18 ديسمبر، 2024 9:06 م

العراق تركيع و تقسيم

العراق تركيع و تقسيم

العراق تلك المنطقة التي اختلف العلماء حتى في أصل تسميتها ، فمنهم من ذهب الى أنها تعنى دماً من البحر و فيه سباغ و شجر وهو شلطئ البحر أي أنها شاطئ نهري الدجلة و الفرات , ومنهم من رجح تسميتها الى أنها تعنى المستوطن و قسم رجعها الى أنها فارسية الاصل ، و هذا يعنى و على الرغم من أنها مهد الحضارات و موطن الأنبياء و الرسل و على أرضها شهد الانسان الحياة منذ سنوات عديدة تقدر بالالاف و الملايين ، إلا أنها كانت ساحة الصراعات و النزاعات سواء بين ساكنيها او خارجيها ، فالأنسان الذي كان يعيش على أرضها لم يكن على مأمن من نفسه وأنما الخوف و الفزع من سمات يومياته , و كان الاختلاف و الخلاف و السيطرة على الاخر لخضوعه او دحره من الوجود بكل الوسائل مشاهد شبه يومية لأسباب عديدة ، حتى توافقت المصالح الدولية بعد انهيار الدولة العثمانية على تأسيس دولة العراق من مكونات عديدة (سنية – شيعية – كوردية) على الرغم من ارادتها و المعرفة المسبقة لهذه الدول بعدم تجانسها مع بعضها البعض لذا كانت فكرة السيطرة طاغية لمن في السلطة ، و يظن كل مخالف له تهديداً له فكانت الأعتقالات والتصفيات الجسدية و حملات الابادة الجماعية و الاسلحة الكيمياوية أداة لتركيع المقابل و خلال (80) ثمانين السنة الاولى لتأسيسها كان المكون السني متمسكاً بزمام الامر فحاول بشتى الاساليب تركيع الكورد و الشيعة و صهرهم في بوتقته ، فكانت الثورات و الانتفاضات الشعبية سمات بارزة لتلك الحقبة من الزمن … حتى نضجت الظروف الدولية و لبت أمريكا لمصالحها و لأهات الشعب العراقي فحرر العراق من السلطة السنية الحاكمة مستهدفاً بناء مجتمع ديمقراطي ينعم في ظله الجميع بحقوقهم و لكنها كانت مجرد أحلام وردية ، و ما ان استلم المكون الشيعي لكونه الاكثرية زمام المبادرة والسلطة (وان كان بطريق الانتخاب) حتى بداء بعملية تركيع السنة و الكورد (نوعاً ما) لصالحه فبدأ الثأر و المظالم تطفو على السطح و باتت مشاهد يومية و القتل على الهوية و الدمار على الرغم من المشاركة الرمزية للمكون السني و محاولةأشراكها في العملية السياسية و لكنها كانت دون جدوى فأصبحت السجون

ممتلئة بهم تحت ذريعة الارهاب مثلما كانت سابقاً ممتلئة بالكورد و الشيعة بحجج ملتفقة واهية …

ان كل هذه الاحداث و القراءات السريعة لها تدلنا بوضوح على ان العراق و منذ القدم كانت ساحة المعارك و لا زالت و ان لم تكن المصالح الدولية و خاصة الامريكية وراء بقاء العراق واحداً متحداً لما بقى حتى الان دولة بأسم العراق لأن الواقع الفعلي يؤشر بأن العراق منقسم على نفسه (شيعي وسني و كوردي) و لايمكن العيش مع بعضهم البعض على الرغم من معارضة خجولة لذلك وراء ستار الوحدة الوطنية والاخلاص للعراق إلا أنه في الاصل الكل يريد التقسيم مع الاختلاف في نوعية التقسيم ولذا فإن مسلسل التركيعات و الاخضاع لاتنتهي إلا بتقسيم وفق أساليب قانونية و دستورية يتفق عليه الجميع و إلا سيكون الاتى أدهى وأمر و يأكل اليابس و الاخضر معاً لأن العراق بلد الكر و الفر و الحل الداخلي يكون أنسب من حلول خارجية تفرض بالحديد و النار و ماسبق من تجارب مريرة لاتبشر بالخير ان استمر الحال هكذا …