لم يعد خافيا على احد المنهج الانقلابي والتلون والتغير من حال إلى حال وبسرعة الضوء الذي تبناه ويتبناه السيد السيستاني فمن السكوت والدعم لصدام في حربه ضد الاحتلال إلى دعم ومباركة الاحتلال ، ومن اتهام السعودية بالإرهاب والـتآمر على العراق وتحريم شراء البضائع السعودية إلى توجيه الأوامر ببناء علاقة جيدة مع الرياض وتبادل رسائل الثناء بين الطرفين ، وفي كل موقف نجد التبريرات والتفسيرات والتأويلات الحاضرة والجاهزة ، وأما ما كان يردده الانتهازيين من الرموز الدينية والسياسية والخطباء والكتاب والإعلام والشعراء والرواديد والسواد من الناس من اتهامات للسعودية صار “اكس باير” وفعل ماضي مبني على الضم والفاعل ضمير ميت مبني على السكوت لحدوث الانقلاب ….
لسنا ضد أن يعود العراق إلى حاضنته العربية ودوره الريادي والفعال في الساحة العربية والدولية وبناء علاقات حسن الجوار وتبادل المصالحة المشتركة فهذا هو توجهنا ، ولكن نحن ضد أن يكون العراق مسرحا للعب وممارسة فن التلون والانقلاب الفجائي الذي ينطلق من دائرة المصالح الشخصية والأجندات الخاصة والذي لا يراعي المبادئ والقيم والمصالح العليا للبلاد والعباد ، وما هو إلا ضحك على الذقون ولعب واستخفاف بالعقول وسحق لمشاعر الناس .
سنوات وسنوات والعراق وشعبه من سيء إلى أسوأ ، سنوات وسنوات حقن وشحن طائفي مقيت وقتل وتشريد وتهجير وقمع وإقصاء وتهميش وخطابات طائفية متصاعدة وأزمات واتهامات ، ومحرقة… ومحرقة كبرى مهلكة في ظل الاحتلال وحكومات الاحتلال ، وبمباركة ودعم السيد السيستاني ، ولم يفكر السيد السيستاني في توجيه الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ببناء علاقات جيدة مع السعودية أو محيطه العربي ، بل كان الخطاب والشحن عكس هكذا توجهات ، وأن السعودية دولة الإرهاب كما اشرنا في مقدمة المقال ، وان الدول العربية ضد العملية السياسية في العراق ، وغيرها من ثقافات عدائية تم تصديرها بصورة موجهة ومركزة ، وهنا نتساءل لماذا لم يبادر السيد السيستاني إلى هذا الخطوة من البداية وهو صاحب القول الفصل والقبضة الحديدية على مقدرات العراق وشعبه ؟!!!.
هل أن السيد السيستاني أدرك أن الخطر يقترب من بابه ؟!!!، أم انه أدرك فشل الفتوى الطائفية فسارع إلى مد يد العون إلى السعودية ومن بعدها قطر للضغط على “داعش” لأنه يرى أنهما تؤثران عليه ؟!!!
هل أن السيد السيستاني أدرك أن ما صرح به السيد الصرخي بانهيار إيران هو واقع لا محالة فاضطر إلى توجيه بوصلته نحو السعودية والمحيط العربي قبل فوات الأوان ؟!!!، أم أنها مناورة إيرانية مرحلية يقوم بدورها السيد السيستاني لتخفيف الضغط وفك الاختناق ، فالعبادي سافر إلى إيران بعد أن التقى السيستاني ، وبعدها يذهب معصوم إلى السعودية حاملا معه رسالة السيد السيستاني وتوجيهاته ببناء علاقات جيدة مع السعودية ، ولا ننسى زيارة المسؤولين لقطر وتركيا ؟!!!.
هل أن السيد السيستاني أدرك خطأ وفشل مواقفه وحلوله السابقة التي تمخضت عن خراب ودمار وضياع وطائفية مهلكة ، وإخراج العراق من محيطه العربي وجعله تابع لإيران وتحت تصرفها وهيمنتها ؟!!!وهنا يتفرع تساؤل آخر وهو كيف يعقل أن من يشغل موقع المرجعية تصدر منه هكذا مواقف مدمرة والمفروض انه يستنطبها من المصادر الشرعية ؟!!!، فهل الخلل في الشريعة ؟!!!أم أن الخلل في فهم وإدراك السيد السيستاني لها ؟!!!.
المتتبع للمنهج الانقلابي الذي يتمسك به السيد السيستاني لم يتمخض إلا عن نتائج وخيمة مهلكة على العراق وشعبه ابتداء من موقفه مع صدام وانقلابه بعد الاحتلال ولهذا لا يصح كلام المبررين والمؤوِّلين والمفسرين العباقرة حينما يقولون ان المصلحة تقتضي ذلك فقد اثبت الواقع المعاش والملموس إن مواقف السيد السيتاني الانقلابية تسببت في خراب ودمار والوطن والمواطن حتى أن السيد السيستاني وإخوته المراجع اعترفوا بذلك وهذا واضح من امتناع السيستاني عن استقبال السياسيين ومطالبته بالتغيير حسب ما روج الأعلام .
إنها لعبة وفن التلون والانقلاب الانتهازي النفعي ، إنها سياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم لأن الضابط والمعيار هو المصالح الشخصية والأجندات الخاصة ، أما مصلحة العراق وشعبه فقد حذفت لالتقاء تلك المصالح والأجندات الخاصة …