دراسة قانون البنى التحتية وتأجيل التصويت عليه نتيجة أنسحاب بعض الكتل يحتاج الى وقفة , وأنعقاد المؤتمر الثقافي للجان المتابعة للمصالحة الوطنية يحتاج الى وقفة ؟
هذان الحدثان متقاربان من حيث الوقت , ومتقاربان من حيث الدلالات ؟
البنى التحتية تعني المستقبل , ومن لايريد البنى التحتية لايريد المستقبل للعراق , ومقولة هذا قانون للدفع ألاجل تسطيح مخل بالعقل السياسي ؟
وأنعقاد المؤتمر الثقافي للجان المتابعة للمصالحة الوطنية بالطريقة التي عقد بها وبالعنوان الذي وضع له هو أختزال للعقول الثقافية في العراق لايجوز السكوت عنه .
الذين أنسحبوا حتى لايجري التصويت على قانون البنى التحتية هم البديل عن الشعب العراقي أي الممثلين .
وعندما يعجز البديل لآي سبب كان لابد من رجوع ألامر الى ألاصيل , وألاصيل هنا هو الشعب العراقي صاحب المصلحة الحقيقية في صناعة المستقبل , والبنى التحتية جزء من صناعة المستقبل العراقي , ومن لايريد المستقبل لايريد الحياة ؟
والذين أرادوا أن تكون الثقافة العراقية محصورة بمن حضروا الى المؤتمر الثقافي من أجل المصالحة الوطنية , أختزلوا المثقفين العراقيين لاسيما من أصحاب ألاقلام الحاضرة في الميدان المعرفي المقروء والمسموع والمشاهد , مثلما أختزلوا المصالحة الوطنية وسدوا عليها نوافذ التواصل التي لاتعتمد علاقات الحواشي والمحسوبية الضيقة
أن المراوحة وعدم القدرة على التوليد وألانتاج هو السبب الحقيقي وراء عقم الدولة العراقية التي أصبحت ظاهرة الحمل العنقودي ملازمة لكل مخاضاتها حتى كلما ” أعشرت أملصت ” ؟ وهذا الوصف للآمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
في الحالة ألاولى وهي مسألة التصويت على قانون البنى التحتية تتحمل الكتل ورؤساؤها المسؤولية , ويتحمل الشعب العراقي الذي أنتخب هؤلاء المسؤولية , ولكنها جردة حساب هي ألاخرى ليست بمقدور من يعرف البيدر ولا يعرف ماقبل البيدر ؟
ومن هنا فأننا أمام قضية تتعلق بالوعي والمعرفة التي تتقدم على السياسة وتناقضاتها , وعلى الحزبية وأنانيتها , وعلى الحكومة وخيباتها .
وفي العراق أصبحت تناقضات السياسية هي التي تسمح لبعض الجيران بالتدخل في شؤون العراق , مثلما جعلت السيدة كلنتون وزيرة خارجية أمريكا هي التي تلتقي بمن ذهب ليلقي كلمة العراق في مؤتمر الجمعية العامة للآمم المتحدة فتقول له بلغة ألامر : أمنعوا الطيران ألايران أن يمر بأجوائكم لحمل السلاح الى سورية؟
وهي نفس مقولات السياسة البيروقراطية التي حلت محل الشعارات الديمقراطية في موسم مايسمى بالربيع العربي والتي صنعت لنا دكتاتورية جديدة وهذه المرة من رحم الديمقراطية ليقول : ” مت رومني ” مرشح الحزب الجمهوري لآنتخابات الرئاسة ألامريكية القادمة : ” أن الشرق ألاوسط لايحكم ألا من قبل أمريكا” فرد عليه ” بوتين الروسي ” قائلا : أن شركائنا في الغرب هم من يصنع الفوضى في سورية ؟
وهنا على مستوى السياسة الدولية كذلك يواجهنا ” البديل ” وهي دول المحاور وألاستقطاب في المسرح العالمي التي أصبحنا من رعاياها تتفاوض بأسمنا وترسم المواقف وألادوار نيابة عنا ولمن لايعرف سر هذا ألامر عليه أن يستعيد موقف الصهيوني ” نتنياهو” وهو يلوح من على منصة ألامم المتحدة برسم القنبلة الذرية ألايرانية التي وصلت بزعمه الى تخصيب ” 70|0 ” من اليورانيوم ويحذر الجميع بأستخفاف ووقاحة بأن أسرائيل لن تسمح لآيران أن تبلغ مستوى ” 90|0 والكل مهطعي الرؤوس لآن الفكر التوراتي أستطاع أن يجعل من أيران عدوا أفتراضيا بديلا عن العدو ألاصيل لهذه ألامة وهو الكيان الصهيوني ؟
وعندما يتكلم وزير خارجية روسيا ” لافروف ” ليكشف سرا من أسرار ألاشتباك الدولي في منطقتنا فيقول : ” أننا مهدنا السبل لآجراء تواصل بين سورية وأمريكا حول السلاح الكيميائي ” فأننا في مثل هذه الحالة نواجه ” البديل ” وهو روسيا وأمريكا يتكلمون عن ألاصيل وهو الكيان السوري شعبا وحكومة الذي غيبت دوره فوضى العصابات المسلحة من مرتزقة عرب وأجانب في حلب وحمص والقصير التي تتوزعها جماعات المراهقة السياسية والجهادية وفرقها وكتائبها المتخمة بالطائفية والجهل التي تسمي تدمير مستشفى القصير بثورة المستشفى ؟
في العراق اليوم تتجلى مقولة ” لارأي لمن لايطاع ” وهي حكمة ظلت على مشارف التاريخ لاتجد من يعتبر بها أو من يراجع تطبيقاتها في السياسة وألاجتماع يتساوى في ذلك الجميع من يدعي المرجعية الدينية , ومن يدعي الديمقراطية والعلمانية , ومن يتبجح بالفدرالية والدستور وألانتخابات التي كانت سببا في طفح كيل البديل وغياب ألاصيل في كل المجالات ؟
وما تعثر التصويت على قانون البنى التحتية ألا بسبب حضور البديل الذي ثبتت بدائيته ونهمه المفرط في المصالح الشخصية وتابعيته التي لاتحتاج الى دليل لمراكز صنع القرار ألاجنبية
وغياب ألاصيل الذي حورب عمدا من قبل أجندات ألاحتلال وأقصي جهلا من قبل من دخلوا العملية السياسية بأملاءات ظاهرها ملمع بالوطنية الزائفة , وباطنها يستهدف أفراغ العراق من نخبه ألاصيلة ومن صناع الرأي ورواد المعرفة , ونظرة سريعة على الوجوه التي تظهر في مكاتب أحزاب السلطة ومكاتب الكتل المتنافسة معها وأجتماعات العشائر , ومؤتمرات مايسمى بالمصالحة الوطنية , ومكاتب الحكومة , وممثليات المرجعيات الدينية التي ترمل العراق بسببها , كلها تكشف عن حقيقة مفجعة تلك هي أستجلاب البديل , وأبعاد ألاصيل ؟
والعراق المضيع بسبب البديل المزيف هو من لم يستطع الخروج من بنود الفصل السابع بعد تسع سنوات من ذهاب ألاسباب الموجبة لذلك ؟
والعراق المضيع بسبب البديل المزيف وأقصاء ألاصيل هو الذي لازال يرزح تحت طائلة ألاختراقات ألامنية التي ترتفع فيها علامات ألاستفهام التي لاتقوى التبريرات الواهية والسطحية ألاجابة عنها ؟
والعراق المضيع هو الذي يعاني من هذا الكم الهائل من الفساد بكل أنواعه والجاثم على صدر الدولة العراقية بعدوانية المحاصصة التي شوهت كل شيئ , وصنعت المرض العضال الذي أستبدل علم الطب والصيدلة ببضاعة البقال , ليصبح الجسد العراقي عرضة لقارئ الفنجان ومنجم الفال الذي وجد من بعض الفضائيات منبرا لتمرير الدجل المرحل بلغة ألاحتيال ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]