ان من الضرورة الاسراع في انبثاق الحكومة جديدة على ان تكون بمستوى الوضع الحالي من الواقع العراقي المؤسف الثقيل من اللاجدوى والتداخل والزيف والخداع والفساد والفوضى يقف العراقي العبوس قانتا مهموما وما شاب الشارع من تضحيات جسام مؤلمة على كل الصعد والدماء المسكوبة الطاهرة من كل الاطراف مدنية وعسكرية واخرها الفضيحة الغير الانسانية التي وقعت في ساحة الوثبة بيد عوامل همج رعاء ومندسين في صفوف المتظاهرين السلميين، و أوقع البلد بأزمة وطنية سوف نبقى نعيشها مدى التاريخ وتصبح مسألة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية على الهامش، وتم رفع مستوى الاصوات المطالبة بتغييرات دستورية ودفع الشباب العراقي ثمنا لا يمكن تصوره لكي تصبح أصواتهم مسموعة، وفي غضون ذلك، كان تغيير النظام السياسي إلى رئاسي من أكثر القضايا إثارة للجدل في الآونة الأخيرة وهو في نظر اكثر المحللين السياسيين من افضل اساليب الحكم والمناسب للعراق في الوقت الحالي ، والذي قد يعيق اقرار قانون الانتخابات وليس من الواضح متى سيخرج من هذا الجب العميق الذي يعيشه البلد ويواجه اليوم أسوأ أزمة تهدد نظامه السياسي المقرح والمقدح في ظل الفساد الذي ينهشه وفقدان ثقة الملايين بنظامهم الحالي، هذا بالإضافة إلى التناحُر والنزاع المستمر للكتل السياسية في داخل التحالفات الواحد وضاعت الكتلة الكبيرة ، حيث حصلت الكثيرة من الانقسامات والانشقاقات نتيجة لتغوّل بعض الأطراف و تشظّي معظم التحالفات الكبيرة وانقسامها إلى مُثنى وثلاث ورباع، كما نشاهده اليوم في مجلس النواب في التناحر لحل مجموعة من القوانين ومنها قانون الانتخابات وتم طرح الكتل ارائهم ” السياسية ” وحسب مصالحهم ليصار إلى التحوير والتعديل والقلب في الألفاظ، فيما يكون التوجه نحو تحميل المفردات الرفيعة السامية المزيد من الهجائية السخينة ومحاولة البعض فرض الارادات و ما سينعكس سلباً على معادلة التوازن السياسي الذي بالتالي سيؤدّي إلى ضعف وتراجع القرارات والتشريعات البرلمانية و”مجلس النواب مطالب اليوم في الإسراع بإقرار قانون انتخابات رصين ومنصف وعادل و يلبي طموح الجميع ، وان يتضمن ضمانات كافية بتكافؤ فرص الجميع ، ويحقق التمثيل الافضل لجميع الشرائح المكونة للمجتمع العراقي سيما الكفوءة والقادرة على رسم سياسات حديثة قادرة على تحقيق التقدم لبلدنا ” وإلأ يعكس نتاج عن التدهور والفضائح المريرة والبائسة ، الذي يمر به ويزيدها تخبطاً ، على الرغم من كل المناشدات والأصوات المرتفعة في المحافظات المختلفة في فشل الحكومة في إدارة الشؤون الداخلية وجر البلاد نحو مأزق خطير، وعلى امتداد السنوات القادمة ، وتدهور المعالجات الشاملة والكاملة و ما يزال محط ّخلاف وشدّ وجَذْب وعدم القيام بإصلاحات عاجلة وعملية ملموسة مع تراجُعٍ خطيرٍ في العديد من الملفات الخدمية المهمة، وفي مقدمتها الخدمات العامة والكهرباء والماء والطرق والسكن والتعليم والخروج من الرصانة العلمية للجامعات ومعالجة البطالة التي تتسع سنة بعد أخرى ، والابتعاد عن مستنقع الاقتصاد الريعي وتحريك عجلة الاقتصاد بفروعه المختلفة وتشجيع الصناعة في دعم المعامل المعطلة ، وكذلك إجراء إصلاحات في بناء الدولة ومؤسساتها ، على أساس دولة المواطنة والعدالة وترسيخ ثقافة القانون والفصل بين السلطات ، وإصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وبنائها على أُسس وطنية ومهنية ، وحصر الحشد المقدس بيد الدولة وضبط السلاح المنفلت ، الذي يهدد الأمن والتعايش بين مكونات شعبنا المختلفة للمضي نحو السلام والأمن ، والعمل على تحقيق قفزة نوعية في عملية التنمية والرخاء والتقدم .
للقفز على التراكمات الهائلة من الفشل والفساد بكل أشكاله ، والطائفية السياسية ، والمحاصصة والتمييز والعنصرية ، وغياب الأمن والعدالة والمساواة على حساب العراق وشعبه ، وغياب الخدمات والتنمية وتوقف عجلة الاقتصاد بشكل شبه كامل وسيطرة الكتل على كل مؤسسات الدولة انهكت المواطن .هذا الوضع المعقد قد ينعكس ايضاً على اي محاولة تصحيحية وضغوط جماهيرية على المؤسسة على مبدأ الحكمة ويعني أن أي حركة احتجاجية إذا لم يتم تلبية مطالبها بسرعة، مرشحة للتفكك وعودة عناصرها إلى انتماءاتهم الضيقة وهو ماتريدها الكتل السياسية وتبحث عنها .
ان الاحتجاجات بمجملها تجمع بين العقول والبطون في آنٍ معًا على الرغم من ترجيح هذه الأخيرة التي تطالب بتعزيز المعيشة، وتوفير الخدمات، وإيجاد فرص العمل للمتظاهرين الشباب الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لكن قِطاف ثورتهم قد تذهب إلى سلّة جهات اخرى لم يشتركوا في الثورات والاحتجاجات إلا بنسبٍ ضئيلة والنظر اليها من ثقب الباب .
لان التظاهرات الاحتجاجية الغير منظمة من قبل قوى سياسية معلومة وان لا يكون لها عنوان وقيادة من الصعب استمرارها وسوف يتم قمعها بالقوة وان استمرارها دون أفق سياسي قد يؤدي إلى انزلاقها تدريجيا إلى نزاع أهلي كبير رغم اعتقادي الحازم بأن ثورة الشعب ستتواصل وتتسع يوما بعد يوم حتى اذا لم يتم حل الامور وتحقيق المطالب وبشرط ابعادها عن الايدي الخفية العبثية التي تريد ركوب الموجة والمحافظة على السلمية ، وان تعثرت بعض الوقت ولكنها ستنتصر في أخر المطاف وسيقول الشعب كلمته بحق من سرق ثروته وسعادته ورخائه وأمنه .
في هذا الجو الصعب فأن اجراء اي انتخابات جديدة سوف لن تؤد إلى أي تغيير ملحوظ لأن المطلوب هو إصلاحات بنيوية للنظام السياسي وطبيعة تمثيل العراقيين في برلمان اذا لم يتحول إلى مؤسسة سياسية قادرة على التشريع على مستوى الوطن وعلى مراقبة أعمال الحكومة ومساءلتها لا ان تكون هي جزء من فسادها، وتتعايش فيه الكتل المؤيدة للحكومة الوطنية في نفس السياق مع الكتل السياسية “المعارضة”. واستمرار القمع القوي للتظاهرات ، وغياب الأفق السياسي الذي يمكن أن يفتح المجال لعملية إصلاحية تكون أقل من جذرية ولكنها أكثر من تجميلية، يمكن أن ينجح في ترهيب المتظاهرين وتنفيس حركتهم، بحيث تصبح هذه الموجة من التظاهرات مثل سابقاتها وإن كانت أكبر وكلفتها أكثر.
وعليه لكي يستطيع العراق ان ينهض من كبوته ، هو في اعتماد القرار الوطني في تحقيق ذلك ، وقد برزت وجهات ٍ نظر متضاربة حول مستقبل العراق والمنطقة من خلال الصراعات العنيفة وتعمل جهات خارجية استغلت في التخطيط لسياسات تقسيمية وشجعتها الحوكمة السيئة وضعف السلطة والفساد وغياب الخدمات و ولدت نتائج مدمرة على استقرار العراق
باحث واعلامي