يجمع بينهما النذر، وإختلاف الرؤى في قبول واقعة الطوفان من عدمه، الى جانب الجغرافية، هذا هو القاسم المشترك بين طوفان نوح الذي غيّر خارطة العالم القديم، وقضى على كل الجنس البشري المعاند لدعوة التوحيد التي جاء بها نبي الله نوح ، ماعدا نفر قليل من المؤمنين ممن ركبوا في السفينة، وبين طوفان سد الموصل المرتقب، مع الفارق أن الأول لم يحمل مؤشرات مسبقة لشكل الغرق من خلال معطيات وظواهر، وانما نزل العذاب مرة واحدة ، فيما يحمل الثاني حالة التداعي المرتقب، لإنهيار السد، وحجم التأثير الذي سيلحقه الفيضان على الحرث والنسل، والذي قُدر بوقوع نحو 5 ملايين عراقي بين غريق ومشرد خلال يومين فقط من انهيار السد، فضلا على تلف محاصيل زراعية واراض قد تشكل 15% من اراضي العراق الصالحة للزراعة، اما الدمار المادي فيقدر بحسب احصائيات اولية باكثر من 200 مليار دولار، الى جانب اربع سنوات من العمل لازالة اثاره التدميرية.
لكن، تتباين وجهات النظر في حقيقة وقوع الإنهيار من عدمه، ففيما تقلل مصادر حكومية من مخاوف الإنهيار عادته جزءاً من التهويل الإعلامي الذي تقف وراءه جهات محلية ودولية، تؤكد مصادر حكومية أخرى وجود نزاع مؤسسي على الحصول على عقد إحالة أعمال الصيانة، وبخلافه سوف تعرقل أية عمليات لإنقاذ السد، على قاعدة ” عليّ وعلى أعدائي”، غير مكترثة بالنتائج الخطيرة التي تهدد البلاد والعباد لو وقع المجظور وانهار السد، وحصل الطوفان، المهم أن تستثمر المصائب التي تحيق بالعراق في تحقيق المكاسب المالية، و ” مصائب قوم عند قوم فوائد”.
السد .. القنبلة الموقوتة
الذين يتبنون نظرية المؤامرة، يرون أن السد غير معرض للإنهيار، لكن ربما يتعرض الى قصف بطائرات أمريكية ، أو بتفجير تنفذه جهة من حهات الصراع هناك، لحسم المعركة، من دون غالب أو مغلوب، وبالتالي تتغير جغرافية الأرض وتوزيعها السكاني.
ويؤيد هذا الرأي، بعض موظفي السد، من الذين يشتغلون في مجال الحقن، مؤكدين عدم وجود تصدعات في السد، لا فتين الى أن أعمال الحقن تجري بشكل طبيعي، ولايوجد خطر يذكر، مشيرين الى أن 85 % من سدود العالم تعتمد على الحقن في إدامة السدود، وليس سد الموصل وحده.
ويتماشى هذا التوجه مع موقف وزارة الموارد المائية الذي أعلنه وزيرها محسن الشمري، الذي إستبعد إنهيار السد، غير أن مسؤلاً رفيعاً كشف لموقع “الخليج أونلاين”، عن أن الوزارة تعرقل عمليات إنقاذه، مبيناً أن “وزارة الموارد المائية، تريد أن تحيل أعمال الإصلاحات والصيانة إلى شركة مرتبطة بعقود عمل مع الوزارة، وهناك منفعة في ما بينهم”.
تهديد حقيقي
في المقابل، يأتي رأي مغاير يؤكد وجود الخطر، وأن تهديده يزداد مع إقتراب الربيع وانصهار الجليد، مؤكدين أن المعلومات تنذر بكارثة كبيرة، متهمين أطرافاً حكومية بالتهوين من الأمر للإستئثار بعقود حقن البوابات.
وفي هذا الصدد، حذر خبراء جيولوجيون من أن التصدعات في سد الموصل باتت خطيرة، وتهدد بانهيار السد وغرق الموصل، مشيرين الى أن المياه ستصل إلى بغداد خلال ثلاثة أيام.
كما أكد الخبراء أن مياه السد تكفي لإغراق بغداد بالكامل وتؤدي إلى تشريد أهالي بغداد وانهيار البنية التحتية.
يذكر أن الحكومة المركزية تعاقدت مع شركة، تريفي، الإيطالية لإصلاح وصيانة سد الموصل بكلفة كلية بلغت 284 مليون يورو من دون تحديد سقف زمني لإنهاء مهمتها، ما يثير الشكوك لدى المشككين عن طبيعة هذه العقود.
والكلمة الاخيرة للمواطن
المواطن هو الحائر الوجيد في هذه المعادلة، في ظل تراكم الأزمات التي يعانيها، حتى لم يعد يضع في حسابه أولويات التحديات التي يواجهها، فيما أخذ الشعور بالإنكسار مداه فهو لم يعر أهمية للطوفان، متأملاً بحدوث تغيير على أرض الواقع شبيه بذلك الذي حصل في زمن نوح، من دون أن يبحث له عن سفينة نجاة.