تلاطمت أمواج السياسة بين مقبول ومرغوب , فما أن أعلن رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي عن استقالته حتى دخلالعراق في نفق مظلم لا نهاية له , وكلما أردنا الاقتراب من الضوء نتفاجئ بنفق أخر يتحتم علينا السير فيه للوصول , فالجميع متفق أن لا نهاية لهذا النفق وينبغي للبلاد تبقى تدور في رحى الصراعات , ويبدو أن هناك أيادي خفية تعملعلى هذا الأمر من خلال محاولة إبقاء الملف السياسي شائكاً عبر الصراعات والنزاعات بين القوى السياسية , و لولا انهذه القوى السياسية ليس من مصلحتها ضياع البلاد وسقوطها مرة ثانية بيد معادلة ظالمة جديدة , لقلنا أنهم من يعملعلى وضع العصا في عجلة التقدم في العملية السياسية والتي شابها الكثير من علامات الاستفهام في كيفية التعاطيمع كل هذا الوضع السياسي المتأزم , فالخلافات أضرت كثيراً في عجلة التقدم في كافة المجالات وأضحى العراق حكومةبلا دولة وسياسيين بلا مفهوم للسياسة , لأنهم عمدوا على صنع مفاهيم سياسية على مقاييسهم وسعوا إلى إعادةضبط القوانين وبما يخدم مصالحهم الفئوية والحزبية والشخصية , فساهموا في إشاعة مفهوم التخندق والطائفيةوالقومية والعنصرية والمناطقية , وأمسى العراق ليس موحداً , فالجنوب الشيعي يعيش أسوء حالاته والغرب السنييراهن على القادم , بينما الشمال الكردي مستقل لاينظر إلا أمامه وما تحت يده .
لقد تعاطت الكتل السياسية عموماً بشكل سلبي مع المرشح عدنان الزرفي , فلم تمهله حتى اخذ الموافقات من القوىالسياسية عموماً , إذ ما أن أعلن الرئيس برهم صالح ترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء حتى تنادت هذه الكتل فيما بينهالإعلان موقفها الرافض له , وعلى الرغم من موقف بعض الكتل السياسية المؤيد لتولي السيد الزرفي لذلك إلا انه لميستطع تكملة المشوار نحو كرسي الرئاسة , الأمر الذي اعتبرته بعض الكتل السياسية خروج عن السياق العام للترشيحوالسير قدماً نحو التكليف , ولكن ما حصل مع السيد الكاظمي يبدو لافتاً جداً، إذ إن الحضور الملفت لقادة الكتلالسياسية واجتماعهم في لحظة التكليف يعطي شعورا بالانفراج السياسي بعد عملية الشد والجذب التي سادت سابقاً .
اعتقد وكما يرى الكثير من المحللين ان عملية التصويت على كابينة السيد الكاظمي تسير بهدوء وعلى الرغم من العراقيلوتشبث الكتل السياسية بحصصها من الوزارات إلا أن القارئ يجد ان هناك تصميماً لدى الجميع على التصويت عليهافي مجلس النواب , والانتهاء من صفحة تشكيل الكابينة الحكومية , والسير قدماً نحو حل المشاكل التي تعصف بالبلاد, خصوصاً مع التحرك المشبوه لعصابات داعش الإرهابية في بعض مناطق البلاد , إلى جانب الوقوف بصورة جادة فيملف العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطبيق الاتفاقية الأمنية بين الجانبين , وغيرها من ملفات مهمة أثرت علىالوضع العام في البلاد لذلك سيكون لزاماً على الكتل السياسية التوافق والإسراع على تشكيل هذه الكابينة وبما يحققالتهدئة والاستقرار في المنطقة .