19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

العراق بلد التناقضات

العراق بلد التناقضات

ولدت الدولة العراقية على التناقضات منذ تأسيسها فمكوناتها غير متجانسة من الكورد والعرب (العرب السني و الشيعي) بل أصبح كل ما يعمله مكون من أجله و يحلم به يقف الباقي على النفيض منه و يجد في ذلك المتعة و النعرة الاستعلائية ، ففي النصف الأول من القرن الماضي تعالت أصوات الشعب الكوردستاني عبر أحزابه السياسية و خاصة (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) ببناء عراق ديمقراطي ينعم فيه الجميع بحقوقه و يشعر بإنتماءه و وطنيته إلا أن المتشبثين بالسلطة في حينها اتجهها نحو النظام الشمولي المركزي فأصبح قابعاً على رقاب الشعب يعامل كل مخالف له بالحديد و النار كألد أعداءه فألت ما آل اليه من الويلات و الدمار , و أثبتت كل التجارب السابقة بأن السلطات العراقية لم تكن قادرةً على بناء نظام ديمقراطي في البلد لأن الشعب العراقي نفسه آمن و يؤمن بالمركزية و السلطوية و مارسه في البيت و مكان العمل , و ما السلطة إلا تعبير عن مايخفيه الشعب في صدوره و من الجانب الأخر كانت كل محاولات المجتمع الدولي في بناء الديمقراطية في العراق تذهب أدراج الريح للسبب السابق (مع تقديري لكل الاصوات التي تظهر من وقت الى أخر و تنادي بالإصلاح و البناء الديمقراطي) فبعد تحرير العراق عام (2003) بدأت تظهر في الأفق بصيص من الأمل و تم بناء السلطة على أساس النظام البرلماني وفق القوانين والدستور لعام 2005 في محاولة لخلاص العراق من النظام الشمولي ولكنها أثبتت فشلها بدليل الاوضاع الأمنية و السياسية و الاقتصادية و الخدمية المتردية فبدأت تلوح في الأفق أصوات تنادي بضرورة عودة النظام الرئاسي و العمل به من أجل تقوية السلطة التنفيذية للسيطرة على الأوضاع أي إعادة الدولة العراقية الى سابقة عهدها في المركزية و الشمولية أي أن من في السلطة يناقض بعضه البعض بحجج و براهين متنوعه و متعددة .

حتى أن عدوى التناقض أصاب أقليم كوردستان أيضاً ففي الوقت الذي أثبت النظام الرئاسي جدارته في الأداء و تقديم الخدمات على المستوى الداخلي و الدولي تصر عدد من الأحزاب السياسية الكوردستانية على ضرورة تغيرها الى نظام برلمانى ينتخب رئيس الأقليم من البرلمان أيضاً لمبررات متعددة فهذا يعنى أن روح التناقض قد غرس في الجسد العراقي ففي بغداد تجري المحاولات على تغير النظام البرلماني الى الرئاسي و في أربيل على العكس من ذلك و ستظل هذا المسلسل من التناقضات مستمرة مابقي العراق كدولة تتحركها المصالح و الأجندات الدولية و الأقليمية بعيداً عن المصالح الشعبية العراقية .