18 ديسمبر، 2024 11:21 م

العراق – اوبك ( في ظل غياب قانون النفط والغاز)

العراق – اوبك ( في ظل غياب قانون النفط والغاز)

تميل تقارير إستشرافية* إلى الاتفاق على أن فترة تدهور الأسعار الحالية لبرميل النفط هي ظاهرة وقتية سوف لن تستمر طويلاً. إذ سيدفع هذا التدهور، خلال فترة غير طويلة، إلى تقليل الكمية المعروضة من النفط وزيادة الكمية المطلوبة منه بحيث تكون محصلة ذلك عكس الاتجاه الانخفاضي. ومن ثم، حسب هذه التقارير، سوف لن يقل سعر النفط في المستقبل عن حوالي 100 دولار برميل.
كثرت توقعات معنيون بالشأن النفطي حول الإنتاج المستقبلي للعراق. وغطت توقعاتهم تقارير كان أهمها ما أعدته وكالة الطاقة الدولية، بما احتواه من إسقاطات أقل طموحاً للإنتاج العراقي لذات الفترة. وجاءت إرهاصات الأحداث في المنطقة الوسطى منذ بداية 2014 وخاصة بعد أحداث الموصل منذ حزيران لتزيد هذا الشك، في الأقل على المدى المنظور.
في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط ” كما يؤكد د. علي ميرزا” وانسحاب تأثير ذلك على عوائد ميزانية الدولة من ناحية، وحذر الشركات النفطية الأجنبية في نشاطاتها الجارية والاستثمارية، من ناحية أخرى، يصبح من غير الممكن تنفيذ البرامج الطموحة للإستراتيجية بعيدة المدى في توسيع الطاقات الإنتاجية بالمستويات والأوقات المحددة فيها. ولكن بافتراض انتهاء العمليات العسكرية في محافظات ( صلاح الدين ، الأنبار، الموصل، كركوك) خلال فترة غير طويلة، وعودة أسعار النفط إلى الارتفاع كما سبقت الإشارة أليه، سينتج عن محصلة ذلك تزايد الإنفاق الاستثماري مما سيقود إلى تسارع الإضافة للطاقات الإنتاجية بعد عام 2020**

العراق وأوبك
التقارير الاستشرافية الأخيرة حول إنتاج العراق ضمن أوبك تشير إلى الزيادة في الإنتاج العراقي بين 2013 و2020 من 1.2 م ب ي حسب المنظور لحالي إلى 1.6 م ب ي حسب التقارير المعنية بالمنظمة. وهذه إشارة إلى أن استيعاب هذه الزيادات يتطلب تخفيض حجم إنتاج الدول الأعضاء الآخرين بشكل ملموس وليس فقط تخفيض حصصهم.
من هذا يتبين أن دخول العراق بحجم أكبر من إنتاجه ينطوي على زيادة كبيرة في العرض النفطي، وهذه الزيادة ستؤثر في دور أوبك كمنتج متبقي، وربما تعرض الترتيب الحالي للحصص الإنتاجية للتغيير. فمن الصعوبة تصور قبول الأعضاء الآخرين في أوبك تخفيض حصصهم لاستيعاب الزيادة المذكورة في الحصة العراقية. وكردة فعل قد يدخل هؤلاء الأعضاء في منافسة للحفاظ على حصصهم في السوق، من خلال زيادة الإنتاج/العرض. ذلك إن من المعروف عموماً أن هناك حد أدنى، متصاعد خلال الزمن، من عوائد النفط لمعظم دول أوبك الذي أصبح ضرورة من الصعب الاستمرار لفترة طويلة بدونه، خاصة وان اقتصادياتها واستقرارها الاجتماعي لا يتحملان انخفاضاً طويلاً أو تقلباً كبيراً في هذه العوائد… غير أن نتيجة المنافسة ستكون زيادة العرض بما يتخطى الطلب ومن ثم انخفاض الأسعار العالمية. وبهذا ستعاد ذكريات انهيار الأسعار النفطية في 1986 عندما قررت المملكة العربية السعودية التخلي عن دورها كمنتج متبق وكذلك ما يجري حالياً عندما قررت أوبك في نهاية تشرين ثان 2014 عدم تخفيض إنتاجها. ولا شك أن ذلك لن يؤثر على دول أوبك فحسب وإنما الدول المنتجة للنفط خارج منظمة أوبك وبالذات الإنتاج من المصادر غير التقليدية للنفط.
إن فترة تدهور الأسعار قد تطول أو تقصر حتى تدرك دول أوبك ان من مصلحتها الاتفاق على ترتيبات قديمة- معدلة أو جديدة بما يحافظ على الأسعار بمستوى مناسب وعلى حد أدنى من العوائد. وفي ضوء ارتفاع إمكانيات التوسع في الإنتاج النفطي العراقي مقارنة مع الأعضاء الآخرين فإن ذلك سيدفع دول أوبك الأخرى إلى تقبل حصة للعراق في الإنتاج أكبر من تلك القائمة على توزيع الزيادات بالتناسب بين الدول الأعضاء والتي تعتمد على الحصص أو معدلات الإنتاج الحالية. أن ارتفاع معروض نفط أوبك في شهر حزيران إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات بفضل إنتاج “شبه قياسي” من العراق والسعودية، سيتسبب برفع إنتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط إلى درجة أكبر يتجاوز هدفها البالغ 30 مليون برميل يومياً رغم التعطيل الحاصل في ليبيا ونيجيريا” بسبب الوضع الأمني فيهما. وبحسب نتائج المسح الذي يعتمد على بيانات ملاحية ومعلومات من مصادر بشركات النفط وأوبك والشركات الاستشارية فان “معروض المنظمة زاد في شهر حزيران إلى 31.60 مليون برميل يومياً من قراءة معدلة بلغت 31.30 مليون برميل يومياً في شهر أيار الماضي”. وكانت وزارة النفط أعلنت في مطلع حزيران الحالي، عن ارتفاع “غير مسبوق” للكميات المصدرة من النفط الخام لشهر أيار الماضي لأكثر من 97 مليون برميل، فيما أكدت أن معدل الإيرادات المتحققة بلغت أكثر من خمسة مليارات دولار.
من جانبها كشفت ( أوبك) أن الاحتياطات المحققة لأعضائها من النفط الخام ارتفعت من 254 مليار برميل في عام 1964 إلى 1206 مليارات برميل في عام 2014 في حين ارتفع الإنتاج للفترة نفسها من 5،12 مليون برميل في اليوم إلى 7،30 مليون برميل. فيما كان معدل إنتاج النفط الخام في العالم وصل عام 2014 الى 4،73 مليون برميل يوميا مرتفعا بنسبة 7،0 في المائة مقارنة بعام 2013 . يد أن معدلات الإنتاج تسير وفق مخططات الوزارة الهادفة للوصول إلى إنتاج 6 ملايين برميل يوميا في عام 2018 لكن العراق استجاب لحدود سقف الإنتاج العالمي من النفط الذي تفرضه “أوبك” وقرر خفض توقعاته المستقبلية، للانسجام مع ظروف المنظمة، من المؤكد ان الشركات الاستثمارية على علم بأن التخفيض سيتم باتفاق مستقبلي، والجانب العراقي والمستثمرون اخذوا بنظر الاعتبار حصة العراق في أوبك. كما ان أفق الإنتاج المتوقع يتطلب تأهيل مرافقه النفطية وإعادة صيانة الأنابيب والمضخات والعوامات في الخليج . في ظل ذلك كانت الدراسات الاقتصادية التي اعتمدتها الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي انطلقت أظهرت إن حاجة العالم الى نفط العراق لا تتجاوز الـ 9 ملايين في أحسن الأحوال، وبالتالي صرف مزيد من الاموال على عمليات التطوير وصولا الى 13 مليون برميل كطاقة انتاجية.
ان *** قانون النفط والغاز الذي استطال تأجيل وقت قراءته لإقراره من قبل البرلمان العراقي، احتوى كل متطلبات وحيثيات رسم السياسة النفطية في العراق تامة غير مجزوءة، بدلالة تضمينه إعداد مشاريع الأنظمة وإصدار التعليمات والبيانات لتنفيذ السياسات والقوانين والخطط البترولية الإتحادية، والأشراف على العمليات البترولية في ضوء التشريعات ذات العلاقة والشروط التعاقدية والمعايير الدولية المعتمدة وذلك بالتنسيق مع الهيئات الإقليمية والمحافظات المنتجة لضمان التنفيذ الموحد والتطبيق المتجانس للسياسة البترولية في جميع أنحاء العراق ووضع البرامج والأساليب الأكثر نجاحاً في تطوير الحقول المكتشفة وغير المطورة وعرضها على المجلس. كما تضمن التأكيد على إعداد مشاريع السياسات والخطط الاتحادية الموجهة للاستكشاف والتطوير والإنتاج على أن تتناول تحديد مستويات الإنتاج اللازمة على المدى القصير والبعيد ، والتوصل إلى حلول مثلى للتوزيع الجغرافي وتوقيت مناهج التنقيب والتطوير والإنتاج بالتشاور والتنسيق مع الهيئات الإقليمية والمحافظات وتقديمها إلى المجلس لمراجعتها وإقرارها.

الهوامش
*التقارير الإستشرافية لموازين الطاقة/النفط في العالم تغطي الفترة 2011/13-2040.

1- تقرير”آفاق النفـط في العالم ″ أعدته منظمة الدول المصدرة للنفط OPEC
2- تقرير “آفاق الطاقة في العالم ” أعدته وكالة الطاقة الدولية IEA
3- تقرير” الآفاق العالمية للطاقة ” أعدته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA
** الدكتور علي ميرزا /المنظور الحالي لآفاق إنتاج النفط في العراق وميزان الطاقة العالمي حتى 2040

*** مسودة قانون النفط والغاز