18 ديسمبر، 2024 10:57 م

العراق بين ارهاصات الامس وواقع اليوم

العراق بين ارهاصات الامس وواقع اليوم

قد يجد الانسان العراقي نفسه امام مقارنة ينقصها الكثير من الذاكرة التي محيت بسبب عوامل كثيرة يأتي في مقدمتها الأخطاء السياسية المنظورة وغير المنظورة في الساحة العراقية المليئة بالتناقضات في المواقف التي تنقصها الوطنية في اغلب الأحيان فضلاً عن عمر الذاكرة القصيرة التي ينماز بها المجتمع العراقي الذي ينسى ماضيه القريب ليتمنى عصراً رسمته خيالات الشباب الطموح الذي لم يعاصر محنة النظام السابق بكل ما فيها من الم وقساوة وضراوة ويضع نصب عينيه فتات العيش الذي يتصدق به ذلك النظام في مفردات البطاقة التموينية او مكافأة جندي يقتل في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل فيصبح في شوق لايام لم يرى فيه عزاً الا ما يسمعه من التلفاز تحت عنوان ( عز العرب ورمز الأمة والقائد الضرورة والبطل القومي والمهيب الركن …) ليكون الشعب حطباً لنزوات هذا القائد الكارتوني الذي ما فتىء يتغنى بتحرير الأقصى ولم يحرك يداً حين اخرجه اسياده من حفرة العمالة ..
مقارنة واقع مؤلم لم يأتِ فيه سياسيو الصدفة الا بخراب بلد عمره آلاف السنين وفيه طاقات وعلماء هي نتاج مجتمع يعيش مفارقات الامس وحاضر مجهول لا يسر صديقاً و لا يغيض عدو .
واقع يصحو فيه أبناؤه على حسرات الماضي وأمنيات مستقبل يتطلعون الى ان يتخلص فيه هذا البلد من براثن الانشقاقات والطائفية والفساد الذي ضرب اعماق البنية المجتمعية ومفاصل الدولة بكل أساساتها .
ولكن هل يصح لهذا المجتمع ان يقارن بين امس نظام سلطوي متمادٍ الى حد الخناق مع نظام متهرئ لا يملك من السياسة سوى سياسة نهب الثروات وتحطيم قدرات بلد طالما بقي مناراً فكرياً وحضارياً بين الأمم ؟
والجواب المنطقي ان مجرد التفكير بالمقارنة ليس سوى سذاجة واستخفاف بالعقل ؛ لأن النظامين السابق والحالي لا يصلحان ان يكونا انموذجاً حضارياً يرتقي بإنسانية الانسان او حفظ كرامته لا يلبيان طموح الشباب الذين يتطلعون الى مستقبل يضاهي الأمم المتقدمة .
فالحل هو ان تكون المقارنة مع نظام يعيش فيه الانسان بحرية فكر واختيار يحفظ له انسانيته ولا يهتك قيمه الحضارية بنهب او فساد او ظلم او قهر ولا يتحقق ما يأمله هذا الشعب الا اذا عرف العراقيون انهم يستطيعون ان يكونوا أفضل من الامس بمآسيه وأفضل من اليوم بفساده فلا التسلط والقهر والظلم يعيد لهم كرامتهم ولا الفاسدون يستطيعون ان يبنوا حضارتهم .