23 ديسمبر، 2024 10:33 ص

العراق بلد تحكمه عدة دول‎

العراق بلد تحكمه عدة دول‎

لاشك بأن ماحصل في العراق وما يجري فيه طيلة هذه السنين غاية في الغرابة والتعجب والإستفهام وكم هائل من المفارقات والمسالك المتعرجة والإنحدارات والمنزلقات ليس لها حد ولا تبشر بنهاية مطمئنة مادامت بداياتها خاطئة وأسسها رخوة ومسيرتها توغل في اعماق الخطأ . طيلة هذه السنين مطبات سياسية وتصارع بين الفرقاء ومقالب وتآمرات وتحالفات بين الأخوة الأعداء وكأنهم ليسوا من هذا البلد ولا يمتون بأي صلة له أو معرفة به أو بشعبه أو بمعاناته وهو الواقع بعينه . ولربما الأصح في تقريب الفكرة وهو ما حصل فعلآ على أرض الواقع حينما صرح عراب عملية التغيير في العراق – زلماي خليل زاده – في دعوته لآخر مؤتمرات (المعارضة العراقية ) برعاية الولايات المتحدة الأمريكية بقوله من لم يشترك في المؤتمر ولا يوافق على الخطة الموضوعة لإحتلال العراق : سيحرم من تذوق كيكة المنصب ولا مكان له في العملية السياسية المرسومة للعراق الجديد ..
فهبت الجموع من كل حدب وصوب تتسابق مع الريح لتحضر ولتجتمع ولتوافق ولتنسق كل الأطراف حسب ماتشتهيه أنفسهم وكل طرف على حدة وبعيدآ عن أعين الآخرين وكل منهم يتطلع الى أكبر قدر من مغنم الواجهة السياسية وكل منهم يرى نفسه يمثل المعارضة السياسية ويمثل الشعب العراقي وهو الأصل في المعارضة والآخرين ماهم إلا تبع أو فصيل أو أفراد لايمثلون الطموح للعراقيين والمستقبل الواعد للاجيال . وهكذا بدأت المسيرة العرجاء بخطوات غير متزنة وبعيدة عن أخلاقيات العمل المشترك والهدف النبيل الواحد ومبادئ الخلق الرفيع ورسالة الدين السمحاء وبنود الانسانية وأصبح همهم الوحيد الواجهة السياسية والبحث عن المناصب وما يتبعها من إمتيازات .
ومما لا شك فيه أن هؤلاء بمقتضى الضروريات للبقاء في واجهة الركب والتصدي لابد أن يرتكزوا على من يعينهم في أداء مهمتم ويلبي طموحاتهم ويحقق رغباتهم فأداروا ظهورهم الى الشعب العراقي وتوجهوا لخارج الأفق الوطني المنظور وسارع كل منهم الى جهة وإرتمى في أحضانها متوسلآ ومتخضعآ لهم ومتوسمآ فيهم السند المتين والقوة الحصيفة لتثبيت أركانه في الدولة العراقية ، وهذا لايتأتى ويتحقق مجانآ وبدون مقابل بل لابد وأن تكون هناك مصالح مشتركة وإتفاقيات مبرمة مهما كانت أبعادها وتأثيراتها السلبية على حاضر البلد والشعب والمستقبل الذي ينتظره وتتطلع الأجيال اليه .
فكانت الكارثة وحصل مالم يكن في الحسبان حيث توجهت أنظار الطبقة السياسية وقادتها نحو الدول الإقليمية والأبعد منها وكل منهم إنزوى في أحضان دولة ياتمر بأمرها ويخضع لسياساتها ويؤمن مصالحها ولتتحكم من خلاله بدفة قيادة البلد ، وأصبح العراق في مثل هذه الحالة كسفينة تتلاقفها الرياح العواتي وكل يسحبه ويتوجه به حيثما تشتهي رغباته ومصالحه ولا يبالي بمايحدق بالبلد من ضياع لسيادته وإستقلاله وما يتسببه من دمار لشعبه ونزف وهدر لثرواته وأصبح البلد يسير بوتيرة تنازلية وبخط بياني منحدر جدآ ولو إستعرضنا الوضع العام الحالي للعراق بعد هذه  السنين العجاف التي مرت عليه والمصائب التي حلت به لتوقفنا عند هذا السؤال : من يحكم البلد أو من يشترك في حكم العراق ؟ بلا أدنى شك سيكون الجواب إيران وتركيا والسعودية والكويت وقطر والإمارات ومن ورائهم إسرائيل وبريطانيا وأمريكا ووو . وما الطبقة السياسية العراقية إلا أجندة تعمل وفق متطلبات هذه الدول بعيدآ كل البعد عن طموح وتطلعات الشعب العراقي المسكين الذي ذاق الأمرين من ظلم ساد عقود من الزمن بأسم حزب البعث الى ظلم جديد بأسم ( أحزاب شتى !!!) ..