منذ عام 2003 كان طموح وتطلعات أغلب الجماهير العراقية أن ينتقل بلدنا إلى وضع أفضل من سنوات الحصار التي دامت أثنتا عشرة عاما والتي تعرض فيها العراقيين لأقسى الظروف ولاسيما تعرضهم إلى الموت البطيء الذي كان يحصد بنا بسبب قلة الدواء وتفشي أمراض عجيبة وغريبة لم يكن العراقيين يألفونها من قبل وهي أمراض جاءت بسبب انتشار اليورانيوم المنضب الذي استخدمته القوات الأمريكية أيام حرب الخليج الثانية عام 1991 . ولكن هذه التطلعات ذهبت أدراج الرياح . كنى نحلم بتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة التي تحقق طفرة نوعية في اقتصاد البلد تقود إلى تحقيق التنمية الاجتماعية والرفاهية والقضاء على البطالة والحرمان والفقر ولاسيما بعد ارتفاع أسعار النفط تلك التنمية التي تعيد تشغيل المصانع وتدفع بالقطاع الصناعي للأمام وتعيد النمو والازدهار للقطاع الزراعي لكي يصب كلاهما في الميزانية العامة التي أصبحت ومنذ عام 2003 تعتمد على ريع أحادي الجانب وهو البترول الذي لم يعد ملك الشعب العراقي بسبب سيطرة الشركات وسوء الإدارة الوطنية لهذا القطاع المهم في حياة العراقيين ومعيشتهم بعد أن أصبح النفط العراقي السهل الإنتاج والذي لا يتطلب تكلفة كبيرة لاستخراجه للبرميل الواحد سوى دولار واحد أو دولار ونصف كأعلى تقدير ، لكن من المؤسف أن يصبح استخراجه للبرميل الواحد 22 دولار فضلا عن جولات التراخيص التي تكلف العراق 15 مليار دولار سنويا . هذا يدفعنا للخوف خصوصا بعد تراجع أسعار النفط لهذا العام ومن المحتمل أن يصل إلى مادون 30 دولار للبرميل الواحد . وهنا أصبحنا أمام مستقبل مجهول ومخيف في الوقت ذاته وإذا لم تــُـرسم خطة علمية ومدروسة لإنقاذ البلد اقتصاديا فإن اقتصادنا متجه نحو الهاوية لا محالة وليس لصالح الشعب وهذا واضح جدا لان المصروفات أو الصرف الداخلي للواردات أكبر من الدخل المتوفر المتأتي أساسا من ريع قطاع واحد هو النفط فقط . أمام تراجع القطاع الصناعي وموت القطاع الزراعي . ويبدو أن الأشهر القادمة والمقبلة ستشهد انهيار قيمة الدينار العراقي إذا لم يتم تدارك الكثير من الأمور وأهمها إنهاء السياسات الخاطئة التي يتبعها البنك المركزي العراقي فيما يخص بيع العملة أو ما تعارف على تسميته بمزاد العملة وهذا يعني ضياع الاحتياطي من العملة الصعبة . ومن ثم تلجأ الحكومة للحصول على القروض من المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي وما يترتب عليها من فوائد كبيرة ولا يتم توظيف تلك القروض بالشكل الذي يحقق مشاريع مربحة وإنما يتم استخدامها كمعاشات أو رواتب ليس إلا . والمشكلة إن الجهات التي تشتري العملة تقوم بتحويلها إلى الخارج . أذن العراق مقبل على إفلاس دون اهتمام يذكر من الجهات الرسمية . والسؤال الذي يطرح هنا .. هل من حلول ؟ هناك حلول كثيرة أولها إعادة التعاقد مع الشركات النفطية الأجنبية التي تستثمر في قطاع النفط العراقي من خلال الضغط عليها بتخفيض تكلفة الاستخراج للبرميل الواحد إلى أقل من 22 دولار ، وتفعيل القطاع الصناعي والزراعي والسياحي وقطاع الاستثمار المبرح وهذا لا يتم إلا بالقضاء على الفساد وسراق المال الحكومي وإيقاف المزاد العلني للعملة وعدم السماح بتهريب الأموال للخارج وتفعيل قانون من أين لك هذا . فضلا عن الأبنية والممتلكات العائدة للدولة والتي تسيطر عليها الأحزاب السياسية والتي من الممكن عرضها للبيع بما يوفر مبالغ طائلة لدعم الميزانية العامة . تفعيل السياسية الخارجية العراقية ومسك العصا من
النصف من خلال تحسين العلاقات مع المنظومة العربية والخليجية تحديدا للحصول على الدعم المالي ، بالإضافة إلى ضرورة التنسيق لجلب قوات أجنبية دولية لمحاربة داعش على الأرض لأن الإرهاب ضد العالم أجمع ومن واجب الدول الأخرى وخاصة أمريكا وأوربا أن تتصدى له