كان استقبال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير يوم 25 شباط 2017، مفاجأة سياسية، او بتعبير أدق خطيئة سياسية و ليست خطأة سياسية.
الكثير منا يتذكر، كيف ان السلطات السعودية، رفضت استقبال رئيس الوزراء العراقي السابق السيد نوري المالكي، و لم تسمح للطائرة التي كان على متنها، ان تهبط في مطار الرياض. أنا لا ادافع عن شخص المالكي، كما لا انتقد تصرف العبادي، ليس حباً باحدهما و كرهاً بالآخر، و انما اشعر بان القضية، تمس كرامة العراقيين.
فكيف ننسى كل ما لحق بالعراق من كوارث ارهابية، و السعودية هي من قادت، و دعمت، و دربت، و خططت، و مولت، عمليات تخريب العراق، على الطريقة الوهابية الارهابية ؟.
هل تتذكرون ان السعودية ظلت تتمنّع، عن ارسال سفير لها ليمثلها بالعراق، و لم تنفذ ما اراد العراق، إلاّ بعد تخاذل و تنازل و خنوع، وزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري، عندها بعثت ضابط المخابرات ثامر السبهان، سفيراً لها في بغداد؟.
والسبهان، اول ما وضع قدمة على ارض العراق، بدأ يتصل بالعناصر الداعمة و المؤيدة لداعش، و أخذ يقدّم لها كل المساعدات، التي من شأنها ان تقوّي داعش لتقويض الأمن في العراق.
هل تتذكرون تمثيل السعودية غير المناسب، في مؤتمر القمة العربية، الذي انعقد في بغداد للفترة من 27 الى 29 آذار 2012. حيث مثلها مندوب المملكة، لدى جامعة الدول العربية و مصر، السفير أحمد قطان؟.
ألا يعرف السيد حيدر العبادي، المبدأ المعمول به بالسياسة العالمية، القائل: المعاملة بالمثل؟.
ألا يعرف السيد العبادي، انه يمثل كرامة و سيادة العراق، فكيف يسمح لنفسه ان يستقبل، من عمل على اذلال العراق و تدميره؟.
ألا يعرف السيد حيدر العبادي، أن من مقتضيات السياسة الخارجية، استثمار المواقف الايجابية، و تحويلها الى عوامل ضاغطة ضد الطرف الآخر؟. و ان انتصار العراق على داعش، هي احدى الاوراق السياسية القوية التي بيده؟.
ألا يعرف السيد العبادي، أن الجبير جاء الى العراق (سعياً على الرأس لا سعياً على القدم)، بعدما حققت قوات الجيش، و قوات الشرطة الاتحادية، و قوات مكافحة الارهاب، و قوات الحشد الشعبي، أروع الانتصارات في مدينة الموصل، التي كانت قبل اشهر قليلة من الآن، عاصمة لدولة خلافة داعش؟.
يا سيادة رئيس وزراء العراق، ما ذا سيقدم عادل الجبير للعراقيين؟.
أنا اخبرك ماذا سيقدم الجبير … انه سيوعدكم بدعم السعودية للعراق، في مكافحة الارهاب. ذلك من أجل ذرّْ الرماد في العيون، لتحويل انظار العالم عن السعودية، بأنها ليست الدّولة الأمّ، في انتاج و دعم و تصدير الارهاب، للعراق و سوريا و اليمن و لبنان.
كما سيقدم لكم عادل الجبير، يا دولة رئيس الوزراء العراق، وعوداً بالتعاون الاقتصادي، بين البلدين السعودية و العراق، لحل الازمة الاقتصادية التي يمر بها العراق، لترميم بنيته التحتية، عن طريق الاستثمار و التنمية الاقتصادية.
من المؤكد (عندي من خلال استقراء الواقع)، ان عادل الجبير، لم يأت الى العراق بدافع (صحوة الضمير السعودي، أو لتصحيح موقف سياسي، أُتخذ سابقاً عن طريق الخطأ). و انما جاءت هذه الزيارة، عقيب حضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في مؤتمر (مكافحة الارهاب في جنيف).
هذا المؤتمر انعقد في الاسبوع الثالث، من شهر شباط 2017، تحت عنوان (إغاثة المناطق و المدن المتضررة من الإرهاب). و هذا المؤتمر نظّمه (المعهد الأوروبي للسلام) في بروكسل، و بمشاركة (المجلس الأطلسي) في (واشنطن)، و باشراف وكالة المخابرات المركزية الامريكية.
إذن زيارة الجبير للعراق، لم تكن مفاجأة، كما أَعلنت وسائل الاعلام، و انما جاءت بتنسيق مسبق، و نتيجة من نتائج مؤتمر جنيف، لطي صفحة تآمرية، صممتها امريكا و شركاؤها، في المنطقة و العالم، لتركيع العراق، و توريطه في مشروع سياسي مشبوه جديد.
و التخطيط لحملة جديدة لمرحلة جديدة، لم يعلن عن تفاصليها، لأنها لا زالت قيد الدراسة و التحليل الاستخباراتي، الذي يتطلب الكتمان و السريّة في العمل، الى أجل موقوت، قبل ان يعلن على رؤوس الاشهاد. ليصبح فيما بعد، واقعاً سياسياَ جديداً، و على الشعب العراقي القبول به، لأن المرحلة السياسية الجديدة تفرض عليه ذلك.