23 ديسمبر، 2024 2:21 م

العراق القادم كيف ؟؟!

العراق القادم كيف ؟؟!

في البدء علينا أن نعترف أن العراق بعد أحداث عام ٢٠٠٣ أصبح بلد المكونات ، أي بمعنى آخر التعددية الحزبية والطائفية والقومية وبالرغم من كون هذه الفروقات كانت موجودة، ولكنها كانت مختبئة تحت شيء اسمه القمع البعثي الذي كان سائدا آنذاك، فبرغم من أن الأغلبية في العراق كانت واضحة ،ولكن الحكم كان للأقلية لأسباب إقليمية ودولية ، ودعم واضح للطغاة العرب الذين كانوا بصناعة غربية بحتة ، ورغم ذلك ظلت هذه المصدات “التعددية “وقفت بوجه اي تحرك سياسي منفرد للسلطة او التفرد بالقرار ، لهذا جاءت المشاكل والإرباكات على أساس هذا التفرد ، وعدم القدرة على التعاطي الإيجابي مع هذه التعددية ، مع أن جميع المكونات تؤمن بعراق واحد مستقر ، ولكن مع احترام خصوصياتها، والحصول على حقوقها التي أقرها الدستور والمواطنة .
ما يحصل اليوم من انهيار أمني كبير في الموصل وصلاح الدين وديالى ، مرتبط تماماً بالفشل السياسي الذي أربك الدولة ، وجعلها تتعرض إلى الانهيار في أكثر من مرة ، لهذا من يعتقد ان الحل العسكري هو الحل الوحيد ، فهو مخطأ ، إذ يجب أن يسير معه الحل السياسي ،،، وهذا لا يعني التحاور مع الإرهاب الداعشي ،،، قطعا كلا ،،، ولكن فتح باب الحوار مع المكونات السياسية الموجودة في العملية السياسية والمؤمنة بها ، والضرب بيد من حديد على هذه الزمر الإرهابية الخطيرة التي تريد أن تدنس ارض الحضارات والمقدسات .
ما حصل فعلا هو تآمر داخلي خارجي من اجل انهيار العملية السياسية ، وتدمير الجيش العراقي ، وجعله ساحة حربا للغير . ولكن نحن نعتمد على الإرادة الشعبية ، والتي هبت للدفاع عن وطنها ، وقطع الطريق أمام الخونة والمندسين ، والتي سوف ترميهم في مزابل التاريخ .
اليوم وبعد أحداث العاشر من حزيران وسقوط مدينتي الموصل وصلاح الدين بيد الإرهاب الداعشي ، وحلفائهم من البعثيين وأزلام النظام البائد انكشفت حقيقية هذا الانقسام الواضح في مكونات الشعب العراقي ، خصوصا المناطق السنية ، والتي البعض استقبل جحوش “الدواعش” بالأهازيج ، وهناك من قدم العون والدعم المالي والمعنوي ، وهناك من شارك معهم في القتال ضد أبناء بلده من اجل حقد أو كره طائفي أعمى .
ربما تتحمل المؤسسة العسكرية جزءً من المسؤولية لأنها لم تعرف كيف تتعامل مع الشعب العراقي بمختلف انتماءاتهم الدينية والعرقية ، وفشلت في كسب أبناء هذه المناطق إلى صفها ، وجعلهم السند في صد الإرهاب ولوي رقبته وطرد الغرباء من بلدنا .
كما جميع السياسيين يتحملون ما حصل من فشل عسكري واضح ، وتسليم أهم مدينة في العراق وهي بوابة المصالح الاقتصادية للعراق شمالاً ، كما أنها تمثل بوابة العراق الشمالية نحو أوربا ، فأي خلاف بين السياسيين نراه يظهر بوضوح على الشارع ، وما يؤكد هذا الكلام بعد سيطرة الدواعش على مدينة الموصل لم نسمع إي تفجير أو عبوة ناسفة أو اغتيالات ، وهذا يعكس أولاً أنهم المسؤولين المباشرين عن هذه الأعمال الإرهابية في الموصل وصلاح الدين من جانب ، وقدرتهم على زعزعة أمن أي مدينه يختارها الإرهابيون في بلدنا الجريح .

اليوم تقع مسؤولية كبيرة على التحالف الوطني ، ونحملهم المسؤولية المباشرة عن إراقة دماء العراقيين ، وان يكونوا أداة السلام القادم ، في اختيار مرشح لرئاسة الوزراء ، ودفعه نحو الفضاء الوطني ، والسير قدماً نحو تشكيل الحكومة القادمة بأسرع وقتاً ممكن هذا من جانب ، من جانب آخر الضرب بيد ليس من حديد بل من فولاذ ، فأنتم بناة الوطن ، ولديكم أهم شيء في بلدنا ألا وهي المرجعية الدينية سند الدين وحماة الوطن ، فالضرب على الإرهاب بيد من حديد لهو الإنجاز الذي تقدموه إلى بلدكم وشعب كم الجريح ، كما ان سيستاني العراق فتح الطريق أمام سياسينا أن يقولوا قولهم ، وفعلهم على الأرض في الوقوف مع قواتنا المسلحة وان يكون لهم دور في هذه الملحمة التاريخية الكبيرة التي سيسجلها التاريخ بحروف من ذهب .
الحضور في مواقع القتال لهو دليل ولاءكم وانتماءكم لوطنكم ، وحضوركم ساحات القتال مع أبناء شعبكم لهو دليل على وطنيتكم ، فهذا وقت الاختبار من كان مع الوطن ، فالوطن يحتضنه ، ومن كان خانعاً يلهب خلف مستحقاته البرلمانية او الحكومية فسيكون لا ذكر له في تاريخ العراق الجريح .
العراق القادم سيختلف تماماً عن عراق ٢٠٠٣، لان الإرادة ستكون للشعب ، والكلمة الفصل ستكون له ، وسيكون العراق منبراً حراً لجميع الأحرار في العالم ، لان الشعب الذي رفع راية الجهاد تنفيذا لأمر مرجعيته سوف لن يقهر ابداً ، وسيجعل من العراق مقبرة الدواعش ، والخونة والمنافقين ، وسيكتب التاريخ ما سطره هذا الشعب من ملاحم ضد التحالف “الارهابعثي”