18 ديسمبر، 2024 6:05 م

العراق: القرارات الاممية لم تزل سيوف على رقبة السيادة

العراق: القرارات الاممية لم تزل سيوف على رقبة السيادة

منذ عام 1990 والى ان غزت امريكا العراق واحتلته في عام 2003 ،رزح العراق تحت طائلة بنود الفصل السابع، حتى الوقت الحاضر، على الرغم من ان العراق كان قد أُخرِجَ من طائلة البند السابع في يونيو 2013 ورسميا بصورة تامة لجهة القانون الدولي في عام 2022، كما ورد في مقال اخر للكاتب فوزي الزبيدي، نشره المعهد في 21اب اغسطس من هذا العام. وبالتالي فقد العراق؛ الكثير من فرص التنمية والتطور، وبناء جيش قوي يحمي الامن الداخلي والحدود . ان الجزء الاكبر من هذه الفرص الضائعة، يتحملها الجانب الامريكي؛ بقصد امريكي، مخطط له مسبقا، وليس كما يدعون خطأ في السياسة وحساباتها، اضافة الى المحاصصة وسوء الادارة والفساد. معهد واشنطن وهو مؤسسة بحث استراتيجي امريكي، يضم عدد كبير من الباحثين، ويقدم الدراسات الى المؤسسات الامريكية صانعه السياسات والقرارات الدولية، اي انه يقدم اجابات اجرائية لجهة العمل في الميدان للأسئلة التي تولدها حرارة المواجهة المكشوفة او الخفية، في المناطق الساخنة. وفي المقدمة منها؛ الوضع في العراق، وما سوف يفضي او ينتهي إليه هذا الوضع في خاتمة المطاف. اتمنى ان تكون الخاتمة ايجابية بما يؤدي او يتم فيها بناء الاستقرار المستدام والامن والسلام والتنمية، وترسيخ مؤسسات قانونية؛ تتجذر فيها، الممارسة الديمقراطية، وعلى مساراتها، وبناء علاقات ندية متكافئة على اسس الشراكة والمنفعة المتبادلة، مع جميع الدول بما فيها امريكا وايران. معهد واشنطن، صدر عنه مؤخرا؛ دراسة عن الاوضاع في العراق؛ تضمنت عشرين فقرة. عند دراسة هذه الفقرات بتأن وبروية وبتمعن، نلاحظ؛ ان هذه الدراسة فيها الكثير من التناقضات، واخفاء حقائق موضوعية، وراء جميع الذي حصل ويحصل الى الآن في العراق. منها على سبيل المثال لا الحصر؛ حل الجيش العراقي، وتدمير بنيته التحتية، وبقية مؤسسات الدولة ذات الصلة، من قبل سلطة الاحتلال الامريكي؛ مما عرض العراق الى الانفلات الامني، والذي نتج عنه تغول القاعدة واخواتها، وتاليا بعد سنوات، ادت هذه الفوضى واضطراب الامن الى تغول داعش واخواتها التي احتلت ثلث اراضي الوطن في عام 2014. ان من تداعيات كل هذا الذي حصل للعراق؛ أن جعل من ارضه؛ مركزا للإرهاب. معهد واشنطن في احد الفقرات التي تضمنتها دراسته؛ يقرر مطالبة الحكومة العراقية؛ بأن لا يكون العراق موطنا للإرهاب الذي يهدد الدول الاخرى؛ في وقت ان العراق في اوضاعه الحالية، والتي سببها امريكا وغيرها، والفساد وسوء ادارة القائمين على شؤونه؛ ليس بقادر على تهديد اضعف دولة في الجوار، لا في النية والهدف ولا في الامكانية والقدرة. هنا تناسى هذا المعهد ان من اوجد البيئة لتواجد الإرهاب على ارض الوطن هي امريكا وسياستها عندما احتلت البلد. في فقرة اخرى من هذه الدراسة تشير هذه الفقرة؛ ان على العراق ان يقوم بتفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق وامريكا، والقضاء على الإرهاب وهو هنا أكد على الفصائل المؤيدة لإيران حسب رؤيته لها، كما ورد في المقال او الدراسة، والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع بلا ادنى عنف، وحقوق النساء؛ حسب، تقول الدراسة؛ الفقرة 32من القرار الاممي 2622الصادر في 2-2- ،2022 وابلاغ مجلس الامن الدولي عن اي نشاط ارهابي يهدد الدول الأخرى وايضا الامن الداخلي؛ بخلاف ذلك؛ لن يشهد البلد اي حركة اعمار واسعة وعميقة. ان هذه كأني بها تدفع الادارة الامريكية؛ لممارسة الضغط على الحكومة العراقية سواء الحالية او التي سوف تحل محلها في المقبل من الزمن؛ حتى تستجيب للطروحات الامريكية ان لم اقل الشروط الامريكية، التي تقوم امريكا بتقديمها بلغة ناعمة، إنما بحروف حمر. من الجهة الثانية تشير هذه الفقرات الى ان اخلال او عدم الالتزام من قبل الحكومة العراقية بالفقرات الواردة في اعلاه، وبالذات في الذي يخص الإرهاب او تهديد دول المنطقة بهذا الإرهاب؛ وهو يقصد هنا في هذه الدراسة، أو في هذا المقال، وفي هذه الفقرة بالذات؛ هو امن دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ عبر توصيف المليشيات الموالية لإيران بالمنظمات الارهابية، كما ورد حرفيا، في احد فقرات هذه الدراسة (التي هي بالأساس مقال، لكن ومن وجهة النظر الشخصية المتواضعة؛ انها دراسة بكل ماتعني الدراسة من معاني محددة، وبما تحمل سطورها من معاني التقييم والإحاطة، والقراءة الاستباقية للمستقبل)؛ سوف يؤدي عدم التزام العراق بهذه الفقرات؛ الى تفعيل الفصل السابع مرة اخرى. ان هذا يعني ان البند السابع هو السيف المسلط على رقبة سيادة العراق وحكوماته. في جميع الفقرات تقريبا، ركز المعهد في دراسته هذه ( مقال…)؛ على اهمية تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين امريكا والعراق؛ كدولة حليفة لأمريكا. واذا نظرنا عميقا في الذي تحويه هذه الدراسة من فقرات، هي في جميعها؛ تريد من العراق ان يكون منطقة نفوذ امريكي موثوقا جدا، وغير قابل لتقلبات الاوضاع سواء الداخلية او الاقليمية او الدولية، اي ضبط ايقاع المشهد السياسي في الداخل العراقي، حاضرا ومستقبلا. هنا اقتبس، بما معناه وليس حرفيا، ما كتبه الدكتور جاسم يونس الحريري في مقال له، قبل ايام، نشره في صحيفة الراي اليوم “هنا قد كان للوكالة الامريكية للتنمية الدولية؛ دورا كبيرا في عمليات غسيل الدماغ لشباب والشابات، التي بدأت العمل في الوطن، في الأيام الاولى للاحتلال. من اهم وابرز ما قامت به، هذه للوكالة، وتقوم به حتى هذه اللحظة: اولا تقوية مجلس المحافظات بالدعم المالي، وحثها على اتخاذ القرارات بمعزل عن الحكومة المركزية في بغداد. ثانيا، نشر قيم الحداثة بالطريقة التي تفقد الاسرة العراقية، وحدتها الاسرية ونسيجها الاخلاقي، وليس الاستفادة منها في عصرنة القيم والتقاليد والتاريخ والمورثات، بما يتمشى مع روح الحداثة. ثالثا، اجبار الحكومات العراقية المتعاقبة على اعتماد اقتصاد السوق؛ مما ادى بالنتيجة؛ التأثير على الصناعة والزراعة تأثيرا كبيرا جدا؛ حتى بات العراق يعتمد كليا على واردات النفط؛ في توفير الرواتب وغيرها، اضافة الى تلبية حاجات الناس، حتى من الخضر والفواكه، اللتان كان العرق مكتفيا ذاتيا بها. رابعا، التشجيع على حرية الجسد؛ الذي كان من نتيجته؛ الحاق الاضرار البالغة بالقيم والتقاليد. خامسا، انتاج قيادات شابة، تؤمن بالموضة الامريكية، ومبتعدة كليا عن روح الوطن، تاريخا وقيما وحضارة.” انتهى اقتباس معاني ما كتبه الدكتور جاسم يونس الحريري. في عدد من الفقرات الأخرى، التي تؤكد على؛.. وكي يصبح العراق دولة طبيعية ويندمج في المجتمع الدولي؛ عليه ان يقوم بالتالي؛ اولا ضبط مجلس الامن القومي في العراق؛ بما يتماشى مع ما ورد من فقرات في الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين، ثانيا؛ دمج المليشيات( البعض من فصائل الحشد الشعبي) مع كيانات الدولة كمنظمات مدنية او دمجها مع الجيش. ثالثا حل الخلافات المتبقية بين العراق ودولة الكويت، اي تصفير تلك الملفات، ملف الحدود، والمفقودين، والارشيف الكويتي. رابعا الابتعاد عن التعاون مع الصين، وتعزيز الشراكة والتعاون والتحالف مع امريكا، كحليف موثوق للعراق في الصراع الاقليمي. رابعا؛ حل الاشكالية المالية بين الدولتين والذي يعتبر شائكا ومعقدا؛ بما يؤدي الى تفكيك الخيوط المتشابكة والمعقدة؛ بما يفضي الى الشفافية والوضوح في حقل المال والاعمال بين الدولتين، وينهي غسيل الاموال. خامسا؛ خلق البيئة الملائمة، وتغيير القوانين السابقة التي جعلت من اقتصاد العراق، اقتصادا مغلقا؛ حتى يكون قانونيا مهيأ، لاستثمار الشركات الامريكية والاجنبية في العراق. سادسا؛ ان هذه العوامل والتي هي في حقيقتها شروط امريكية؛ من المهم ان يقوم السوداني بتنفيذها كحزمة واحدة؛ حتى يمكن في هذه الحالة او في هذه الاوضاع؛ ان يعود العراق كدولة طبيعية وهنا كما تقول الدراسة؛ ينتهي عمل الامم المتحدة، اي انهاء عمل بعثة الامم المتحدة يونامي، التي يشكل بقائها بالأشراف على عمل الحكومة العراقية، بطريقة او بأخرى؛ دليل على ان العراق لم يزل خاضع للوصاية الدولية كما تقول الدراسة، أو المقال. الحكومة العراقية سواء الحالية او حتى الحكومات التي سبقتها باستثناء حكومة الكاظمي؛ تتصرف مع امريكا وطروحاتها سواء السياسية او الاقتصادية بطريقة برغماتية. فهي وللأمانة في الكلمة؛ لا تريد ان يكون هناك وجودا عسكريا امريكيا، او غيره على ارض العراق مستقبلا، وان لا يكون العراق مقيدا امريكيا؛ في الإرادة السياسية او في غيرها في علاقته مع الدول الأخرى سواء العربية او في الاقليم او في الفضاءات الدولية. لكن من الجانب الثاني لم تعمل بجد على هذا الطريق؛ في ارساء دولة المؤسسات، وبناء اقتصاد قوي، وقاعدة اجتماعية صلبة، والقضاء بجدية على الفساد وسوء الإدارة. أذ، لم تزل الى الآن هذه الاوضاع تنخر في جسد العراق. يتحتم على الحكومة العراقية، العمل بجد ونشاط على بناء عراق قوي في الاقتصاد وفي السياسة وفي جميع الملفات؛ التي تقود حتما في هذه الحالة الى تأسيس قاعدة اجتماعية صلبة؛ داعمة لعراق قوي ومستقل وبسيادة غير مجروحة. هنا يصبح من السهولة بناء علاقات ندية ومتكافئة مع جميع دول المجتمع الدولي، ويصبح من السهولة ايضا في ظل التحولات الدولية الحالية، وفي الاستثمار العراقي لها بحرفية وهمة عالية؛ التخلص من تبعات القرارات الدولية المجحفة، التي تهدد بها امريكا حكومة العراق، ضمنيا، وبقفازات ملساء الملمس الخارجي، وخشنة في داخلها حين تدخل يد العراق فيها.