19 ديسمبر، 2024 1:05 ص

العراق …المجهول بات يقلق الكثيرين

العراق …المجهول بات يقلق الكثيرين

يظهر من خلال المتابعات ان القوى السياسية قد اصابها الدوار من التظاهرات التي سادت الكثير من المحافظات مطالبة بالحقوق ومحاسبة المفسدين وكل مجموعة تحاول ان تحمل المسؤولية للاخرين وخاصة اتهام الحكومة الحالية باللوم لعدم استطاعاتها وضع الحلول لمجابهة المشاكل مع احتجاجات عارمة شهدتها مدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد منذ التغيير عام 2003 والجماهيرتطالب فيها بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد المستشري في البلاد والشعور باللاعدالة في توزيع الثروة و التي عكست الانفصال التام بين الكتل السياسية وانسان الشارع العادي المتظاهر .

في غياب ابسط المستلزمات الحياتية و عدم تسهيل فرص للإسكان و الأراضي والوحدات السكنية للفئات الأكثر احتياجًا مع منح الأولوية للمحافظات الأكثر فقرًاعن طريق مجالس المحافظات و وزارة الاسكان واعطاء القروض الميسرة بفوائد بسيطة .

ويُمكن أن تؤدي عفوية التظاهرات على بلورة مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية لا تعد بانها كبيرة للضغط على المنظومة الحاكمة لتحقيقها . رغم عدم وجود قيادة واضحة لها وتعهدت حكومة “عبدالمهدي” بمعالجة أسباب الأزمة، والوقوف على أسباب الاحتجاجات، خاصة ما يتعلق بتوفير منح حكومية للأسر الأكثر احتياجًا، إضافة إلى العمل على توفير المزيد من فرص العمل عن طريق تشغيل المعامل المتوقفة .

ان مكافحة الفساد اساس المشكلة والتي تتطلب نوعين من المعالجات: المعالجات السريعة والاجرائية، والمعالجات التربوية طويلة الامد. والنوع الثاني تقوم به المؤسسات الحكومية بشكل اساسي من خلال النظم الاستراتيجية الطويلة الامد والقصيرة الامد باساليب حضارية حديثة و التي تكفل تنشئة مواطنين فعالين صالحين وترسيخ منظومة القيم الاخلاقية في المجتمع ويعينها في ذلك الاعلام والثقافة والمؤسسة الدينية ومنظمات المجتمع المدني.. ونحن نعرف اليوم حجم الانهيار العلمي في مدارس العراق، وهو امر مازال خارج الاهتمام الرسمي والشعبي، للاسف. وغاب بشكل خاص عن خارطة طريق حكومة رئيس الوزراء وهي غير قادرة على فعله و لازالت من الناحية الزمنية مكبلة بالمحاصصة وكذب من يقول ان المسؤولية تقع عليها انما تقع على من وضع اساس الفساد والسرقات والاختلاسات التي بلغت المليارات من الدولارات ولم تضع حجرة واحدة فوق اخرى رغم انها لم تكن بعيدة عن المسؤولية اذا ما اردنا ان تحسب الزمن للذي استغرقته 16 عام الحكومات السابقة و الحكومة الحالية . لتزداد الفجوة اتساعاً بين حكام متهمين بالتخلي عن الدور القيادي لبلادهم بضعفهم وكسلهم والتفكير بمصالحهم قبل مصالح مجتمعهم والسماح لقوى أجنبية بالتدخل مثل الولايات المتحدة الامريكية والتصارع في داخل بلادهم، حتى بلغ الحال أن أحزاباً وشخصيات من دول صغيرة لم تكن مذكورة في التاريخ بكل المقاييس مقارنة بالعراق أصبحت تأمر وتنهى وتتحكم بالقرار العراقي وتتدخل بشؤونه .

ان الصفة الغالبة والتوجه العام للعملية السياسية في العراق هو سعي أغلب الكتل، كل حسب مقدار قوتها العددية وتأثيرها في العملية السياسية، من اجل الحصول على المنافع الشخصية والحزبية بالدرجة الأساس والاستحواذ على أكبر ما يمكن من المال العام. ويلاحظ هذا الامر من خلال الصراع بين الكتل للحصول على المناصب العليا في السلطة التنفيذية التي تتيح لها فرصة تحقيق غاياتها من خلال المشاريع الوهمية والعقود الفاسدة والتعيينات الفضائية ويزداد السخط الشعبي على الحكومة ارتفاعاً؛ متجسداً بتظاهرات واحتجاجات مستمرة مع تواصل الأحزاب الكبيرة المسيطرة على المؤسسات الحكومية التي تدير البلاد وهي ليس لديها متسع من الحلول في التعامل مع الازمة الراهنة اللهمة إلأ الترقيعية ، وهنالك أسباب أخرى تضعف موقف رئيس الوزراء امام الفساد والفاسدين من اهمها الحضور القوي والمؤثر في الشارع العراقي للكثير من الشخصيات التي يتهمها الاعلام وبعض البرلمانيين بالفساد وقدرتها الشخصية على الوقوف بوجهه إذا ما حاول مجرد النبش في موضوع فساده. حتى وان استعانت بخبراء يتمتعون بالكفاءة والنزاهة لتشخيص الاخطاء ووضع الحلول لها وفق الاطر الدستورية والقانونية و قد فقدت حبل رشدها والإعتبارات السلوكية الصالحة وبدأت تستند في سلوكها الآثم على مبررات ذات ابعاد غير متوازنة , خصوصا عندما يوجد في البلاد مَن يتاجرون بدم العراقيين , فعندها يكون من السهل تسويغ ما تقوم به الحكومة التي تستمد قوتها وبقائها من الطامعين بالبلاد والعباد فلن نجد احسن مما نحن فيه .ان فرض واقع سياسي جديد في منظومة الحكم بأكملها يشترط استمرار حالة الزخم في الاحتجاجات، أو في أضعف التقديرات يُمكن أن تنجح الفئات المشكِّلة للاحتجاجات -خاصة الفئات الشبابية- في تكوين كتلة سياسية جديدة عابرة للقيادات القديمة والأحزاب لتكون نواة لحركة معارضة جديدة .وأن الأيام المقبلة قد ستحمل فصولاً جديدة من التعامل من الشارع و تقرّ الاحتمالات بوجود حراك مطلبي ضاغط جدّيد، لكنها في الوقت نفسه تقر بوجود قوى سياسية تسعى إلى تصفية حساباتها مع خصومها و يجري في ترتيبها المغامرات السياسيّة والّتي تعبث بالتوازن الدقيق و في محاولات قد تكون سريعة للاستفادة من ميزان القوى وهي ظاهراً متجاهلة دقّة المعادلة العراقية و الحؤول دون إقرار الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة والإداريّة الضروريّة الجذريّة لمكافحة الهدر والفساد وإيجاد الأرضية الملائمة والصالحة لانهاء الازمة الحالية وقد تدخل بعض القوى من العملية السياسية لركوب الموجة ، ، على خط الداعمين لها بهدف إسقاط الحكومة وتصفية حسابات مع الداعمين لها من القوى الاخرى . واذا ما تجددت التظاهرات مرة أخرى سوف تضع الحكومة أمام خيار الإقالة أو الاستقالة ، وكذلك أيادٍ خارجية تريد استغلاله لتحقيق مآربها. هكذا، يبدو المشهد القادم يحمل الشديد من الضبابية، في اطارمخاوف اسوأ من انفجار متجدد، وهاجس من الخوف من الانزلاق إلى المجهول بات يقلق كثيرين.، والايام حبلى بلياليها.