19 ديسمبر، 2024 12:09 ص

العراق بعد داعش نظرة سياسية ورؤية تحليلية

العراق بعد داعش نظرة سياسية ورؤية تحليلية

يرى الكثيرون المتشائمون ، أن العراق سيتقسم الى دويلات وطوائف بعد القضاء على تنظيم داعش الارهابي،فيما يرى المتفائلون ،أن العراق سيبقى موحدا ،ويعود أقوى وأجمل ،هاتان النظرتان تشغلان العراقيين جميعا دون إستثناء، بل تشغلان الشارع العربي كله، فما هي حقيقة الاوضاع في العراق الان ، وكيف ننظر الى ما يجري فيه من صراعات سياسية وعسكرية بين القوى والاحزاب المتحكمة فيه ،والتي تحاول أن تتقاسم الكعكة العراقية فيما بينها ،على أسس طائفية وقومية وإثنية ، لأنشاء دويلاتها الطائفية والقومية ،والتي بدونها لا يمكن لها أن تبقى في سدة السلطة ،ذلكم هم أمراء الحرب والطوائف، وهم من يريد أن يحكموا العراق ،بإسم عوائلهم وبيوتاتهم الدينية والعشائرية لسنين طويلة ، تدعمهم وتدفعهم إيران بكل قوتها ، لتضمن هيمنتها وإحتلالها للعراق بإسم المذهب والدين وتابع لولاية الفقيه لقرون،مستخدمة هؤلاء أداة لتقسيم العراق، الذي يشكل رأس حربة لهم عبر التاريخ لأسباب تاريخية ودينية معروفة ،فيما يريد البعض الاخر من تجار وأمراء الحروب لتنفيذ أجندة أسرائيلية وامريكية وبريطانية ،وربما تركية وعربية لها مصلحة بإبقاء العراق ، ممزقا وضعيفا واهيا ، لايهدد جيرانه ،كما تزعم ، فيما يعمل الاكراد على تحقيق الحلم الكردي ، في إقامة دولة كردستان القومية ، مستغلين لحظة تاريخية ، هي ضعف العراق وتشرذمه وإحتلاله من قبل أمريكا وإيران ،وهذا حق مشروع لهم ،في أن يقيموا دولتهم ،وقد إعترف بهذا النظام السابق ،ووقع في 11اذار نظام الحكم الذاتي ،كأول مبادرة في المنطقة في ألاعتراف بحقوق الكورد القومية ، ويعملون مع الدولة الاقليمية والغربية وامريكا لتنفيذ هذا الحلم الذي ينتظره الجميع ،إعترافا بالحقوق القومية للاكراد في سوريا وايران وتركيا،بوصفها أمة هضمت حقوقها لقرون طويلة ،بسبب مقص سايكس-بيكو اللعين ،

فيما يعمل الاخرون من الاقليات الاخرى على إقامة محافظات بأسمها تحت مسميات –سهل نينوى- وإقليم الرافدين وإقليم الشبك وإقليم التركمان وإقليم البصرة ووهكذا ،تتنازع وتتسابق الاقليات والقوميات والاثنيات ،على كسب وانتهاز الفرصة التاريخية في ضمان واسترداد حقوقها المهضومة –كما تزعم – بإسم المظلومية ، أليس هذا هو الواقع العراقي الآن ، بل أجزم ،أن هناك عشائر تريد أن تقيم لها (دكان باسم دولة)، ظنا منها هذه الاقليات والقوميات ،أنها تستطيع أن تصمد أمام عواصف المنطقة السياسية ، وتسكت عنها الدول الاقليمية ،التي هي الاخرى تتربص بالعراق ،لتحصل على جزء من الكعكة ،بإسترجاع حركية وأمراض التاريخ وعقده،القريب منه والبعيد، نحن اليوم نرى العراق ، ليس بعين المتشائم ، ولا المتفائل، ولكننا نرى العراق،بعين الرائي،والمتبصر، المدرك لفهم التاريخ وحركيته، والقاريء لاحداث وتاريخ العراق ،منذ بدء الخليقة والى الان، ومر على كل حقب التاريخ وغزوات الاعداء واحتلالها له ،وانهاء الاحتلالات بالقوة تارة وتارى اخرى بالسلم، منذ ثورة اوتوحيكال والى غزو المجرم بوش الاخير، نعم العراق يمرض ولايموت، ونحن مقتنعون أكثر من قبل ،أن العراق هو الرجل المريض في الشرق الاوسط، بل هو على سرير الموت ، وكانت تركيا قبله ،هي الرجل المريض في المنطقة ، فهل بقيت كذلك ،أنظروا لها الان واحدة من أهم دول العالم والمنطقة في كل شيء، نعم العراق سيبقى عراقا واحدا ، وسيكون مثل تركيا الان ،رغم كل الجراح والطعنات والكوارث التي ترونها يعيشها العراقيون ، ولكن كيف، وعلى ماذا استندت ، وهل أنا أحلم، أم أنا متفائل ، أم أنا ساحر وأضرب تحت الرمل ، لا ،أنا لست كل هذا ، أنا سأحلل لكم بعين الرائي والمراقب والمتابع ، وأترك لكم الحكم ودرجة الاقتناع ،فهي من إختصاصكم أنتم ، العراق الان في معركة تاريخية مع الارهاب ،بأشكاله وانواعه، من تنظيمات متطرفة جدا سنية وشيعية وغيرها ، وفاسدين كبار في السلطة لايمكن احالتهم الى القضاء بسبب تسييس وفساد القضاء وأجهزة الحكومة ووزاراتها ، وكلها منظورة وتعمل على تقسيم العراق وإشعال الحرب الاهلية الطائفية بين نسيجه المتماسك، للبقاء أطول فترة لها ،في الحكم والتسيد على السلطة ولو بوجوه مختلفة ، وببرقع الدين دائما ، نعم فالعراق تحكمه الان أحزاب دينية وميليشيات طائفية وقادة فاسدون حد العظم ، تدعمهم دول اقليمية ودولية، عربية وغربية ، لذلك حينما إعترفت ادارة الرئيس دونالد ترمب، بخطأ غزو وتدمير العراق ، وضرورة إعادته الى محيطه العربي، وهيكلة جيشه واجهزته وحكومته التي بنيت على كذبة المحاصصة الطائفية،والغاء دستور مفخخ طائفي سبب كل الخراب والدمار للعراق،وما يزال، لم يكن إعترافها من فراغ، وإنما جاء لقراءة مستقبلية للسياسة الخارجية المدمرة لامريكا، وهذا هو ديدن الاستعمار، يغزو ويحقق أهدافه ، ثم يعترف بالخطأ ن ويصحح المسار ،بعد وضع إستراتيجية أخرى تختلف عن أستراتيجية من سبقه ،المبنية على هدف الغزو والتدمير والدمار،الى استراتيجية، الاعمار والبناء وفرض الامن وتصحيح ما نتج عن الغزو ،سياسيا وعسكريا واقتصاديا ،لذلك كانت أولى خطوات الرئيس ترمب هي دعوة واستدعاء رئيس الحكومة حيدر العبادي، بعد أعلن عن استراتيجيته السياسية والعسكرية في خطاب التنصيب،وهي القضاء على تنظيم داعش والارهاب الاسلامي الراديكالي، وطرح خارطة طريق لحكومة بغداد،

وهي التخلص من الحشد الشعبي والميليشيات، والابتعاد عن إيران، وهيكلة الاجهزة الامنية والجيش واعادة التوازن ، واعادة الحقوق للمتضررين من العملية السياسية، واعادة الاعمار بشركات امريكية حصريا ، وتمت زيارة حيدر العبادي الى واشنطن وحظي باستقبال استثنائي من قبل ترمب ومجلس الشيوخ والنواب نوالاجهزة الاخرى ، وتم ابلاغه بخارطة الطريق هذه ،واستلمها وعاد الى العراق،بعد ان وضع أسس هذه الخارطة السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعوي في زيارته للعراق ،وزيارة ولي العهد السعودي لواشنطن، ومن ثم كانت مشاركة العبادي في مؤتمر القمة العربية (حدث العالم كله)، وكيفية الاحتفاء به من قبل الرؤساء العرب بلا استثناء، وهذه ادلة واضحة على أن عهدا جديدا قد بدأ في العراق والمنطقة ،بعيدا عن أيران ،التي وصفها الرئيس ترمب وطاقمه بأنها اكبر راعية للارهاب في العالم وانها رأس الافعى، في وقت أرسلت امريكا حاملات الطائرات النووية الى البحرين وحاملات الطائرات روزفلت الى اليمن،مع حشود عسكرية كبيرة جدا لليمن والخليج العربي ،وتكديس أحدث الصواريخ والاسلحة لاحتمالية مواجهة نظام طهران ،إن لم ينسحب حرسه الثوري وفيلق القدس الايراني والميليشيات من العراق وسوريا واليمن ولبنان ، ويمتنع عن التدخل في الشئون العربية والدولية بدعمه للارهاب ،وتغذية وتمويل وتسليح خلاياه النائمة فيها،كما حصل في اليمن والبحرين والكويت وغيرها،وهذا لن يحصل قبل الانتهاء من معركتي الموصل والرقة قريبا جداا، إن ما نراه الان في الحراك السياسي والعسكري والاعلامي الامريكي تجاه العراق، يؤكد حقيقة جدية ادارة الرئيس ترمب ،في الاسراع في تنفيذ الخارطة والاستراتيجية الامريكية الجديدة،بالتزامن مع معارك الموصل والرقة واليمن ، فإرسال الادارة الامريكية الى شخصيات عراقية من خارج العملية السياسية ،مثل الشيخ جمال الضاريرئيس المشروع الوطني العراقي المستقل،والدكتور مصطفى الهيتي عضو مجلس النواب، وقبلها إشراف الادارة الامريكية على مؤتمري جنيف وأنقرة( للقادة السنة ) ، وزيارة صهر ترمب وأمين عام الامم المتحدة انطونيو ميتيريس الى العراق والموصل ،

للاشراف على خطوات معركة الموصل، ومعاينة الاوضاع السياسية المتفجرة بين بغداد والاقليم ،وداخل التحالف الوطني، والصراعات السياسية التي تنذر بتفجر الاوضاع كلها،واعلان السيد مقتدى الصدر عن احتمالية اغتياله ، وخلافات اتحاد القوى بخصوص ورقة التسوية المزعومة ،كلها مؤشرات واقعية على أن الراعي الامريكي ،يراقب ما يجري، وعليه ضبط ايقاع كل هؤلاء وإعادتهم الى حجمهم الطبيعي،لكي تنجح الاستراتيجية الترامبوية بسلاسة ،لان هذه الصراعات كلها تصب في خدمة تنظيم داعش، وحسب تصريح الادارة الامريكية يوم أمس في تعليقها على أزمة علم كردستان وحكومة العبادي وبرلمانه،وقرار البرلمان العراقي، والتصعيد السياسي والسجال المحموم من تصريحات استفزازية بين الطرفين،خاصة بعد اعلان التحالف الوطني موقفه ضد رفع علم كردستان في كركوك،مما زاد من حدة التوتر والتصعيد، إذن كل هذا يجري في ظل حراك أمريكي لضبط الايقاع ،لأنهاء حالة الصراع بين الاحزاب والكتل السياسية ،بعد الانتهاء من معركة الموصل مباشرة،والمباشرة بفتح ملفات العملية السياسية الجاهزة ،للبدء بمرحلة جديدة هي مرحلة تنفيذ الاستراتيجية الامريكية ما بعد داعش في العراق . …