22 ديسمبر، 2024 9:33 م

العراق … الى مرحلة الزوال !

العراق … الى مرحلة الزوال !

انتهت مرحلة الانهيار التي دخلها العراق وعاشها العراقيون منذ اربعة عقود وعلى كافة الصعد فمنذ عام ١٩٨٠ وتحديدًا الشهر التاسع وبدء الحرب العراقية – الايرانية حيث دخل العراق هذه المرحلة واخذت تتلاشى المنظومة القيمية للعراقيين رويداً رويدا واخذت اموالهم التي هي مصدر عيشهم ورفاهيتهم تذهب الى جيوب الاخرين من امراء الحروب وتجار الاسلحة وقوّادو الاعلام العربي المطبل لحرب كان ممكن تجنبها والحفاظ على العراق وامكاناته ورجالاته وابناءه المخلصين من الاجيال التي تربت على قيم اجتماعية وتربوية ووطنية رصينة ومكتسباته التنموية العظيمة والتي تحققت منذ ثورة الزعيم عبد الكريم قاسم ١٩٥٨ مروراً بالعهد العارفي والبعث الاصيل وصولًا الى مرحلة الرئيس الطائش والمتهور صدام حسين والبعث الصدامي عام ١٩٧٩.

 

 

لقد كان للعقوبات الاقتصادية بعد احتلال الكويت دورًا كبيراً في التأسيس لجيلين على الاقل يمتازوا بالفوضى وسقوط الضمير وفقدان البوصلة وانعدام الشعور الوطني وهؤلاء يشكلون اليوم نواة الدولة العراقية ويعملون في وزاراتها اجيال تربت على الرشوة والسرقة وفساد الضمير بشكل لم يسبق له مثيل لا في تاريخ العراق ورجالاته المخلصين ولا في اي دولة بالعالم ( فرهود ما صاير ولا شايفين مثله ولكم وين دينكم وين اخلاقكم ).

كان القائد الهمام يصارع ويستعرض عضلاته على جبهات القتال والخارج وينفق اموال العراقيين دون وازع من ضمير على شراء الاسلحة والضمائر الساقطة والاصوات المنافقة الناعقة تطبيلاً له في حين ترك جبهته الداخلية ينخرها الالم والمعاناة والجوع والمرض ونقص الادوية وذهبت مشاريع التنمية والبناء ( الا من قصور الدكتاتور ) ادراج الرياح وعاد العراقيون الى العصر الحجري كما وعد جيمس بيكر وزير الخارجية وقتها طارق عزيز بحضور برزان التكريتي ابو محمد في مفاوضات جنيف عام ١٩٩٠.

 

 

في عام الاحتلال الاميركي ٢٠٠٣ بدأت مرحلة تعضيد الانهيار حيث جاء من جاء مما يسمى بالمعارضة العراقية في الخارج لحكم البعث الصدامي وهؤلاء في الحقيقة اناس لا يصلحون لقيادة بلد مثل العراق (( خرج مثخناً بالجراح والاعباء والديون وتقهقر كبير في كافة مجالات الحياة بعد الحروب الغير مدروسة والتي لم يستشير فيها صدام حسين العراقيين المخلصين والوطنيين من قادة ورجال فكر وضباط مهنيين والتي كلفت ما كلفت العراق والعراقيين الشيء الكثير وللاسف الشديد )) ولا يمتلكون الشعور الوطني لانهم عاشوا على شكل مجموعات دينية طائفية وعرقية منغلقة على نفسها خارج العراق وكان هدفها الوحيد الحصول على رأس صدام (( والشرب من دمه )) كما يحلوا للعراقيين القول عند الغضب من شخص ما !!!

ولم يكن في جعبتهم اي مشروع وطني حقيقي يجمع العراقيين ويساعدهم في بناء بلدهم من جديد سوى الشعارات البراقة الزائفة والتي خدعوا واستغفلوا بها العراقيين،

فابتدأت مرحلة الفوضى الخلاقة وقامت عمليات النهب والسرقة والانتقام من العراق وممتلكاته وامواله وارصدته واصبحت شيئاً طبيعياً والسبب لان (( البعض يعتقد ان اموال الشعب او المال العام مجهولة المالك فبالتالي يحق له سرقتها والتعدي عليها )) وهو منطق شرعي (( غريب )) !!! فالمعروف ان المال العام في كل دول العالم يعود ملكيته الى شعوبها وينظم صرفه وانفاقه بقوانين صارمة وله حرمة ويعتبر الفاسد او المتعدي عليه متهم بجريمة جنائية ويلاحقه العار اينما حل وارتحل بسببه على عكس العراق فالمنطق السائد فيه فيما يخص المال العام هو حلال وهذا بهتان كبير وليعلم الذين سرقوا وهتكوا حرمة المال العام العراقي انه ملك لكل العراقيين صغارًا وكبارًا مسلمهم ومسيحيهم عربيهم وكرديهم وكل من يحمل اوراق ثبوتية تثبت انه عراقي، لذلك عشنا وشاهدنا حجم الخراب الكبير منذ ما يقارب ال ١٨ عاماً الاخيرة من الادارة السيئة لكافة قطاعات الدولة والنهب المنظم لاموال وخزينة الدولة العراقية حتى امسى العراق دولة خربة بلا خدمات حقيقية و تعتاش على ما تستورد من الخدمات والسلع اكثر مما تنتجه.

 

 

بعد هذا الانهيار القيمي للكثير من العراقيين وحدوث الانهيار المالي للدولة العراقية وتقاطع العراقيين في الافكار والرؤى والمشاريع السياسية التي تخص البلد والتكالب الاقليمي عليه فلم يعد بامكان اعظم الخبراء والمستشارين والقيادات الادارية وعلى مستوى العالم ان لم ابالغ القدرة على التخطيط والعمل على النهوض بالعراق واعادته الى سكة الحضارة والتنمية والازدهار من جديد ولذلك ترى العديد من الشركات العالمية العملاقة ذات السمعة الكبيرة والرصينة والخبراء الاقتصاديين ترفض المجيء الى العراق وترفض التعامل مع العراقيين لفسادهم وجشعهم الا القليل من الشركات الصينية والصينيون عموماً متهمون في محاباة الفاسدين في الدول التي يعملوا فيها ومستعدين لتقديم الرشوة والكومشنات للفاسدين مقابل مشاريع ومنتجات سيئة الجودة.

 

 

ان مرحلة زوال العراق كدولة باعتقادي والكثيرين قد بدأت وقريباً سيشهد البلد تحولات مفاجئة وستكون ايذاناً بتمزقه وزواله من الخارطة وحلول دويلات صغيرة وضعيفة جديدة محله.