فرضت امريكا الحرب علينا بدوافع شتى ابرزها تطبيق الديموقراطية بنمطها الامريكي . ثم تدخلت ايران في العراق بدافع اخر وهو تصدير الثورة الاسلامية . ولوتحققت الديموقراطية في العراق باي شكل كان لكان ذلك مكسبا حضاريا . ولكن ان تسيطر احزاب رجعية اسلاموية مشبوهة على نظام الحكم في العراق باسم الديمقراطية فانه امر غير مقبول . حيث ان تزوير الانتخبات لايعتبر مظهرا ديموقراطيا فكل الحكومات الشمولية تزور الانتخابات وتدعي النهج الديموقراطي كما ان الديموقراطية في بلد يعاني اكثر من نصف سكانه من الامية يعد تشويها ظالما لها ومصادرة كاملة للحرية وللمبادئ الانسانية الحقة .
وبذلك فان التجربة الديموقراطية التي ارادها الامريكان لم تنجح عندنا في العراق بل وفشلت فشلا ذريعا واصبحت مثار تندر لدول العالم على حسب تعليق الرئىيس الروسي بوتين لبوش في وقتها . وحتى الشعب العراقي قد عانى الامرين من هذه التجربة المرة التي لم تجلب له سوى الفرقة والفساد والحروب الاهلية التي لايبدو لها اخر رغم انتصاراتنا على داعش واخواتها
واما مشروع تصدير الثورة الذي نادت به ايران في العراق وحاول المالكي تنفيذه ومن بعده الميليشيات الموالية له . فانه لم يؤد الى النتيجة المخطط لها اللهم الا نشر الفوضى والانفلات الامني على نطاق واسع في كل ارجاء العراق ، لابل ان الحكومات التي تراسها حزب الدعوة لم تنصف الشعب العراقي فالشيعة في الجنوب ذاقوا الامرين من الفقر المدقع والامية وحرمانهم من ابسط الخدمات الانسانية من ماء وكهرباء ورعاية صحية ومواصلات وسكن . وتم تهجير السنة من بيوتهم وسكنوا المخيمات وسلط
عليهم داعش وعناصر انتهازية سنية فاسدة ومشبوهة . وهدمت بيوتهم . ويتم ابناءهم . كما ان الكورد قد عانوا ايضا من الحكم المركزي المتخلف والجاهل والذي عمل حثيثا على توسيع الفرقة بين الكورد انفسهم ناهيك عن الفرقة بينهم وبين العرب والتركمان ايضا . وقدتاكد لهم بان التحالف الشيعي الكوردي كان مجرد كذبة كبيرة لغرض وصول الاحزاب المتحالفة معهم الى الحكم ثم تخلوا عنهم في اقرب فرصة . وبذلك فان الاحزاب الاسلامية لم تحقق حلم الشعب في حكم مبني على العدالة والانصاف . ولو كان الحكم كذلك لصار مضرب الامثال وقدوة للقاصي والداني .ونموذجا للشيعة والسنة والكورد وسائر طوائف الشعب العراقي .
وفوق كل هذا وذاك فان رئيس الوزراء يعين بالتوافق بين امريكا وايران ولا علاقة للانتخابات رغم تزويرها
وبذلك تعطلت الديموقراطية . وادى مشروع تصدير الثورة الاسلامية الى حروب اهلية ذهب ضحيتها الالاف من الشهداء والمغدورين ومثلهم من المهاجربن خارج العراق هربا من اتون هذه الحروب المجنونة التي تغذيها دول الجوار كافة
وهكذا ضاع العراق بين شعار الديموقراطية الزائف والتشيع في حكم الامام العادل . ولم يجن الشعب سوى الحروب الداخلية التي لانهاية لها والفقر والامية والفساد المستشري في كل مرافق الدولة ومزيد من الشهداء . كل ذلك يتم بحجج شتى اشبه بالحجج التي كان النظام السابق يتحجج بها . . وما اشبه اليوم بالبارحة . لا بل ان البارحة كنا نطمح في حكم ات يعيد الكرامة والحياة الانسانية اللائقة للشعب العراقي . اما اليوم فحتى الامل في الخروج من هذا النفق المظلم قد اصبح بعيد المنال بعد ان اقدمت الاحزاب والشخصيات الحاكمة على اعادة انتاج نفسها عن طريق تجديد التحالفات الطائفية التي تسمى ظلما وعدوانا بالوطنية والوطنية براء منها سواء كانت شيعة او سنية او كوردية
من ذلك يتضح فشل المشروع الامريكي الايراني في العراق وفشلت معه كل التدخلات السعودية والقطرية والتركية وغيرها من المشاريع الاقليمية الطارئة على المجتمع العراقي . وقد كان لموقف آية الله السيد السيستاني من المشروع الايراني دورا كبيرا في تحجيمه ، اضافة الى طيف واسع من العرب الشيعة
وعليه فقد توجب على العراقيين جميعا ان يعملوا منذ الان على تغيير واقعهم المؤلم وهم يعلمون جيدا ان هذا ليس قدرهم . بل ان قدرهم في حياة حرة كريمة
ان علينا وضع هذا الهدف نصب اعيننا والعمل على تحقيقه ولو طال الزمن . . حيث
ان العراق بحاجة الى نظام حكم يعتمد على نخبة وطنية مثقفة مخلصة تدير الملفات السياسية والامنية والاقتصادية بعيدة عن التحزب الفئوي او الديني المذهبي وتكون العلاقة بينه وبين امريكا وايران ودول الجوار الاخرى مبنية عل المصالح المشتركة وحسن الجوار وليس على الاحتلال او الهيمنة السياسية والعسكرية وفرض الارادات من اية جهة كانت.