23 ديسمبر، 2024 6:12 ص

العراق البوابة الفارسية للهيمنة على الدول العربية‎

العراق البوابة الفارسية للهيمنة على الدول العربية‎

بغض النظر عما يملكه العراق من ثروات وخيرات وموارد اقتصادية كبيرة, فإن موقعه الجغرافي له أهمية كبيرة من وجهة نظر الدول الإستعمارية والإمبراطوريات وخصوصاً إيران تلك الدولة التي طالما سعت إلى الهيمنة على العراق بكل طريقة أو شكل, لأنها تعي أهمية العراق وكيف يمكن أن يكون البوابة التي تنطلق منها نحو دول الخليج العربي خصوصاً وباقي البلدان العربية بشكل عام.

وهذا ما دفع بقيادات ما يسمى ” الثورة الإسلامية ” ومنذ اللحظات الأولى من تمكنها من الحكم في إيران بعد الإطاحة بحكم الشاه بأن توجه أنظارها نحو العراق, لتدخل معه في حرب دامت ثمان سنوات, كان الغرض منها هو السيطرة على العراق لكي تبدأ منه بشن حملة تصدير ثورتها بإتجاه الدول العربية, لكن مشروعها باء بالفشل, وهذا ما دفع بها إلى استخدام طريقة أخرى غير الحرب المباشرة وهي احتضان ما يسمى بالمعارضة, لكنها لم تحتضن أي معارض بل ركزت على احتضان شخصيات موالية لها فقط, ولم تهتم لأمر المعارضين من السنة والشيعة, واستخدمت هؤلاء الموالين لها في تنفيذ خططها داخل العراق لسنوات طوال, حيث كانوا يؤسسون لمشروعها التوسعي في العراق, وما أن جاءت الفرصة بسقوط بغداد عام 2003 دخلت إيران بكل قوة من خلال مرتزقتها وعملاءها.

فبات العراق عبارة عن محافظة إيرانية تديرها طهران كيفما تشاء, وأخذت تتشبث به بكل قوة, وأخذت تضرب على وتر الطائفية من أجل التغرير بالشباب العراقي مستخدمة خدعة المقدسات وحمايتها, الأمر الذي جعل من أغلبية أبناء العراق يتحركون كالبيادق في يدها, وكلما اتجهت سياسة العراق للإفلات من قبضتها افتعلت أزمة طائفية تعيده من خلالها للأحضان الفارسية, ولنا في ما حصل قبل أيام في العاصمة بغداد وفي محافظة ديالى من أفعال إجرامية قامت بها المليشيات الموالية لها, خير دليل والتي افتعلتها بعدما أحست إن الحكومة العراقية تهربت من الولاء لها, حيث أيدت حكومة بغداد ما جاء من مقررات الجامعة العربية التي أدانت تدخلات إيران في الشأن السعودي وكذلك أعلنت تأييدها للسعودية, وكذلك ما قامت به في 2006 من تفجيرات للأضرحة المقدسة في سامراء.

ويكمن سبب تشبثها في العراق هو لأنه وكما بينا يسبب البوابة المثلى لإنطلاق مشروعها التوسعي في المنطقة العربية, فالعراق له حدود مباشرة مع سوريا والأردن والسعودية والكويت, وإذا ما سيطرت إيران على العراق فأن حدودها ستكون مفتوحة مع تلك الدول, فتقوم بدعم الأنظمة الموالية لها كما في سوريا وتصبح قريبة جدا لحزب الله في لبان, وكذلك تكون قد تمكنت من الضغط على الأنظمة المناهضة لسياسة إيران الخارجية كالسعودية والكويت والأردن, وفتح جبهات مع تلك الدول وبالخصوص السعودية, تؤثر على إستقرارها الداخلي, وبالتالي تتمكن من إدخال مشروعها التوسعي المقنع بإسم مذهب التشيع.

لذلك وكما بينا إنها تسعى جاهدة للسيطرة بل قوة على العراق أرضاً وشعباً, وبالفعل استطاعت إلى الآن من تسخير أغلبية الشباب العراقي لصالحها وذلك من خلال مرجعية السيستاني الفارسية البكماء الموجودة في النجف التي طالما وعلى مدى الثلاثة عشرة سنة الماضية خدمت المشروع الفارسي في العراق, حيث اخذ الشباب العراقي يدافع عن إيران وسياستها الخارجية ولم يهتم لأمر العراق وسياسته الخارجية وعلاقاته الدولية, فبالأمس القريب خرجت اغلب قيادات الحشد ببيان موحد تهدد فيه السعودية وتتوعدها بالرد المناسب في المكان والزمان المناسب, وهذا البيان جاء على خلفية إعدام السلطات السعودية لمواطنها النمر, والغريب بالأمر إن إيران نفسها قدمت اعتذار للسعودية على خلفية حرق السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد, وأقالت رئيس الجهاز الأمني في طهران وتوعدت بملاحقة من قام بعملية الحرق, وبعثت بالوسطاء للسعودية ؟!! فهل يوجد شيء اغرب من هذا الأمر ؟!

والأمر الأغرب هو إن الحكومة العراقية أعادت فتح العلاقات الدبلوماسية مع السعودية من خلال فتح سفارة لها في بغداد ويأتي الحشد ” المتظاهر بالدفاع عن العراق وسيادته ” يطلب من الحكومة العراقية غلق السفارة وإلا يقوم بما لا يحمد عقباه ؟؟!! فهل هذا يعني إن الحشد يدافع عن العراق وسيادته أم انه يدافع عن إيران ؟! ومن أعطى للحشد هذه القوة وهذه المكانة وهذه الخاصية لكي يتدخل في عمل الحكومة العراقية ويملي عليها رأي دولة أخرى ” إيران ” ؟!! وقد صدق المرجع العراقي الصرخي عندما قال في حواره مع صحيفة الشرق بتاريخ 17 / 3 / 2015 …(( هو ليس حشداً شعبياً بل هو حشد سلطوي إيراني تحت اسم الطائفية والمذهبية المذمومة شرعاً وأخلاقاً، إنه حشد مكر وتغرير بالشباب العراقي وزجهم في حروب وقتال مع إخوانهم في العراق للقضاء على الجميع ولتأصيل الخلاف والشقاق والانقسام ولتأصيل وتجذير وتثبيت الطائفية الفاسدة لتحقيق حلم إمبراطوريات هالكة قضى عليها الإسلام، فنسأل الله تعالى أن يقينا شر هذه الفتن والمفاسد العضال.)).

لذلك فإن إيران لم ولن تترك العراق وشأنه, فهل تتخلى إيران عن جيوش تخوض حربها التوسعية بالوكالة؟ أو تترك موقع جغرافية يمثل بوابة لها تطل على العديد من الدول التي تطمح في الهمينة عليها ؟, وهذا يعني إن العراق يسير نحو الهاوية ونحو فتن أكبر وأوسع وأسوأ من التي فيه الآن ولا خلاص من ذلك إلا بخروج إيران من العراق, وكذلك خلاص الدول العربية وبالخصوص الخليجية سيكون بخروج إيران من اللعبة في العراق.