23 ديسمبر، 2024 2:31 م

العراق بين حب أهله المتنافرين وبغض أعدائه المتحالفين

العراق بين حب أهله المتنافرين وبغض أعدائه المتحالفين

لا يختلف اثنان على ان التحدي الأكبر الذي يواجه عملية التغيير ويعرقل مسيرة الاعمار والبناء ويكاد يشل الحياة اليومية للمواطن هو الارهاب بكل مسمياته وتنوع أساليبه وبكل تخبطه وعماه الذي ترجمه ميدانيا بعدم استثناء أي طرف من الأطراف أو تجاوز جهة من الجهات أو محاباة طيف من الأطياف بعدما باءت بالفشل والخذلان والنكوص محاولاته العديدة وسلوكياته المشبوهة في اثارة الفتن الطائفية بتصنعه الميل الى شريحة على حساب شرائح المجتمع العراقي الموحد خبثا وزورا وبهتانا، ولذا اندفع بجنون هستيري مستهدفا العراق بكل رموزه وحضارته ومعالمه التراثية بعدما أوغل في دماء العراقيين بلا استثناء. وتأتي جريمة احتلال مدينة الموصل من قبل عصبات داعش والمتحالفين معها واعلان الخلافة الاسلامية فيها شاهدا حيا ودليلا قاطعا على ان الارهاب لا يستثني احدا، وانه يستهدف العراق شعبا ورموزا وحضارة. ففي الوقت الذي خطط المجرمون لعزل المحافظات ذات الاغلبية السنية عن المركز وعن باقي محافظات العراق وتقطيع أوصال العراق وتجزئته ، عمدوا الى اعلان ما يسمى دولة العراق والشام ليضفوا على اجرامهم وتسلطهم صبغة  دينية كي يلتف حولهم البسطاء والسذج ممن تأثروا بطروحات شيوخ الضلالة الطائفيين العنصريين من جهة وليتمددوا الى محافظات العراق واحدة بعد الاخرى.وعلى ضوء هذه المؤامرة التي تورطت بها جهات سعودي وتركية وقطرية وحتى اميركية نرى كيف كشف اعداء العراق الجديد عن وجههم القبيح والمتمثل ببغضهم وحقدهم على العراق وأهله دون استثناء تنفيذا لاهداف واطماع معروفة لكل طرف من الاطراف المشاركة .

واذا تجاوزنا عملية البحث والنقاش والتقصي ووضع ألف علامة استفهام وتعجب على خطورة وطريقة وأسلوب حصول هذا الخرق الأمني الفاضح، واذا أغفلنا وقع هذه الاداث الكارثية على المواطن الذي أصيب بالاحباط وهو يرى وصول المجرمين الى أحس النقاط وأدق المفاصل والتي لا يجد لها عذرا ولا مبررا كما هي الحال في اختراق الأسواق والشوارع والأهداف المكشوفة.. اذا تجاوزنا وقفزنا على كل تلك الوقائع وغيرها فليس باستطاعتنا انكار ان تلك الكارثة صارت عامل توحيد وكشف غطاء وبيان الصبح لذي عينين. وعليه يتوجب على الجميع البدء بعملية كشف حساب جديد مع الارهاب بكل مسمياته، والذي يقع على المسؤولين- قبل المواطن البسيط- معرفته هو ان العملية السياسية بكل مفرداتها لا يمكن ان تتحقق وان المصالحة الوطنية لا يمكن ان تتم طالما هناك فعاليات وأنشطة تخريبية تحت أي مسمى. واذا كان معظم الأخوة النواب في البرلمان العراقي الوطني وكل المسؤولين في الحكومة قد ثبتوا بوضوح تام أهداف العمليتين الخطرتين وأكدوا على انهما مدعاة لمزيد من التلاحم والتآزر بين كافة الأطياف، فهم مدعوون الى المسارعة في عقد جلسات البرلمان وتسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة ،ومن ثم الانطلاق الى العمل المنتج .. الى العمل الجاد ضد هذا العدو المشترك وبترك “المنطقة الوسطى” بين الجنة والنار، بين الايمان والكفر.. ليس مع أو ضد!. بعدما جربوا على أرض الواقع عدم جدوى المهادنة وغض الطرف مع هذا النوع من السعار الذي لم يكتف بعظ الآخرين بل تعداهم وأخذ يعظ كل ما وقعت عليه عينه ووصلت اليه مخالبه.

اذا كان الحقد على العراق وشعبه الصابر قد وحد اعداء العراق مع عصابات الارهاب والجريمة المنظمة بكل شراذمها- وان اختلفت أهدافها ونواياها واهواؤها ومشاربها- فمن باب الأولى ان يوحد حب العراق قياداته الوطنية بكل فصائلها المناضلة.