الخطر الامني الحقيقي لازال قائماً يهدد المحافظات المحررة و ليس فيه شك بالتزامن مع الضغط الذي تواجه به التنظيمات الارهابية في سورية وعلى الجبهة الخارجية المتمثلة بمناطق الشريط الحدودي معها في غرب العراق نتيجة ضغط القوات المسلحة السورية للقضاءعلى هذه المجموعات مع الدول المتحالفة مثل روسيا والجمهورية الاسلامية الايرانية وتركيا المتحسسة من الاكراد في المناطق القريبة من حدودها و ما تبقى من العصابات السائبة الاخرى والخلافات البينية التي تنهش جسد هذه العصابات على الخلافة ، فيما عدا ذلك فان تأخير تشكيل الحكومة واختيار الوزراء الأمنيين ازمة اخرى و سببًا آخر تساهم في التراجع الأمني في الوقت الراهن بعد ان استغلت تلك العصابات هذه المشكلة والتي لا زالت تراوح في مكانها بسبب العناد بين الكتل السياسية وفرض الارادات على حساب المواطن وعدم الوصول الى حل لانهائها .لكن خطر التنظيم لا يرقى إلى مستوى التهديد العسكري لان هذه العصابات قد فقدت الكثير من مقوماتها وباتت محصورة في زاوية تكاد تكون محسوبة ومحسمومة في النظم العسكرية وتحتاج الى وقت وجهود مضاعفة لكشف مخابئها، وتحتاج الى تعاون الاهالي مع الأجهزة الأمنية بعد تحرير المدن لكشف الخلايا النائمة والمتعاونة معها ما ان تحركت و بناءً على الثقة التي نالتها هذه الأجهزة من جيش وشرطة وحشد شعبي بعد جهود التي بذلتها في تحرير المدن والتضحيات الجسيمة التي قدمتها اصبح لها قبول منقطع النظير من الاهالي ، وما أثمر عن الكم الهائل من المعلومات المهمة عن هذه التظيمات وعناصره فيما . ومن الركائز الاساسية لعمليات اعادة الاعمار للمناطق المحررة، هو الأمن ، اذ يعتبر من الدعامات الاساسية لأي مجتمع وبالتالي ، لا يمكننا تصور فرض وجود اعمار للدول المتضررة بدون وجود حالة من الاستقرار الأمني لها، اذ كلما كان المجتمع مستقر امنياً ، كلما كان ذلك يوفر لها سيطرة على اعمال التخريب التي تقوم بها الجماعات الارهابية ، ولذلك يعد موضوع الأمن في مقدمة الاهتمامات الفعلية لصنع القرار في الدولة ، فإزالة اثار المظاهر المسلحة وبجميع صورها ، والعمل على جعل السلاح فقط بيد الجهات الأمنية ، كفيل بأعادة فرض الأمن والنظام فيها، واعتبار اي جهة تمتلك السلاح خارج حدود الدولة ، من العناصر الارهابية وينبغي محاربتها باعتبارها خارجة عن سلطة القانون ، وتضر بأمن المناطق وبلاشك أن إعادة إعمار المدن المحررة التي تعاني من نقص شديد في الخدمات الرئيسية و دُمرت شبكات نقل الكهرباء ومياه الشرب والمؤسسات والمراكز التي تقدم الخدمات الصحية والخدمية الأخرى فيها لا تعني تأهيلاً فقط بل بناء واستحداث مدن جديدة بسب الدمارالكبير الذي لحق بالبنية التحتية وبالمناطق السكنية هي من واجب الحكومة ، فضلاً عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمواطنين وملكياتهم والتي قدرها خبراء بـ100 مليار دولار، كما أن توجهات الحكومة لإعادة الحياة إلى تلك المناطق لا تتلائم وإمكانات العراق بسبب الازمة المالية الحالية لانخفاض اسعار النفط في ظل الديون الكبيرة البالغة نحو 64 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لاعتماد الميزانية السنوية على بيع النفط والغير المستقر بين الارتفاع والانخفاض ، ان إعادة الإعمار ستعتمد على ما سيتم تخصيصه في إطار الموازنة العامة للدولة والتي لا يقل العجز فية عن العشرين مليار دولارويحتاج الى فتح آفاق الاستثمار أمام المستثمرين وتسهل الامور لهم ، فضلا عما سيحصل عليه العراق من منح وإعانات دولية التي لم تفي بوعودها لحد الان “، كذلك ان بناء الانسان في المناطق المحررة بعد الانتهاء من تنظيم داعش لايقل أهمية عن اعمار البنية التحتية فيها اذا لم يكن الاهم ، والى ضرورة ايجاد استراتيجية حقيقية يتعاون عليها كل ألاطراف للقضاء على هذه الافكار المريضة التي زرعتها المجموعات الارهابية في عقول البعض من ابناء تلك المدن ويبدأ بتعزيز الجانب التربوي في تلك المرحلة ، اي العمل على ايلاء البعد التربوي ، الاهمية القصوى ، من خلال الاهتمام بتعليم الأطفال واعادتهم للدراسة ، وخاصة الصغار منهم باعتبار ان الاطفال يمثلون الثروة المستقبلية للبلد ، وعليه لابد من التفاعل الايجابي مع مسألة اعادة الأطفال لساحات الدرس ، وعدم التفريط بهم وتسريبهم من المدرسة والتي كلفتهم سنوات ثلاث من اعمارهم ، واعادة ادماجهم بالمجتمع واعادة بناء الثقة بقدراتهم والتركيز كذلك على الشباب منهم في اعادة بناء شخصيتهم وتوفر العمل لهم وادماجهم في المجتمع وبناء هذه الطبقة من الطبقات المتضررة ليست عملية هينة وبسيطة . ورغم كل ذلك واقولها بمرارة أن ملف إعمار المناطق المحررة، سيبقى متأثرًا بالتحالفات السياسية والكتل المتصارعة ولسياسيي تلك المحافظات، فضلًا عن الوضع الإقليمي المرتبط بالتصعيد التركي – الامريكي –الاسرائيلية ، لاسيما وأن الفصائل المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية تسيطر على جزء مهم من المحافظات السورية والمجاور لحدود بلدنا ، وتضعها ضمن نقاط قوتها في التفاوض السياسي للاستفادة منها عند الحاجة.