مدينة البصرة وسرق ميزانيتها من خلال مشاريع كارتونية لا تغني ولا تشبع من جوع…لو حاولنا إسترجاع ذاكرتنا قليلا وبالتحديد إلى لقاء بثته قناة الفيحاء مع مرشحي مجلس المحافظة في حينها وردا على سؤال حول البرنامج الإنتخابي لكل مرشح…إنبرى احدهم الذي تقلد بعد ذلك منصبا مهما في المحافظة بمعنى القول وليس بالنص الحرفي وهذا مسجل في قناة الفيحاء قائلا “إن هدفنا الإنسان ولذلك سوف نركز أولا وأخيرا على الإنسان البصري والإستثمار بالإنسان” …إلى أخر من الجمل والعبارات المنمقة والتي نستطيع اليوم وبعد مضي أكثر من أربع سنوات القول إنها جمل لا تتعدى كونها صدرت من فم منافق دجال.
هناك آليات عديده لتنمية الإنسان ولكني سوف أركز على إحدى هذه الآليات وهي قطاع التعليم في البصرة الذي يشهد اليوم تراجعا كبيرا من حيث أولوية الإهتمام به من قبل مجلس المحافظة ومديرية تربية البصرة.
والمعروف إن واحده من أهم دلائل الإهتمام بالتعليم يأتي من توفير البيئة الصالحة والمناسبة من خلال تهيئة المدارس المناسبة والمجهزة بكل المستلزمات التي تجعل الطالب يعشق مدرسته وملتزق بها ولكن الواقع يخبرنا عكس ذلك وقد قلنا في مقالة سابقة نحن لا نصدق إلا ارض بصرتنا ولنرى ماذا أخبرتنا هذه الأرض عن واقع مدارس البصرة المنسية محليا وفدراليا..
لقد قام مجلس المحافظة ومن وراءه مديرية التربية ووزارة التربية بشن حملة عشوائية ضارية على المدارس الموجوده بالمحافظة وبدأ الهدم والتفليش لهذه المدارس وتلاعبوا بالطلبة حيث تم نقلهم من مدرسة إلى أخرى وحولوا الدوام في المدرسة الواحده إلى دوام ثلاثي ووصل الدوام في بعض المدارس إلى دوام رباعي…كما إن النقل كان عشوائيا حيث الطالب قد يحتاج إلى أكثر من واسطة نقل للوصول إلى المدرسه المضيفه دون الأخذ في الإعتبار إن هؤلاء الطلبة أطفال ومن الصعوبه على أولياء أمورهم تركهم يتنقلون من باص إلى باص لكي يصلوا إلى مدارسهم التي حلوا ضيوفا عليها بدوام ثلاثي أو رباعي…كل ذلك تم تحت حجة اقنعوا بها أنفسهم وصدقوا أنفسهم وحاولو تسويقها للشعب البصري وهذه الحجة مفادها إنها مدارس آيله للسقوط!!!
لكن في حقيقة الأمر إن ما تم عبارة عن حملة مبرمجه تهدف في ما تهدف إلى إستهداف جيلا بأكمله وما نشهده اليوم من التسيب وتنامي ظاهرة أطفال الشوارع إلا تحصيل حاصل لما حصل من عمليات هدم لدور التعليم في البصرة من قبل فئة لا تؤمن أصلا بالتعليم أن ما تؤمن به هو إستغلال هذا الوضع لتحقيق أعلى السرقات الممكنه من المال العام.
إن إنقضاض هذه الفئة على المدارس لا يمكن أن تشابه إلا إنقضاض ذئبا جائعا على فريسته ولا نكون مغالين إذا قلنا قد يكون الذئب أرحم بفريسته من هذه الفئة التي إنقضت على مدارسنا وقامت بهدمها وتدميرها…
هذا الواقع أخبرتنا به المدارس التي طالتها يد الهدم والدمار وهي تشكوا حالها وتنادي ولكن لا حياة لمن تنادي أما المدارس التي أخليت من الطلبة فهي تنتظر تنفيذ حكم الإعدام عليها تلبس الثوب الأحمر منذ أكثر من سنة بإنتظار تنفيذ حكم الإعدام.. تنظر إلى طلبتها بعيون دامعة يتفطر لها أقصى القلوب إلا قلوب المفسدين فهؤلاء قد ختم الله على قلوبهم وإنشاء الله جهنم مصيرهم.
قد يخرج علينا منْ يقول لماذا كل ذلك إن هذه الفئة فعلا تخشى أن تسقط هذه المدارس وحفاظا على الطلبة سلكت هذا المسلك…
لننظر للموضوع من هذه الزاوية وتعالوا لكلمه سواء بيننا وبينكم… الذي يريد ان يبني فعلا وهو صادق النية ويهمه الإنسان نفسه عليه أن يبني مدرسة على الأقل قبل أن يهدم مدرسة لا بل عليه أن يبني مدرستين قبل أن يهدم مدرسة هذه هي لغة البناء الحقيقية….
مرة ثانية قد يخرج علينا منافق أخر ليقول وأين الأرض التي تسمح لهم بذلك…
 ولكن هذا السؤال هم أجابوا عليه أيضا حيث صرح أحد أعضاء مجلس المحافظة الحالي وبالتحديد “رئيس مجلس المحافظة الحالي”  وهو محافظ البصرة السابق وكان تصريحة قبل الإنتخابات السابقة لمجالس المحافظات بالقول “إننا حصلنا على الموافقات الضرورية في بناء المدارس على أية قطعة أرض خالية تابعة لأية وزارة وبعد ذلك تستحصل الموافقات على إستملاك هذه الأرض”…
 واضح إنه كلام يدينهم وهو ليس أكثر من كلام موسمي كان لغرض الإنتخابات وبعد ذلك حينما إنتهت حفلة الإنتخابات وأخذوا نفسا طويلا عادت معاولهم لهدم ما تبقى من المدارس لتحقيق أقصى أرباح ممكنه على حساب أطفالنا.
ثم لننظر إلى العدد القليل القليل من المدارس التي بنيت على أنقاض المدارس التي تم هدمها هذه المدارس عبارة عن صناديق أشبه ما تكون إلى سجون منها إلى مدارس فضلا إنها آيلة للسقوط للفساد الذي أحيط بعقود تنفيذها…
نحن اليوم في القرن الواحد والعشرين وعندما تبنى مدرسة في هذا القرن يجب على الأقل أن تكون مشابهة للمدارس في الدول الأقليمية المحيطه بالعراق ولا نقول أفضل منها على إعتبار إن العراق أغنى دول المنطقه..
كنا نأمل أن تكون هذه المدارس الجديده نموذجية بكل ما تحمل الكلمة من معنى وليست صناديق وأقفاص لا تصلح حتى لتربية الحيوانات هذه المدارس التي بنيت وهي لا تتعدى اصابع اليد الواحدة… بنيت بهذه الهندسة المتردية وبهذه النماذج الكارتونية وكل جدار من جدران هذه المدارس يلعن من قام ببناءها والأرض التي بنيت عليها تبكي اطلالها القديمه والتي كانت بكل المقاييس افضل حالا من الجديد..حيث تشققت جدرانها ولم يمضي على إفتتاحها أكثرمن ثلاثة أشهر…
لقد قمت في الأيام الأخيرة بزيارة لبعض المدارس في محافظة البصرة لأخذ فكرة ميدانية عنها…وقد هالني ما شاهدت في هذه المدارس…المدارس التي زرتها كانت واحده في منطقة الجمهورية والأخرى في منطقة نظران…ولكي تصل لهذه المدارس عليك سلوك طرق ملتوية غير مبلطة أشبه ما تكون بالشوارع وتحس للوهلة الأولى إنك تسير في طرق قد تكون في مجاهل أفريقيا ولا نغالي إذا قلنا قد تكون الصومال أفضلا حالا منا
 وتساءلت مع نفسي كيف من يدعي البناء تسول له نفسه إعادة 79% من ميزانية المحافظة والمحافظة بهذه الحالة المزرية…
أما المدارس التي زرتها فهي لا يمكن أن يطلق عليها مدارس ولا يمكن أن تحمل هذه التسمية…هي ليس أكثر من مكب للنفايات الأتربة والأوساخ في كل زاوية من زواياها, الرحلات مكسرة وجدران الصفوف مشوهة لا وجود لدورات المياه ويمكن أن تطلق أية وصف على هذه البناية إلا لفظ مدرسة…فهي على الإطلاق ليست مدرسة ولا تحمل أية إشارة لنطلق عليها لفظة مدرسة إلا لا سامح الله وجود أبناءنا الطلبة المظلومين فيها…
جلست في غرفة الإدارة على كتلة حديدية تم تغليفها بعد وضع طبقة إسفنجية عليها بطريقة توحي بحجم الفساد لدى الزمرة القائمة على قطاع التعليم في البصرة…وقد أخبروني إن هذه الكتلة الحديدة قد وزعت على المدارس على إنها أثاثا جديدا والله يعلم كم كلفت هذه الكتل الحديده…
وقتها اقتنعت أن مجلس المحافظة ومن وراءه مديرية تربية البصرة لا ينظروا إلى المدارس إلا كونها سجون صغيرة ولذلك حتى تأثيثها يأتي مشابها لتأثيث السجون…
ألا سحقا لمجلس محافظة لا يرى أبعد من أرنبة أنفه…
ألا سحقا لمديرية تربية البصرة التي لا ترتقي إلى أكثر من مديرية للسجون وهي لا تصلح لأكثر من ذلك.
ألا سحقا لكل من يسرق درهما واحدا من ميزانية البصرة أو يعيد درهما واحدا للمركز والبصرة ومدارس البصرة بهذه الحالة المزرية…
وليتذكروا هؤلاء وكل من لف لفهم إن جدلية هدم البصرة هو أقصى أنواع الظلم
والظلم إذا دام دمر….

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب