18 نوفمبر، 2024 1:44 ص
Search
Close this search box.

العراق بين ثلاثة إحتلالات أفضلهن سيء

العراق بين ثلاثة إحتلالات أفضلهن سيء

ما من بلد في العالم نزع جلد العبودية وإرتقى سلم النجاح إلا بعد أن خلف وراء ظهره النزعة الطائفية والقومية وتعامل مع أبناء جنسه بإسم الوطن والوطنية وأكثر من دليل أن الدول الأوربية واليابان وحتى الصين والهند مع أن في بعض هذه الدول من القوميات والطوائف ما يفوق أحزاب العراق وطوائفه وإثنياته .
لقد ظهر التصدع في بنية الجسد العراقي بعد 2003 بمباركة من أمريكا حين تكلمت بمنطق النسبة والتناسب بين الطوائف , ومن ذلك التأريخ نجد العراق يتراجع يوميا نحو الأسوء وقد يفقد هويته إلى الأبد وسط تنازع ذو الشأن كل من مصلحته .
إن أحد أسباب نجاح داعش بغض النظر عن هويتها وكيفية مجيئها هو التعاطف المحلي معها إنطلاقا من أنها أفضل من حكم المالكي ومن حكم الشيعة , قد يكون هذا المبرر مقبول لو صدر من أناس بسطاء لا يدركون النتائج المترتبة على هذا التصور لإن هذا التصور يبدو بداية بين السنة والشيعة لكنه ينتهي بعد إذن بين السنة والسنة أنفسهم لأن الهوية التي تقاتل بها داعش هي هوية سياسية مصبوغة بلون الإسلام لها جذور من أدلجة التأسيس وما رجالها إلا أزلام تنصلوا عما كتبوه وتبرؤ منه جهارا نهارا , لكن السلف الذي تذوق طعم القبول ظل مصر وحين يهرم أبو بكر البغدادي وأبو
 محمد الجولاني وغيرهما من أبطال الجهاد الحاليين سيعلنون ندمهم لكن أجيالهم لا تقبل تلك التوبة منهم .
العراق الآن مسجى على طاولة تشريح وعلى مفترق ثلاتة طرق , يمكن تلخيص وصفتها الطبية بالعملية المعقدة وفق التالي :
– أولا أن وضعه المنقسم طائفيا غير قادر على درء خطر داعش . والتحالف الدولي بصيغته الحالية غير قادر على حسم المعركة أو قل تهميشها لأن الطيران لوحده غير كاف بذلك , وصاحبة الشأن إيران تريد الكعكة بكاملها شريطة أن تستبعد أمريكا أو يكون الحل النووي هو خيار تدخلها . ولا كأن العراق مسلم وهم الحريصون على بيضة الإسلام . كما يدعون .
– وأمريكا بعد أن خسرت دخولها الأول تود الدخول لتعوض ما فاتها وستبقى هذه المرة على مزاجها لا على مزاج العراقين , إلى أمد بعيد وفق صيغ الحرب العالمية الأولى والثانية, ووفق كلام الأكراد عندما قالوا ما وصلنا إليه أصبح بحكم المطلق بعد أن دافعوا عن كركوك وبعض المناطق المتنازع عليها . وتلك ضريبة التدخل . هل نسينا كيف أستعان حكام الدويلات العربية في الاندلس بإبن تاشفين ولما طرد المحتل إنتهك العرب ليعيد الأندلس لعهدها القديم قبل الغزو العربي لها . وحين تدخل أمريكا ستحسم المعركة نهائيا إلا من جيوب بسيطة تتولاها الحكومة العراقية بعدئذ .
غير أن هذا الدخول تعارضه إيران بقوة لأسباب كثيرة لأن الحال الجديد يتطلب إشراك السنة وإبعاد الميليشيات الشيعية والعمل بصيغة جديدة .وإنتصارها ىعلى داعش ووجودها بالعراق يعطي قوة لدول الخليج وربما يعجل بإسقاط حكم الأسد في سوريا .
– أما إيران فتعارض التدخل الأمريكي بل تود أن تحتل داعش العراق كي يكون أمامها خيار إنقاذ العراق منها بعدئذ , وهي قادرة هي الآخرى على دحر داعش وبالتالي ستكرس الوضع لصالحها وبشكل معاهدات أو قل تمليك وإحتلال وسترفع العلم الإيراني جنب العلم العراقي على كل بقعة يتم تحريرها وبذلك تحقق إبتلاع العواق كليا وتصبح جارة لسوريا لتعيد وضع الأسد كالسابق , وجار بري لدول الخليج ويومها تكمشهم من الأصعب .
– لو توقف السيناريو الأول والثاني وظل العراق على وضعه المتأرجح الحالي فان داعش تقضم أراضي جديدة يوميا وتمد دولتها الإسلامية بقوس دائري إلا من جهة الشرق حيث إيران لحظتها تدخل وإياها بمعاهدة غير مكتوبة وغير معلنة مفادها لا تتحرشوا بنا مع أكراد إيران من جهة الشمال العراقي ونحن لا نتحرش بكم من جهة ديالى أو غيرها .
لو صح ما ذهبت إليه ما هو الحل أمام العراق ؟. الحل أن أفضل شيء للعراق هو الطلب من أمريكا التدخل قبل تطور الموقف أكثر لأن ما في العراق اليوم هو صنيعتها , وإنها على الأقل أكثر ديمقراطية من الأثنين لإلتزاماتها بحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ولأن التدخل الإيراني سيكون لمصلحة الطائفة الشيعية وتلك البذرة السئية التي أوصلت العراق لهذه المرحلة , أما داعش فترجع بالعراق لقرون التخلف الوسطى بل أسوء .

أحدث المقالات