23 ديسمبر، 2024 11:28 ص

العراق … الى اين ؟

العراق … الى اين ؟

كنا قد حذرنا في كتابنا الموسوم (حقيقة المصالحة في العراق) ، من تداعيات عدم وضع اسس رصينة للتعايش السلمي في البلاد بين ابناء الشعب العراقي ، في فترة التحول من النظام الشمولي الى النظام الديمقراطي ، ووضعنا تجربة قيام الدولة الاسلامية كشاهد اثبات لهذه الاسس ، وكيف اتقت هذه الدولة التي اصبحت فيما بعد اكبر قوة عالمية بفضل تماسكها وتحضرها ، اي ردة فعل جانبية للرافضين لهذا التحول ، ونجاحها في استيعابهم وانخراطهم في العملية السياسية ووصولهم الى مناصب قيادية مهمة منها الرأس الاعلى في السلطة لهذه الدولة .
نقر ونعترف ان ما يجري من احداث وتداعيات في العراق بعد عشر سنوات من الاحتلال ، يتحمله الاحتلال الامريكي الذي عمد على تقسيم الاطياف العراقية ، وقيامه بتسمية هذه الاطياف بمسمياتها ، ما دفع هذه الاطياف الي التكتل بحسب هذه العناوين بقصد او بدون قصد .
وبعد ان تسنم العراقيون المسؤولية في ادارة البلاد وجدوا انفسهم في هذا المنزلق الخطير ، فترى الحكومة تسمي قائمة معينة كممثلة للسنة ، في حين ان القادة السياسييون السنة يرون من الحكومة على انها شيعية ، وبقي الاكراد يقدمون هويتهم القومية (بتطرف كبير) وبصورة علنية على باقي الهويات .
وفق هذه التداعيات ، ضاعت الهوية الوطنية في دائرة الصراع (الطائفيقومي) ، وبدلا من ان يبحث القادة السياسييون على امتيازات للبلاد مثل الخدمات والاعمار ، راحوا يتهافتون على الامتيازات المناطقية الطائفية ، فقاموا يتعاملون مع المحافظات على انها سنية او شيعية او كردية ، واقرب مثال هذا الامر هي ازمة التظاهرات في عدد من المحافظات الغربية ، التي اعلنت من منابرها بصورة علنية حال ” السنة ” في البلاد بظل ” دولة شيعية ” . بالاضافة الى ازمة الحكومة المركزية مع حكومة اقليم كردستان ، التي لا ترى من نفسها انها اقليما تابعا لدولة دستورية ، انما دولة كردية داخل دولة عربية !!
الحكومة عولت على مشروع المصالحة الوطنية ، وقلنا في كتابنا انف الذكر ان هذا المشروع لا يسمن ولا يغني من جوع ، اذ ان المسألة اكبر بكثير من ان يحلها مشروع للمصالحة الوطنية ، وان العراق لا يحتاج الى مصالحة بقدر حاجته الى حسن نية وشعور وطني وثقة لبناء البلاد .
بالتأكيد ان وصول المشهد الى هذه المرحلة ، يعرض البلد بكل سهولة الى التأثيرات الخارجية المحيطة في العراق ، لاسيما من بعض الدول التي طرحت نفسها كراعية للسنة ، واخرى راعية للشيعة ، وهذا بالنتيجة يدخل العراق في دائرة الصراع (السني – الشيعي) الذي يدور في المنطقة .
المؤسف ان بعض السياسيين في البلاد ، ضخوا ضخا طائفيا مقيتا في التظاهرات الغربية في مسعى منهم لتدويلها ، وطرحها كربيع عربي جديد في العراق ، لكن فيما يبدو ان هذا المسعى لم ينجح بفضل بعض الخيرين من السنة والشيعة الذين شعروا بخطورة الموقف وما يمكن ان تؤول الاحداث اذا نجح هذا المسعى .