العراق جمجمة العرب ورمح الله الذي لا ينكسر في الأرض ،موئل الحضارات الإنسانية كلها ،أول من علم البشرية الحرف ،وأول من سن القوانين والتشريعات ،وابتكر العجلة والفنون الجميلة في النحت والعمارة ، شهد عشرات الغزوات الهمجية والاحتلالات البربرية عبر تاريخه المجيد وكلها ذهبت أدراج الرياح وهزمت شر هزيمة ،وبقي العراق واحدا موحدا بشعبه وأرضه وتاريخه الوضاء ،متنوع في نسيجه الاجتماعي، وهذا هو سر قوته وصلابته ،وفشل الأعداء في تفتيته وتقسيمه على أسس الطائفية والقومية والعرقية والاثنية ،يشهد اليوم صراعات سياسية وحزبية بين كتل وأحزاب جاء بها الاحتلال الأمريكي ،لتشكل حكومات المحاصصة الطائفية بأمر من إدارة المجرم بوش،وقد أوصلت هذه الحكومات الطائفية التحاصصية البلاد الى حرب أهلية طائفية عام 2005 و2006،وظلت الحكومات تمارس الاستبداد والتهميش والإقصاء والفساد الذي ضرب كل مفاصل الحكومة بشكل لم يشهده تاريخ العراق ،ناهيك عن الاغتيالات والاعتقالات والتفجيرات واغتصاب النساء في السجون السرية والعلنية ،وفرض قانون 4 إرهاب الذي تدفع ثمنه طائفة واحدة ويزج أبناؤه في سجوه مظلمة دون محاكمات لسنوات طويلة ،مع تطبيق مزاجي تعسفي لقانون المسائلة والعدالة ،هذا اليوم ولهذه الأسباب خرج العراقيون في اغلب محافظات العراق ليقولوا للظلم والاستبداد والطغيان والطائفية كفى ،في تظاهرات مليونية غاضبة وثورة عراقية خالصة، خلت من الشعارات الطائفية والكلام الطائفي ،وهي ثورة سلمية بامتياز وعراقية بامتياز ،وليست (مدفوعة الثمن )،كما هي مظاهرات حكومة المالكي الفقيرة بإعدادها والطائفية المقيتة بشعاراتها ،الثورة العراقية والربيع العراقي لم تطالب بمطالب تعجيزية ولا خيالية ،وإنما طالبت برفع الظلم عن أبناء الشعب العراقي الجريح ،فطالبت بإلغاء قوانين بريمر 4 إرهاب واجتثاث البعث وإطلاق سراح ألوف المعتقلين الأبرياء في سجون الحكومة، وإطلاق سراح السجينات العراقيات واللائي تعرضن الى اغتصاب وحشي في السجون ،واعترف بهذا المدعي العام كاظم الطائي ،وغيرها من المطالب المشروعة والتي اعترف بها مسئولون وأعضاء دولة القانون، والمرجعيات الشيعية الكبيرة ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وغيرهم ،إلا أن المالكي وحكومته ،أخذت تسوف هذه المطالب وتتجاهل التظاهرات وتشكل اللجان الخادعة التسويفية وتبعث مسؤليها الى التظاهرات لذر الرماد في العيون ، مما اجبر المتظاهرين الى رفع سقف مطالبهم ردا على هذا التسويف والتجاهل بالمطالبة بإسقاط النظام ،فصار شعار الثورة الآن (الشعب يريد إسقاط النظام )،ولكن الى أي مدى سيوصل هذا الشعار، وسط إصرار حكومة المالكي على التجاهل وتصعيد الأوضاع الأمنية المتفجرة أصلا ،المشهد يزداد قتامه وخطورة ،في ظل غياب لغة العقل والمنطق ،بعيدا عن ركوب موجة الطائفية التي ستوصل البلاد حتما الى الحرب الأهلية الطائفية،وغياب تام لدور الأمم المتحدة وممثلها( مارتن كوبلر) الذي يبدو انحيازه كاملا لطرف الحكومة على حساب معاناة الشعب العراقي ،وقد طلبنا في أكثر من مرة طرد مارتن كوبلر من العراق لكذبه وفشله وانحيازه ضد إرادة شعب العراق ،ضاربا قوانين الأمم المتحدة وحقوق الإنسان عرض الحائط ،وكذلك غياب رئيس الجمهورية التي منح فرصة غيابه لرئيس الوزراء بالتفرد بالسلطة والمضي في إجراءات تعسفية ضد المتظاهرين وعدم تلبية مطالبهم الشرعية وإنهاء حالة الانقسامات والصراعات السياسية بين الكتل في العملية السياسية والتي أدخلت البلاد في النفق الطويل ،فإلى أين تقود البلاد سياسة المالكي الفاشلة ،وهل تحقق الثورة العراقية أهدافها المشروعة في إعادة التوازن الحكومي ،وإنهاء حالات الإقصاء والتهميش والاستبداد الطائفي والتفرد بالسلطة على حساب طوائف شعب العراق الجريح ،أم ستأخذنا الى حرب أهلية لا يريدها شعب العراق ورموزه وعشائره وطوائفه ومرجعياته ،حرب لا تريدها إلا ايران وحكامها الطغاة للثأر من شعب العراق لأحقاد تاريخية ،وما تدخلاتها السافرة العسكرية والميليشياوية والسياسية في الشأن العراقي، إلا تأكيد على إصرارها على إيذاء شعب العراق وإضعافه وقتل أبنائه ،الثورة العراقية ماضية لتحقيق أهدافها الكاملة ،مهما بلغت التضحيات ،ولو كره الظالمون ..انه الربيع العراقي فانتظروا عبيره واخضراره .قريبا بإذن الله …….