لم يجد العراقيون أثر للمصداقية والشعارات والوعود، وينظرون بحالة من الشك والريبة لكل مسؤول حكومي، حتى حاول كثيرون منهم اللإقتاد بالمثل العراقي( صخم وجهك وصير حداد)، وما كان من الساسة إلاّ أرتداد الملابس الفاخرة، وعدد من المصطلحات، بعيد عن معالجات واقعية وطنية.
يتحدثون ليل نهار عن أنجازات لا وجود لها في الواقع، ويدعون محاربة الفساد، وقد أفسدوا الأرض وقالوا أنه ثقافة مجتمعية؟!
لم يجول بخاطر بعض الساسة في الأحلام، هذه الكراسي التي لها خراطيم وعروش تتحكم بمصائر المواطنين، ولم يفرح العراقيون بزيادة الموازنات، التي كان الفضل لزيادة اسعار النفط في السنوات المنصرمة.
تدفق أموال لا يعرفون قيمتها وحاجتها في الأيام السوداء، وشرعوا بزيادة الوزرات وتقاسم مغانمها، وإختراع الدرجات الوظيفية بمزاجيات ذات سند حزبي، للتكالب ونهب الثروات، وأخطبوط الفساد يطوق رقبة المواطن.
لا أحد يعرف أين تذهب الاموال، وتعاضد الفساد مع سوء الإدارة، الى معدل إنفاق سنوي40% من التخصيصات، التي يذهب جلها للمشاريع الوهمية، وما يُعاد لا أثرله، وعاد العراق الى العصور الوسطى في الصناعة والزراعة، وإختزلها بحب السفايف والبطريق؟!وما عاد في الأسواق إستكان شاي او خيار عراقي.
أن عمل الحكومة مسؤولية تضامنية، وتتفاوت حسب المركز الوظيفي، وتنازل من السلطة لا يعني أنه فضل طبقة عليه؛ إنما غرضها الخدمة، ويحاسب على الفشل أعلى الهرم، أما النجاح، فقد يكون منفرداً او جماعياً، وأنتج التضامن على فشل السنوات السابقة، خزينة خاوية، ولا مورد غير النفط.
واجهت حكومة العبادي تحديات كبيرة، ويربكها تراكم أخطاء عقول الأنا، التي لا تعرف التخطيط الاستراتيجي، وإنخفاض اسعار النفط والحرب على الإرهاب، وعراقيل التي تضعها مؤسسات معظمها بالوكالة، وريعها حزبياً، ولم يتفكر للتخطيط وتنمية الناتج المحلي.
يمكن تأجيل تبليط شارع أو سفرة كمالية، ولكن توقف النفط يومياً، يعني توقف مفصل من الدولة، التي تقف بحرج على حافة تذبذب الأسعار النفطية، وتهديدات التوقف المفروض من العمليات الإرهابية.
ماذا يفعل العراق، وقد توقف مصفى بيجي، وأستحوذ الإرهابين على حقول تكريت والموصل وأجزاء من ديالى وكركوك، وقطع طريق التصدير من كركوك وبيجي، وخسارة أنتاج 50% ؟ وهنا وزير النفط على المحك، وكان يتبنى تحويل الإقتصاد من ريعي الى أستثماري، ولكن حراجة الموقف تتطلب مضاعفة الإنتاج، والتحدي الى أنتاج لأول مرة في تاريخ العراق.
النجاح لا يحتاج الى شعارات ووعود؛ لم تستطيع إطعام جائع وإكساء عريان، والحكمة هي من منعت البلد من الإنهيار.
يكرر العبادي كلمته” العراق ليس مفلساً”، وبالحسابات المادية مفلساً، وذهبت موازناته مع ريح لفساد عصف، ولها جذور راسخة داخل المؤسسات، ولكن لم يفلس من العقول التي تتحدى المحنة، وأستطاعت وزارة النفط زيادة الإنتاج، في أزمة تنهار بها دول مستقرة، ومن الحق نقول أذا كانت الوزرات في عام واحد لا تصل الى 40%، أستطاعت النفط ان تصل الى 200% على سابقاتها، وأن العراق بخير وليس مفلساً.