نشرت وسائل التواصل الاجتماعي تقريرا منسوب إلى صندوق النقد الدولي ، يعرض ترتيب لنصيب الفرد سنويا من الناتج المحلي الإجمالي مقدرا بألف دولار أمريكي لتقديرات عام 2021 ، وقد تطرق إلى 18 من البلدان العربية وأهمل بيانات ( سوريا ، الصومال ، فلسطين ، لبنان ) لأسباب لم يحددها ، وكما هو معروف فان نصيب الفرد يتم استخراجه بعدة طرق ومنها ومن مجموع الناتج المحلي الإجمالي GDR مقسوما على مجموع عدد السكان لسنة معينة ، وقد جاء ترتيب الدول العربية من حيث نصيب الفرد من مجمل الناتج المحلي ( سنويا بألف دولار أمريكي ) كما يلي :
1.قطر 96,1
2.الإمارات 58,77
3.البحرين 50,28
4.السعودية 47,8
5.الكويت 41,77
6.عمان 29,51
7.مصر 13,06
8.الجزائر 11,44
9. تونس 10,92
10.العراق 10,61
11 .الأردن 10,46
12. ليبيا 8,45
13. المغرب 8,08
14 . موريتانيا 5,91
15. جيبوتي 4,5
16 . السودان 3,76
17 . جزر القمر 3,09
18 .اليمن 1,94
وتطرح هذه الأرقام العديد من التساؤلات والأسئلة حول أسباب التباين الواسع بين دخول الأفراد في الترتيب 1- 6 وبين الدول الأخرى الداخلة في التصنيف والتي تحتل التسلسل من 7 إلى 18 وتضاف لها الدول التي استبعدت أرقامها ، فدخل المواطن القطري يعادل أكثر من 80 مرة من دخل المواطن في اليمن ، والأجوبة تقع في عدة محاور منها حجم الناتج المحلي في بلدان ( المقدمة ) كونها جاذبة للاستثمارات حيث تتوفر فيها البيئة التي تحفز على الانتاج في الجوانب القانونية والأمنية والبنى التحتية وانخفاض المخاطر بأنواعها ، كما إن من أسباب الارتفاع هو الانخفاض بعدد السكان فمن البديهي إن يرتفع نصيب الفرد عندما يكون مجمل الناتج المحلي عاليا وعدد السكان منخفضا ، ومن الناحية الواقعية فان نصيب الفرد المرتفع يؤهله للتمتع بمستويات عالية من حيث المعيشة والسكن والرفاهية وغيرها من المؤشرات التي تتعلق بمفردات الإنسان ، ويخفي تصنيف الدول العربية فيما بينها من حيث الناتج المحلي العديد من العيوب عند مقارنتها بالمعدلات العالمية ، فبموجب تقديرات صندوق التقد الدولي لدخول الافراد في دول العالم فقد احتلت اغلب الدول العربية مراكز اقل ما يقال عنها مثيرة للشفقة ( عدا قطر والامارات ) ، اذ بلغ ترتيبها او تسلسلها من بين 177 دولة ( قطر 3 ، الامارات 9 ، البحرين 20 ، السعودية 22 ، الكويت 27 ، عمان 45 ، مصر 92 ، الجزائر 105 ، تونس 107 ، العراق 110 ، الاردن 109 ، ليبيا 140 ، المغرب 120 ، موريتانيا 125 ، جيبوتي 136 ، السودان 148 ، جزر القمر 156 ، اليمن 171 ) ، ورغم ان هذه المؤشرات واطئة فان هناك ما يخفى ايضا لان انتاج الدول من الموارد الطبيعية يدخل ضمن الناتج المحلي الاجمالي ومنها صادرات النفط على سبيل المثال ، لذا ترى بان نصيب الفرد سنويا يتاثر بحجم ايراداته منن هذه الموارد وسنركز هنا على بلدنا العزيز ( العراق ) .
فقد نقلت وسائل إعلام محلية عن الجهاز المركزي، التابع لوزارة التخطيط إن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية للنصف الأول من العام 2020 بلغ مليونا و341 ألف دينار أو ما يعادل 1100 دولار، مقارنة بالفصل الأول من عام 2019 التي بلغت فيها مليونا و707 ألف دينار او ما يعادل 1300 دولار بانخفاض بلغ 12.3%”، وانخفض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية للنصف الأول من 2020 عن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي للفصل الرابع من عام 2019 التي بلغ 1400 دولار وبمعدل 21.4%”. وسبب هذا الانخفاض يعود الى تراجع اسعار النفط التي تشكل صادراته النسبة الاكبر في تكوين الناتج المحلي الاجمالي ويضاف لذلك حالة الانكماش الاقتصادي نتيجة التأثر بجائحة كورونا ، وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط، ( عبد الزهرة الهنداوي) ، إن الناتج المحلي الإجمالي لعام ٢٠٢٠ بلغ (١٩٨) تريليون و(٧٠٠) مليار دينار، وهو اقل مما وصل إليه في عام ٢٠١٩ حيث بلغ في العام المذكور (٢٧٧) تريليون ، و(٨٠٠) مليار دينار، مشيرا إلى إن ذلك يؤثر كثيرا على متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لعام ٢٠١٩ بلغ (٧) ملايين و(١٠٠) إلف دينار، إلا انه انخفض في عام ٢٠٢٠ الى (٤) ملايين و(٩٠٠) الف دينار ، وقد يشكك البعض في واقعية متوسط دخل الفرد عند ارتفاع اوانخفاض اسعار النفط اذ يسالون كيف يعقل ان يكون متوسط دخل الفرد الواحد قرابة 11 الف دولار سنويا في تقديرات عام 2021 في وقت ترتفع فيه نسبة الفقر الى اكثر من ربع السكان حسب تقديرات الجهات المعنية في وزارة التخطيط ، وكيف يكون دخل الفرد الواحد 15 مليون دينار وهناك عوائل بكاملها متوسط عدد افرادها 5 تعيش على رواتب الحماية الاجتماعية التي لاتتجاوز 3 ملايين دينار سنويا او 6 ملايين دينار لعائلة المتقاعد التي تبلغ 500 الف دينار شهريا ، وهي اسئلة جديرة بالاهتمام ولكن اجاباتها تحتاج الى العديد من التفاصيل لان الدخل او قيمة الناتج لا توزع بالتساوي على السكان وهناك تاثير للانفاق الحكومي على مجمل الايرادات ، وذلك لايمنع من الاعتراف بوجود فروقات في مدخولات الافراد سيما بعد ان اخذ حجم الطبقة الوسطى يتناقص ، فالواقع الحالي من حالة ارتفاع متطلبات المعيشة وشبه التوقف للقطاعين الخاص والمختلط ينذر بابقاء طبقتين هما طبقة الاغنياء وطبقة محدودي او معدومي الدخل ، وحلول هذا التباين تحتاج لمجموعة كبيرة من الاجراءات الشجاعة التي يجب ان تقترن فيها الارادة بالادارة والتي يجب ان ترتبط بخطط استراتيجية حقيقية وليست ورقية لاعادة هيكلة الاقتصاد وليس مجرد التباهي بالوان الاوراق ، والاكثر خطورة من ذلك ان البلد قابل للنعرض الى ازمات بانخفاض اسعار النفط لان ايرادات النفط هي التي ترفع من نصيب الفرد رغم اننا في التسلسل 110 من 177 ، ونقولها بشكل مباشر باننا ان لم نضع معالجات فعلية في تعويض ايرادات النفط فاننا سنكون في وضع غير امن ، ومن يعول على القروض يقع في خطا كبير لان الدائنين يبحثون عن الموارد التي تخدم القرض ( الفوائد ) والامكانية في تسديد مبلغ القروض بمختلف الاجال ، ونتمنى ان تكون هموم الحكومات القادمة هذه المواضيع التي تؤمن سلامة العراق من حيث توفير لقمة العيش على الاقل ، فالبلد غني من حيث نوفر الموارد البشرية والمادية وجميع الامكانيات المطلوبة للنهوض بواقع الناتج المحلي ، ولكن اغلب شعبه فقير وقد يزداد فقرا ( لاسمح الله ) ان لم يدار الاقتصاد بالشكل المطلوب والصحيح .