ما انتجته الانتخابات الاخیرة تعطي انطباعاٌ فی ان تکون الحکومة المنبثقة منها مختلفة فی أداؤها بعد ان اکتشف الشارع الخلل وعالجه بوعيه المتزايد و اذا احسنت الاداء لاخماد ثورة الغضب العارمة بدل تجرید السیوف من اغمادها لتکون انتفاضة للمظلومین ، الشعب يعرف كل شيء وهو قادر علي ان يفرز في الوقت المناسب الغث والثمين لأنه بفطرته يعرف حدود دينه.. ويدرك مسئولية وطنه ويقدر كل من يقدم لهذا الوطن من كلمة أو فعلا يجتاز به محنته . إن المهمة الأساسية لأية حكومة عراقية لاحقة ، ایجاد البرامج الاصلاحیة الشاملة واهمها ایجاد الطرق الحقيقية والسلیمة بضمیر حي وبنکران الذات لقطع دابر الفساد المنتشر والمستشري بكل أشكاله ومسمياته وتحارب الفاسدين مهما ارتفعت مناصبهم ومراكزهم ، فتلك آفة تعد من أخطر الآفات التي تحول دون تنمية أي مجتمع من المجتمعات و یجب ان تکون النقطة الأبرز في برنامج التحالفات التی سوف تنبثق بعد ظهور النتائج الانتخابیة – ولا يمكن إنجاز أية عملية تنمية حقيقية ولايمكن تأمين الموارد الضرورية ، لتحقيق مطالب الشعب العراقي الاجتماعية والخدمية والامنیة دون القضاء علی هذه الافة الخبیثة بحلول ناجحة ، بمعنى آخر، لا يمكن التصدي لمهمة تأمين هذه المطالب دون الإقدام على مثل هذه الخطوة التاريخية ، التي ستمد القوى الصاعدة بزخم جديد واندفاع للعمل، وتنعش البلد وتطوي الصفحات السوداء من تاریخه وان لم تستطیع فی رفع التذمر الذی یعاني منه فمن المستبعد أن نرى تغيراً كبيراً في سلوك الطبقة السياسية او في تغییر العملیة السیاسیة لتحقیق الانجازات والتي قد یدفعه من الخروج بردة فعل قد تودي الی فقدان السيطرة علیه . فهل سوف يتوقف الظلم والفساد والاختلاس؟ وهل تنتهي عمليات تهريب الرؤوس الكبيرة المُدانة بالاختلاس ؟وهل هناك من يستطيع أن يقنعنا بأن تغييرا سيحدث في الطريقة والثقافة والسلوك عما كان علیه ؟. ان الاعتراف بالفشل والخطأ والاقرار بالمسؤولية امر مهم وفضیلة ولیس فیه عیب ولا يستطيع ای إنسان أن يدعي العصمة مهما كان شأنه والخطأ الحقيقي هو تمادي البعض في خطئهم ، وعدم اعترافهم به ، والإصرار عليه هو العیب ولان ” الكبار لهم محطات في حياتهم يُراجعون فيها أنفسهم ويصححون فيها مسارهم ، حتى لا يسترسلون في خطأ وقعوا فيه ، أو هوى انساقوا إليه ، فإذا كان هناك ثمة خطأ أو هوى عالجوه قبل أن يستفحل” و تکمن مهام القوى السياسية الجديدة ، في التقاط اللحظة التاريخية المناسبة ، والارتقاء بالوعي الجماهيري الذي يتكون من خلال التجربة الملموسة ، إلى مستويات أرقى في السیاسة ، وبلورة رؤية متكاملة ، من شأنها أن تحول الزخم الجماهيري ، إلى قوة لصالح التغيير الجذري المطلوب .ان انحدار نسبة االمشارکة فی الانتخابات الاخیرة إلى 44.5 في المئة، وهي نسبة متدنية لو قورنت بسابقاتها، إذ بلغت 78 في المئة في الانتخابات الأولى والثانية عام 2005 متراجعة إلى 63 في المئة عام 2010 و52 في المئة عام 2014 مما تدعوا الطبقة السياسية الى مراجعة نتائج الانتخابات وما رافق العملية من شوائب والتشكِیكِ فی عدم اتقان مفوضية الانتخابات عمل الأجهزة الإلكترونية التي يفترض أنها تضمن خلوا العملية من التزوير فی الداخل ، كما حَرَمَت آلاف الناخبين فی الخارج من الادلاء بحقهم حیث تم الغاء مشارکتهم ویمکن بمراجعة صحيحة معالجة الثغرات التی ادت الی مقاطعتها مبنية على اسس سلیمة لان التذمر وعدم الرضا لو استمر یعني کارثة لا یمکن حساب عواقبها وألا يهزأوا من معاناتهم وألا يتزعزع أمنهم أو يمس بسوءٍ كيانهم . ويورثهم آلاماً تحملها أجيالهم وتعانى منها ذرياتهم . لاشك ان هناك استياءً بين العراقيين من الطبقة السياسية المهيمنة منذ عام 2003 والتي اتسمت بالفشل فی ادارة السلطة ونهم المال والنفوذ والفساد.
بالإضافة إلى ضعف الكثير من المتصدین للعمل وغياب الكفاءة والنزاهة بين صفوفهم والاعتماد علی المحسوبیة والمنسوبیة و ما تسبب في تفاقم المشاكل وتراكمها في صراعات النخبة التي لم تكن علي قدر المسئولية سواء في سلطة القرار وإدارة شئون الوطن بكل انقساماته. المنطق يتطلب فرض مراجعة من أجل اخراج المرحلة القادمة من حالة الجمود والعودة الی تحقیق مطالب الجماهیر التی لم تتحقق ای منها خلال السنوات الخمس عشرة الماضیة .