23 ديسمبر، 2024 6:59 ص

العراق بحاجة الى حكومة تكنوقراط  للتغيير ، وليس لحكومة توافقات للتمرير !

العراق بحاجة الى حكومة تكنوقراط  للتغيير ، وليس لحكومة توافقات للتمرير !

لو كانت الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية العرجاء الفاشلة ، وطنية حقا ولها شعور جاد بما يعاني منه العراقيون وتبحث عن حل جوهري لمعالجة المحنة العراقية ، لفكرت جديا في أن لا تستمر هذه المحنة من خلال إيجاد حل يحقق التغيير أو يشكل بادرة لهذا التغيير بالأخص عندما تكون المحاصصة الطائفية والعرقية هي الداء المستديم للعملية السياسية التي أوجدها الاحتلال متقصدا لحصول ما حدث من إرهاب طائفي واحتلال بديل وفساد مستشرٍ.
اثبتت الكتل السياسية التي تشارك في العملية السياسية والانتخابات بكل طوائفها وعرقياتها انها بعيدة كل البعد عن أي مفهوم وطني عندما سمحت لنفسها ان تضيع الوقت وتزيف الخطاب وتسوف من هول المحنة وضرورة الحراك السريع لإنقاذ العراق المنكوب من خلال الانصراف الى ايجاد صيغة توافقات ومفاوضات للخروج بصيغة استمرار المحاصصة وتقسيم المناصب والعناويين بين نفس الخصوم الذي ثبت ان صراعها على السلطة لا يستهدف الاصلاح والتغيير بل المصالح والامتيازات الشخصية ، لا أكثر ، وهذه الحقيقة تؤكد ان هذه الكتل وقياداتها جميعا هي سبب نكبة العراق ومحنته ولا يمكن ان تكون حلا لنكبته او محنته .
في العراق اليوم انهيار كبير في السلطة وفقدان كبير للسيادة واحتلال متعدد الهويات وعنف طائفي متطرف متفاقم ونزوح ملاييني للمواطن من سكنه وموطنه وفساد ونهب للثروة وفقدان كامل لمفهوم المواطنة وحماية المواطن تفرزه مغريات السلطة الحاكمة وغياب مستهجن يثير الإستغراب لموقف دولي سياسي وإنساني أمام إنهاك كامل لدولة مدنية عريقة في الأصالة والحضارة .
الحل لمحنة العراق لا تكمن في تغيير المالكي ورجالاته بوجوه جديدة لا تنكر تبعيتها باحزابها وكتلها لإرادة إقليمية (إيران) وهي الواغلة في الشأن العراقي ومحنته سياسيا وعسكريا لعمق العظم في تحديد هوية من سيحكم ومن سينصب كما نقلته تصريحاتهم . والحل لمحنة العراق بابعادها وتعقيداتها لم يعد عراقيا فحسب ، ولكن أي حل للمحنة يستوجب ان يكون العراقيون الوطنيون هم أداة التغيير باسناد ودعم دولي عادل غير طامع او غازٍ.
عملية تبديل الوجوه بتوافقات غير وطنية عملية تسويف للوقت وضحك على الذقون يراد بها تمرير واستمرار مسلسل الهدم والانهيار للعراق المنكوب ، ولعل أضعف الفرص في الوقت العصيب الراهن الذي يفترض الإستمرار بالعمل بدستور الاحتلال الخائب والانتخابات الهزيلة لمن شارك فيها إذا كانت لهم بقية من ضمير و وطنية أو حتى فرصة لإستدراك الأخطاء واستحضار لحسن نيّة لأهلهم وشعبهم و وطنهم المنهار ، أن يسرعوا بلا مهاترات ولف  ودوران الى تشكيل حكومة وسلطة تنفيذية من التكنوقراط تتولى معالجة عناصر الانهيار والدمار الذي يلحق بالشعب العراقي بكل مكوناته وتلملم جراحاته ومعاناته، كخطوة تحمل أسبقية إنقاذ ، حكومة التكنوقراط من خلال توفر عناصر الكفاءة والخبرة والمهنية فيها دون التقييد بالمحاصصة السياسية والطائفية تكون تحت رقابة ومتابعة مجلس النواب المنتخب لا يشكل مخالفة دستورية او تشريعية لصلب العملية السياسية القائمة التي تزعم قياداتها الالتزام بركائزها . في ظل غياب هذه المحاولة الترقيعية الأخيرة للحاكمين اليوم في العراق المحتل ، بعد كل الذي أقترفه المالكي اليوم بحق شعبنا من نكبات وأزمات وفي ظل وجود الانتفاضة الشعبية المبررة ، لم يعد مشروع تبديله أو رحيله وتبديله بوجه آخر وفق توافقات طائفية وعرقية أمر سيلبي طموح العراقيين ويسهم بحل لمحنتهم ، على العكس من ذلك من المؤكد أن بقائه وعناده على البقاء في السلطة واستمراره بنهجه التعسفي سيزيد من تصميم الثائرين والمنتفضين واستمرارهم لتحقيق الحل الجذري المؤتمل من خلال كنس كل وجوه هذه العملية السياسة ونتاجاتها الخائبة والفاشلة منذ اكثر من عقد من الزمن الرديء.
 الدور الدولي في الإسهام بحل وتخفيف المحنة العراقية  يتمثل في ضرورة توفير الحماية لشعب كامل وبلد عريق فشلت السلطة الحاكمة والمنصبة فيه في تامين الحماية والحياة الكريمة لشعبها والسيادة على ارضه في ظل نزوح اكثر من مليوني مواطن وفقدان السيطرة على اكثر من نصف أرضه تتفاقم فيه حرب طائفية وعنف وارهاب مستديم ، توفير الحماية الدولية للعراقيين هو حق مضمون وفق قرارات وقوانين حقوق الانسان الذي يفترض ان تضمنه المنظمة الدولية للأمم المتحدة والذي عبر ممثلها في العراق عن قلقه الفائق على الوضع الامني وحال النازحين وطالب بتشكيل حكومة كفاءات كحل سريع للمحنة .