23 ديسمبر، 2024 5:13 ص

العراق بين فكي كماشة

العراق بين فكي كماشة

على اثر الانفجارات التي حدثت في قاعدة الصقر قرب الدورة جنوبي بغداد والتي روعت المواطنين. غرد السيد بهاء الاعرجي في تويتر بان الاسلحة التي انفجرت داخل هذه القاعدة هي “أمانة لدينا من دولة جارة، وقد استهدفت هذه الأمانة من دولة استعمارية ظالمة، بناء على وشاية عراقية خائنة”.

وبعد حل هذه المعادلة ذات المجاهيل الثلاثة يتبين لنا بان دولة جارة ربما هي ايران قد وضعت اسلحتها (ويبدو انها غير تقليدية) كامانة في قاعدة للحشد الشعبي (ذكر بانها للشرطة الاتحادية) . وقد استهدفت من دولة استعمارية مثل اسرائيل. بناء على وشاية عراقية خائنة. وتبقى هذه الوشاية في طي الكتمان، ومازالت لغزا، ربما لكونها تؤثر على الامن الوطني المستقر جدا في العراق

علما بان مصادر اعلامية اسرائيلية قد اعترفت صراحة بان اسرائيل هي التي كانت وراء هذه الضربة
ومما يؤيد ذلك ان السيد ابو زينب المياحي القيادي في الحشد قد صرح في احدى الفضائيات بان طائرات مجهولة هي التي ضربت القاعدة وليس بسبب تماس كهربائي او سوء خزن كما اعلن في وقت سابق

وقبل ايام قليلة شب حريق هائل مع انفجارات في قاعدة بلد في صلاح الدين، وهذه القاعدة تتمركز فيها كتائب جند الامام التابعة للحشد الشعبي ايضا

ويبدو ان اسرائيل تقوم بضرب قواعد الحشد في العراق كما تفعل في ضرب قواعد الميليشيات التابعة لايران في سوريا. ولا احد يجرؤ على التصريح بان اسرائيل هي التي تقوم بهذه المهمات وعلى رؤوس الاشهاد. لماذا؟ لان المقاومة الاسلامية لاتريد التورط في مواجهة مع اسرائيل. وهي التي نادت لسنين طويلة بيوم القدس وبان تحرير
فلسطين يمر عبر بغداد، وها هو طريق بغداد سالك وما من منازل

وهنا يثور سؤال، لماذا تجاهر ميليشيات الاحزاب الموالية لايران بعدائها لامريكا، وتقوم فعلا
بتهديد قواعدها. ولاتستطيع التصريح بان الطائرات الاسرائيلية هي التي تقصف قواعدها في سوريا والعراق. اليس هذا لغزا محيرا

وزيادة في التهديد والوقاحة تقول اسرائيل وعلى حسب ماورد بالقناة الرابعة الاسرائيلية ان ضربات الطائرات الاسرائيلية ستستمر في ضرب الاسلحة الايرانية المتواجدة في العراق. وهذا ما كنا نحذر منه من ان العراق سيكون ساحة الصراع الامريكي الايراني. وقد بدأت الحرب بينهما او بالانابة على ارض العراق وليس في ايران او امريكا اواسرائيل. فلماذا يدخل العراق طرفا في صراع لاناقة له فيه ولا جمل؟ . وهل يستطيع رئيس الوزراء السيد عبد المهدي ان يقول للاطراف الاقليمية والدولية المتصارعة ان العراق ملتزم بالحياد. ولايرغب الدخول في هذه الحرب؟ . وهو اساسا لايجرؤ على كبح جماح الميليشيات . وقد هددوا باسقاطه خلال اسبوعين اذا لم يستجب لقراراتهم ومطاليبهم . فاصبحت الحكومة العراقية رهينه بايدي الميليشيات وخصوصا الموالية لايران والتي سميت بالمقاومة الاسلامية كبديل عن شعار تصدير الثورة الاسلامية
وماذا حل بقرار دمج فصائل الحشد الشعبي بالجيش والمنظومة الامنية.. لا بل ان هناك محاولات بائسة لتصفية الجيش ودمجه بالحشد بدل ذلك. ليكون الحشد القوة الضاربة البديلة عن الجيش وعلى غرار الحرس الثوري. ومن ينكر ذلك عليه الذهاب الى منطقة جرف الصخر والتي سميت بالنصر ليرى مدى تغول حزب الله العراقي على الحكومة العراقية حتى لاتستطيع اي قوة عسكرية او مسؤول حكومي الدخول في هذه المنطقة المغلقة . وقد سبق وان صرح السيد رئيس الوزراء ان موضوع جرف الصخر معقد سياسيا ! . وهكذا تجرأت الميليشيات المسلحة حتى اصبحت اقوى من الحكومة

ان امريكا كايران برغماتية وهما يعملان على مايوافق مصالحهما ونفوذهما في المنطقة.. ولكن اين مصلحة العراق من هذا الصراع القائم بينهما ومن يدافع عنه . وقد اصبح ككرة ملتهبة يلعب بها فريقين او اكثر

ويتسائل المواطن المنكوب، المغلوب على امره اين موقف العراق المستقل وماهو مستقبله، وقد اصبح تارة حديقة خلفية لايران. وتارة ولاية امريكية تحت سقف البيت الابيض. ومازالت الدماء تسيل من ابناء الشعب العزل الممزوجة بدماء الجيش والشرطة ومتطوعي الحشد الشعبي من غير الحزبيين الجرحى والمعوقين الراقدين في دورهم دون رواتب تقاعدية او معونات، وليس هناك من يواسيهم او يعالجهم . والاحزاب متسلطة على رقاب الشعب بفسادها وميليشياتها الوقحة والمافيوية تساندها الدولة العميقة بكل ثقلها امام شعب مخدوع شلت ارادته وغسل دماغه فاصبح لاحول ولاقوة له

ان العراق قد اصبح بين فكي كماشة. فامريكا تطالبه بدعم جهودها في الضغط على ايران وتضييق الخناق عليها. تحت تهديد ايقاف الدعم العسكري والمساعدات المقدمة له
ومن جهة ثانية السيطرة الايرانية على كل مقدرات العراق السياسية والاقتصادية. وهي غير مستعدة لمغادرته، بعد ان اصبح الممر الاستراتيجي والممول الرئيس لها

وهكذا سيضطر السيد عادل عبد المهدي في نهاية المطاف الى الانحياز الى احدالطرفين في مواجهة الاخر. وعلى الارجح سيقف مع ايران للضغوط التي تمارسها عليه، ومعها الميليشيات المسلحة . ويتجاهل المطالب الامريكية، مما قد يتسبب في فرض عقوبات امريكية على العراق كالتي فرضت على ايران. والعراق في وضع قلق ليس فيه ارادة سياسية ولا قيادة حكيمة، خصوصا وان هناك محاولات جادة للاطاحة برئيس الوزراء
وهكذا فان الوضع سيزداد سوءا”ونحن امام عشائر مسلحة، وميليشيات تصول وتجول وتهدد وتتوعد
والدماء تسيل في كل يوم لاسباب شتى، فضاع الشعب بين ايدي سياسيين حمقى، ينتمون الى طوائف وقوميات شتى لاهم لهم الا التنافس لملئ جيوبهم بالسحت الحرام وهم يستلمون اوامرهم من دول جوار لاتريد للعراق النهوض مجددا، ولا تريد له مستقبلا واعدا خشية سطوته وهو العملاق القادر والمكبل

وازاء كل ذلك يتوجب على ابناء الشعب العراقي الاصلاء ادراك هذه المخاطر، والسعي لانقاذ الوطن . وقد اصبحت الحاجة ملحة لفرض حكومة تقف على الحياد لادارة البلد في هذه المرحلة الحرجة. واخراجه من هذا المأزق الواقع فيه والذي يهدد وجوده وكيانه ومستقبل ابناءه .