23 ديسمبر، 2024 8:26 م

العراق بين الثورة وقمعها

العراق بين الثورة وقمعها

يمثل الحراك الشعبي العراقي الان تحولا استراتيجيا في حياة العراقيين ، ولحظة تاريخية فارقة لتحديد مستقبلهم السياسي والاجتماعي،فلأول مرة في كل تاريخهم تظهر الحشود المليونية ،دون ان تقف ورائها جهة منظمة او حزب او حركة ،تخرج بعفوية كاملة ،وفي وقت واحد في كل محافظات العراق الجنوبية الثائرة ،وفي مطلب شعبي واحد ،اتفق عليه العراقيون جميعا هو (التغيير)،ولاشيء سواه ،بالرغم من اهمية المطالب الخدمية الاخرى البالغة الاهمية ،لكنه تمسك بكلمة التغيير منذ البداية لتحقيق هدفه الاكبر وهو الاستقلال وإنهاء التبعية لإيران وغيرها ،والتغيير الذي عناه الشعب في ثورته ،ليس الحصول على ماء وكهرباء ورواتب وخدمات صحية وتربوية وتعيينات وظيفة ،فهذه ليست مطالب ،هذه حقوق على الحكومة تنفيذها بلا منة ،لكن التغيير المنشود هو بإلغاء الدستور والبرلمان وتغيير القضاء وإحالة الفاسدين والقتلة الى القضاء وحل الميليشيات الايرانية،هذا جل ما يريده الشعب في ثورته المباركة ، هنا سنكشف الدور التخريبي لإيران وعمائمها ،ونحلل نتائج الثورة والصعوبات التي تواجهها في بلوغ اهدافها ،ودور الدول العربية بمساندتها والتعويل على نتائجها المستقبلية وانعكاساتها على امن المنطقة كلها ،الثورة العراقية هي بيضة القبان في المنطقة والعالم،كما كان العراق يوما هو الشغل الشاغل للعالم بهيبته ومواقفه القومية التي يحسب لها العالم كله الف حساب ،لذلك ومن هذه الثيمة البسيطة لموقع العراق قبل الاحتلال ،انطلقت شرارة الثورة والتظاهرات من بصرة الثغور والأبطال لتعلنها صرخة مدوية بوجه الطغاة والقتلة والمتسترين باسم الدين(باسم الدين باكونة الحرامية ،عمار عمار شيل ايدك اهل البصرة ما تريدك)،هكذا اشعل ابطال البصرة شعلة السباق نحو التغير وأفصحت عن ماهية وأهداف الثورة ،ان التغيير يبدأ اولا بالعمائم الفاسدة ،التي هي رأس البلاء والفساد في العراق ،وهكذا انتشرت كالهشيم في النار في المحافظات الاخرى وبصوت اكثر وضوحا وصل الى مسامع ملالي قم وطهران(ايران برة برة كربلاء تبقى تبقى حرة)
 وهو ابلغ رسالة واقسى ضربة توجهها حشود المتظاهرين لإيران الشر ،هذه الهتافات وغيرها احدثت ضجة في غرفة الولي السفيه الايراني واستدعى على الفور عبيده نوري المالكي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر وغيرهم ،ليضع برنامجا ايرانيا ينفذه قاسم سليماني لقمع الثورة ووأدها ،لانها تمثل الخطر الاكبر الان لمشروع ايران التوسعي في ألمنطقة وهو المشروع المحتضر في العراق ،وهكذا عاد العبيد الى بغداد لتنفيذ مخطط ولي الفقيه مرشدهم وربهم في الارض ،وتم قتل المتظاهرين وطعنهم بالسكاكين وضربهم بالعصي، واعتقال قادة التظاهرات في اغلب المحافظات وتهديد الاخرين ،الى هنا والأمر طبيعي، وقد حسبت له جماهير التظاهرات حسابا ،ان ايران وأذنابها ستتصدى للتظاهرات وتحاول قمعها بأية وسيلة والقتل والسحل والاعتقال اولها،وقد رافق هذا المخطط الايراني لقمع الثورة هجوما اعلاميا كبيرا قادته قنوات العهر الايرانية ومنها افاق والعهد والغدير والعراقية والفرات وووو الطائفية ،ناهيك عن هجوما شنته عمائم الفساد التي وردت اسماؤهم في الهتافات الجماهيرية ،اما مرجعية النجف ،فكانت تمسك العصا من الوسط ،فهي تدعم مطالب المتظاهرين ،وتطالب العبادي لتنفيذها فورا وإحالة الفاسدين الى القضاء ،في حين تهاجم التظاهرات وتشجع الميليشيات على قمعها من خلال عدم اصدار فتوى لتحريم المس بالمتظاهرين، بل يصف بعض مراجع النجف من بعض العمائم ألفاسدة مثل صدر الدين القبنجي الباكستاني  ان التظاهرات تقف وراءها دول اقليمية  وهؤلاء بقايا البعث وداعش، ويشاطره نوري سبايكر بالهجوم ويصف المتظاهرين بالدواعش وهكذا تتلقى الثورة سيل من الكلام البذيء والهجوم القاسي الطائفي من افواه عمائم فاسدة وسياسيين فاسدين وأحزاب فاسدة ومراجع تؤجج الطائفية وتدعم المفسدين ،بعد ان كان هؤلاء كلهم ،في بداية التظاهرات تدعم وتشجع وتشارك في التظاهرات ،والهدف كان واضحا هو ،لركوب موجة التظاهرات والتسيد عليها وكان اخرهم مقتدى الصدر في دعوته المليونية للتظاهر وركوب الموجه،وقد فشل الجميع ،وانفضحت اهدافهم الشريرة ،وتبعيتهم للمرشد الايراني ومخططه في وأد التظاهرات بأية ثمن كان،حتى ولو كان على دماء العراقيين ،هذا هو مخطط ايران في قمع وإنهاء التظاهرة،ولكن ماهو موقف المتظاهرين وما هي استيراتيجيتهم في مواجهة شلة وعصابة خامنئي لقمع ثورتهم،لقد كانت ألجماهير اكثر وعيا وأطول صبرا من اقزام وعبيد خامنئي في العراق،فواجهت الميليشيات والباسيج الايراني في ساحة التحرير وساحات المظاهرات في المحافظات بالحكمة والعقل وامتصت تغولهم،حيث انسحب البعض من التظاهرة ،درءا لما يحمد عقباه ،وانتهى الامر ،وتصور الاغبياء من الاحزاب وميليشياتهم ومن يقف ورائها،انهم نجحوا في وقف التظاهرات،إلا ان وعي وذكاء العراقيين اعلى من ذكاء اوباش خامنئي،فجاءت جمعة الغضب العراقي بما لا يتوقعه هؤلاء الشراذم،فامتلأت ساحات التظاهرات بملايين البشر في اروع مشهد عراقي حقيقي عرفه تاريخ العراقيين ،واسقط بيد اعداء الثورة ،ولكن لم ينته الامر الى هنا، فقد كان خطاب العبادي وردا على اصلاحاته وترقيعاتها وتقشف حكومته وورقة برلمانه الهزيل الفاسد ،بان مطالب الجماهير صوتها اعلى من صوت الاصلاحات الورقية الخادعة ،واصدق من ورقة اصلاحات البرلمان الفاسد ألتافه فأعلن العبادي انه يريد تفويضا من الثورة والشعب لكي ينفذ مطاليبهم دفعة واحدة،وهي الغاء الدستور والبرلمان وإصلاح القضاء والذهاب الى حكومة الطوارئ،وهذا ما اكدناه منذ اليوم الاول للتظاهرات في مقالنا(العراق ثورة شعب جريح)،
وهكذا خرجت الملايين يوم الجمعة لتؤكد للعبادي وشعب العراقي كله انها عازمة على التغيير ،ولا رجعة عنه مهما كانت التضحيات،وبعد هذه المظاهرة المليونية التي وضعت العبادي في زاوية حرجة ووجها لوجه امام الشعب وتعهداته ،فالكرة الان بملعب العبادي،هاهو الشعب فوضك بإلغاء الدستور والبرلمان وإصلاح القضاء وإحالة الفاسدين على القضاء الجديد،فماذا تريد بعد،نعم نحن العراقيين نعيش لحظة تاريخية هامة ،بعد كل الذي جرى،من قتل وتهجير ونزوح واعتقالات وحرب طائفية اججها المالكي بأوامر ايرانية ،لتدمير العراق،فأما تغيير شامل لبنية الحكومة والنظام الطائفي التحاصصي القائم الذي دمر العراق،وإما الذهاب الى اقصى مناطق الخراب قسوة ودمار وحرب اهلية تقودها الميليشيات المنفلتة ،وكل هذا الخراب الحاصل هو من اوجد لنا ظاهرة تنظيم داعش، وحينما (لا سامح الله)، تفشل الثورة وحيدر العبادي في التغيير ألمنشود سيذهب الجميع الى هناك ،وهذا ما لا يريده العراقيون مهما كان الثمن،لقد وجدوا العراقيون طريق الخلاص في الثورة،و لا طريق سواه، وهم ماضون بعون الله الى نهايته القريبة الاكيدة، رغم المخطط الايراني الذي اسقطوه في ساحة التحرير  ….