يخبرنا التاريخ عندما جاء البويهيون في القرن الرابع الى بغداد, اصبح هناك طائفتين من السلاطين. خلفاء بني العباس “سنة” وامراء البويهيون “شيعة”. وتقاسمت مراتب الشرف في بغداد ان ذاك بين العلويين والعباسيين.
امن اهل السنة بالخلافة العباسية واعتبروها ضل الله في الارض. اما الشيعة فقد امنوا بالامامة وجعلوها في ال علي لاتخرج عنهم, واعتبروا الخلافة العباسية مغتصبة وباطلة. وصار اشراف العلويين والعباسيين يستغلون تعصب الجمهور البغدادي لهم. فيهيجونة في سبيل اغراضهم الشخصية.
يحكى ذات يوم ان رجلين احداهما عباسي والاخر علوي. احتسيا الخمر, فتنازعا فقتل العباسي العلوي. فثارت العامة وعظمت الفتنة, وتحيز الشرفاء. كل فريق نحو الجانب الذي ينتمي الية. حتى اضطرت الشرطة ان تعاقب المهيجين من كلا الجانبين. وامرت ان يقرن العلوي بالعباسي ويلقيا في نهر دجلة .. فهدات الفتنة.
نلاحظ هنا تحول الخلاف من خلاف حول المبادئ والقييم الى خلاف حول السلطة والحكم. ومن مهازل القدر ان يعيد التاريخ نفسة اليوم في بغداد, وتجتمع اشراف كلتا الطائفتين حول السلطة من جديد. مستغلين تعصب الجمهور في كلا الجانبين, كما استغلة اسلافهم من قبل.
فاذا اراد المسؤول السني ان يهيج الجمهور, ويستغل تعصبة, لاجل مصالحة الشخصية او الحزبية, ما علية الا خلق فتنة جديدة, ومن بعدها وصف الشيعة بـ”الفرس المجوس”. وكذلك اذا اراد المسؤول الشيعي ان يفعل كما فعل غريمه السني, ما علية الا خلق فتنة اخرى, ومن بعدها يصف اهل السنة بـ”اتباع يزيد. وهو وحزبه ومن يتبعة من اتباع الامام الحسين”.
ان هؤلاء يعتاشون ويقتاتون على الطائفية. فلو تحققت الهوية والوحدة الوطنية للعراق, مابقوا في سدة الحكم ساعة واحدة.
في ضل جو مشحون طائفيا. فان خير من يمثل المشهد السياسي, هي الاحزاب الدينية. -السنية والشيعية- انهم يريدون ان يقيموا دولة دينية. ولكننا لانعلم اهي: دولة سنية ام شيعية ؟. ان السنة والشيعة يتطاحنون منذ زمن بعيد. وهم في تطاحن مستمر. وسيظلون يتطاحنون, حتى يتخلون عن المنهج القديم, الذي من خلالة ينظرون الى القضايا والامور. ولا اعلم كيف سينشؤن دولة دينية -اسلامية- متفقين معا ؟!.
يريد هؤلاء ان يقيموا دولة على اساس الدين. ولا يعلمون انهم بهذا يقومون الدين على اساس الدولة.
ان الدين يدعوا الى الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. فعندما اتى الاسلام, استخدم الدولة كاداة ووسيلة لترسيخ هذة المبادئ في المجتمع. ولكن هذا لم يستمر طويلا. فبعد انتهاء الخلافة الراشدة, قلبوا الحكام والسلاطين المعادلة راسا على عقب. فقد جعلوا الدين اداة ووسيلة بيد الدولة, وذلك لترسيخ مبادئ الدولة, من الجبر والقهر والخنوع والالزام, واضافة شيء من الشرعية القدسية للحاكم والسلطان … بهذا فقد الدين الروح والمعنى والمبدأ التي جاء به.
ان الدين والدولة شيئان متناقضان. متى ما اجتمعا فسد الدين وربحت الدولة.
ان من يريد ان يقيم دولة دينية, فهو كالذي يريد ان يرقص في اليل ويخشع في النهار.
في الختام على العراقيين ان يعوا. ان من ينادي اليوم من الدولة, باسم الدين والطائفة, انما هو يعتاش ويقتات على دماء الابرياء من كلا الطائفتين.
وعليهم ان يعوا ايضا, انهم يعيشون في زمن الشعوب. وان زمن الحكام والسلاطين قد ولى الى غير رجعة. فالشعوب قادرة اليوم, بفضل وحدة كلمتها ورقي فكرها وثقافتها, ان تحاسب الحكام والمسؤولين, وتقتص منهم اذا اساؤو التصرف بحقهم.
On Tuesday, August 6, 2013 2:04 AM, omer_1987 omar <[email protected]> wrote:
هوية وطن
بقلمي: عمر العراقي
لاشك أن المجتمع العراقي ينحدر من أصول قبلية, والعصبية القبلية هي السمة والهوية لذلك المجتمع. لكن بعد التحضر والتمدن الذي طرئ على المجتمع العراقي, وبناء الدولة العراقية الحديثة. تلاشت هذة الهوية وطغت مكانها الهوية الوطنية, وبقيت هذة الهوية رصينة وسارية المفعول حتى احتلال العراق, وانهيار سلطة الدولة.
بعد الاحتلال لجاء المواطن العراقي الى العشيرة والقبيلة والطائفة والقومية. لتحل محل الوطن في الولاء والانتماء. وهذة ظاهرة طبيعية تحدث في مرحلة انتقالية بين سلطتين, عندما يحدث ضعف واستكانة في سلطة الدولة.
لكن المعضلة نجدها في السلطة التي دارت وتدير دفة الحكم, منذ الاحتلال وحتى يومنا هذا. فلم تعيد للوطن هويتة المفقودة, وهيبة المسلوبة. فنجد السياسي العراقي. هذا ان لم يكن مدان بولاءات وانتماءات خارجية. يتصارع مع نظرائة السياسيين بكل ما اوتي من قوة. وبكل الطرق الشرعية وغير الشرعية, وذلك لتحقيق مكاسب حزبية او طائفية او قومية او شخصية حتى … كل هذا يحدث فوق حلبة نزال تدعى مصلحة الوطن. وكذلك الجندي العراقي الباسل المغوار, الذي يقاتل بكل شجاعة وصرامة, للدفاع عن النظام الحاكم. او انتصارا لطائفة معينة او قومية معينة وحتى حزب معين.! متناسيا, او لم يكن يعلم اصلا, ان الجيش سور الوطن. وحامي ارض وشعب ومياة وسماء وسيادة العراق.
ولايختلف الحال كثيرا بالنسبة للمواطن العراقي. الذي يذهب الى صندوق الاقتراع ويخضب جل اصبعة بالحبر البنفسجي, لكي يختار ابن العشيرة او الطائفة او القومة, التي ينتمي اليها … ولم تكن مصلحة الوطن في قائمة اختيارة شيئا مذكورا.!!
في النهاية لم يبقى من هوية العراق سوى فوز المنتخب الكروي. عندها يخرج العراقيين على اختلاف طوائفهم وقومياتهم ودياناتهم وانتماءاتهم, وعلى اختلاف افكارهم ومعتقداتهم وايديولوجياتهم, لكي يهتفوا بأسم العراق … ولاتعجب عزيزي القارئ ان همست لك بين السطور وقلت. ان الذين يعملون على طمس هوية العراق الوطنية, هم من يتربعون على قمة الهرم في الحكم الان … فلو تحققت الهوية الوطنية للعراق. مابقي هؤلاء الذين تسللوا في غفلة من الزمن. في سدة الحكم ساعة واحدة.