18 ديسمبر، 2024 9:18 م

العراق الجديد . . لمن ؟

العراق الجديد . . لمن ؟

كان حلم المواطن العراقي , انه بعد سقوط النظام الوحشي  سيدخل العراق  في مرحلة البناء والتعمير وانصاف المظلوم واعلى كلمة الحق والعدل . وخلق حالات من الرفاه الاجتماعي , وستبذل الجهود من اجل تصفية اثار الدكتاتورية التي تركت جراحا عميقة في الجسد العراقي . وسيكون العدل والقانون سيد الاحكام وتنتفي الجراثيم التي سلبت ونهبت ثروات العراق ودمرت البنية التحتية للبلد , وحولت المواطن الى حقل تجارب من الحرمان والجوع والعوز وظنك الحياة . وان
الاطراف السياسية التي كانت في المعارضة وعد ت الشعب بانها ستعمل على بناء العراق بشكل سليم يصون كرامة وانسانية المواطن وتحقق الخبز الكريم وتبعد الظلام الى الابد ويحل نور الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي … لكن بعد تسلط النخب السياسية على مراكز السلطىة والنفوذ , نست او تناست تعهداتها ووعودها النضالية والجهادية من اجل عراق يتمتع ابناءه بالحياة الكريمة . وتحولت الحياة الكريمة والرفاه الاجتماعي وتخمة المال والغنى الفاحش لحفنة من الافراد
وبطرق شتى , وبرز الفساد السياسي والمالي يتصدر المشهد السياسي ويتحكم بالقرار السياسي . اما المواطن فترك وحيدا يصارع الازمات ويعاني من شظف العيش والحرمان  . وتربعت النخب السياسية المتنفذة على عرش المال والجاه وصارت من اصحاب الارصدة الضخمة . بعدما كانت تعاني من العوز وقسوة الحياة . وبهذا اصبح العراق ملك لفئة من النخب السياسية المتسلطة . اما الاغلبية فلها الله وحده , فانهم عبيد وخدم ولا يحق لهم المطالبة بالحياة الكريمة ولا يحق
اعلى صوت الغضب والتذمر من الفقر والجوع والحرمان , ويجب اطاعة اصحاب المال والنفوذ دون شرط او قيد , ودخلت الحيتان الكبيرة ( سمك القرش ) في نعيم المال والبذخ والتخمة الفاحشة , ودفعت ازلام النظام المقبور في مشاركتهم في مهرجان البذخ والنعيم المالي بحجة الغفران والتسامح وطي صفحة الماضي البغيض وعودة المصالحة الوطنية  والمشاركة في اقتسام الغنائم .. ان معاني التسامح والغفران تدل على الثقافة النوعية والمتقدمة في اصلاح المجتمع من العيوب
والاخطاء والهفوات , وهي تدل ايضا الى المحبة والاخاء والتسامح الطائفي والعرقي وتدعم السلم الاهلي والنسيج الاجتماعي  . وهي نقيض لثقافة العنف والكراهية والاحقاد .. لكن لمن يستحق التسامح والغفران ؟ هل الى ايتام النظام السابق الذين غيروا جلودهم زورا , وانهم ارتكبوا من الجرائم الوحشية بحق الشعب ؟ هل ننسى المقابر الجماعية وسراديب التعذيب والقتل ؟ هل ننسى قتل الابرياء من الرجال والنساء والاطفال بطرق وحشية , اما دفنهم وهم احياء او ربط اجسامهم
بالعبوات الناسفة كي تتطاير اجزاء من اجسادهم وهي تتقطع في الهواء الف قطعة وقطعة وسط علامات الفرح والابتهاج والسرور بالنصر المبين .. هل ننسى المجازر التي قام بها وحوش النظام ضد انتفاضة عام ( 1991 ) والتي تمثل جرائم كبرى ضد الانسانية ؟ اذن لمن التسامح والغفران والمصالحة الوطنية المزعومة التي ترددها النخب السياسية المتنفذة والتي في يدها مصير الشعب ؟ هل هو اطلاق سراح رموز النظام السابق من السجون والسماح بعودة المجرمين والفارين من انتقام الشعب والهاربين من السلطة القضائية بحجة المصالحة الوطنية .. ان اساليب الغدر والخيانة والنفاق السياسي هي صناعة بعثية بامتياز , وان اشراكهم في العملية السياسية , يعني وضع العصي والعراقيل في تطوير العملية السياسية بما يخدم الاستقرار السياسي والامني . ان النخب السياسية المتنفذة المتخومة بالمال والنفوذ نست او تناست وتجاهلت الأم التي يعاني منها الشعب وما يصارعه من ازمات وقلة الخدمات العامة وظنك الحياة . . ان العراق الجديد الذي كان الحلم في تحقيق الحرية والحياة الكريمة اصبح بعيد المنال وصعب التحقيق ضمن طريقة توزيع الحصص والمغانم السياسية بين الاطراف التي لايهمها سوى مصالحها الذاتية والحزبية والفئوية , وبدخول بعض المنتفعين الذين يبدلون جلودهم الف مرة من اجل الجاه والمال على حساب جراحات وعذابات الشعب وصرخات الفقراء والجياع والمظلومين .. ان العراق ملك لحيتان الفساد والمال الذين استغلوا تهاون وتجاهل السلطة التنفيذية والقضائية , وعدم الحسم والمعاقبة
القانونية لكل من يرتكب اعمال اجرامية او اعمال نهب واختلاس . والتهاون في عمليات مشاريع الاعمار والبناء الفعلي على الارض وليس على الورق اوالى التصريحات الاعلامية فقط . ان التاريخ لا يرحم من يتهاون في قضية الشعب وسيصدر الشعب قراره العادل في صناديق الانتخاب .