19 ديسمبر، 2024 3:28 ص

العراق .. الإنتقام .!

العراق .. الإنتقام .!

عبرَ وخلال العديد من زياراتي لدولٍ اجنبيةٍ وعربية , لاحظتُ بل اكتشفتُ أنَّ العراق يحتلّ المرتبةَ الأولى بلا منافسٍ ولا مُنازع في : < اعداد الصيدليّاااات > .! وبما في ذلك عددُ الصيدليات في كلا الصين والهند , نسبةً او قياساً لأعداد نفوسهما الملياريّه .
إكتشافيَ المذهل هذا , والذي ربما لم يلتفت اليهِ الكثيرون منْ  روّاد السفر الى بلاد الغرب او الأمة العربية , قد اثارَ دهشتي عن الأسبابِ الموجبة وغير الموجبة ! التي جعلت ادارة موسوعة غينيتس أنْ تغضّ النظر وتتغافل وتتجاهل هذه الظاهرة الصحية الخطيرة في العراق , وبالصددِ هذا فليس بالمقبول ولا المعقول أنْ لا تمتلك ” غينيتس ” اية فكرةٍ عن ارقام واعداد الصيدليات في العراق , بينما طالما تعرضُ لنا موسوعة الإكتشافاتِ هذه عن أمورٍ سخيفة < كأطولِ شيشِ كباب ! او اكبر قرصٍ من البيتزا .! > .. والى ذلك فلا ادري لماذا لمْ تتقدّم الحكومة العراقية الحالية ” او سابقاتها ” بشكوى الى مدير عام غينيتس وتطالبه بتعويضاتٍ عن التعمّد في تجاهل هذا السبق الصحفي – الصحي المثير .
وفي واقع الأمر , وَ وسطَ التغييب العالمي للمآسي الصحية التي يعاني منها العراقيون , فالجميع داخل العراق على درايةٍ وإدراك بأنَّ السبب الأول في الأمراض المتفشية بين الناس , إنّما يكمن في
قذائف اليورانيوم المنضبّ التي استخدمته القوات الأمريكية والبريطانية ضدّ العراق في حرب 1991 والذي تسببّ بأضرارٍ صحية هائلة للمواطنين فضلاً عن تأثيراته الأخرى حتى على المزروعات , وقد بلغت فضيحة اليورانيوم تلك الى الحد الذي جعل وزارة الدفاع البريطانية لتزعم انها استخدمت أقلّ من مئة قذيفة فقط .! , أمّا السبب الذي يلي ذلك وهو معروفٌ جدا في المجتمع العراقي , فيكمن في استخدام الأمريكان ” للقنابل الغامضة ” في معركة المطار الثانية – على الأقل – في اثناء معارك الغزو والإحتلال , وهي القنابل التي تذيب وتُصهر جسم الأنسان , وقد أكّد كبار الأطباء العراقيين آنذاك ” جهلهم بالآثار والتشوهات التي ظهرت على الجرحى وجثث القتلى
, ولمْ يجرِ التعرّف على مضاعفات وتأثيرات تلك القنابل الخاصة   ’ سيما بعد التكتّم على الموضوع وانشغال المجتمع بأحتلال البلاد . وإذ تُعتَبرالأسلحة الفتّاكة والمحرّمة دولياً في تلك الحربين هي السبب الأساس في انتشار الأمراض في العراق والتي ترتّبَ عليها ارتفاع اعداد الصيدليات في القُطر . ثمّ يأتي الجانب الآخر والذي لم يكن بذي علاقة بقوات الأحتلال , والذي جسّدتهُ وما برحت وزارة الصحة متمثّلةً بالوزراء الذين تناوبوا عليها منذ عام 2003
, ويتبعهم وكلاء الوزارة ورؤساء المؤسات الصحية ونزولاً وإنحداراً الى المدراء العامين ومدراء المستشفيات , حيثُ ما فتئت المستشفيات في عموم العراق تعاني من نقصٍ حادٍّ وفادح لأهمّ الأجهزة والمستلزمات الطبية الضرورية الأخرى , ولا بدّ من الأخذِ في نظر الإعتبار أنّ العراق قد حظي بثروة مالية كبرى في السنوات الماضية حين بلغ سعر برميل النفط لأكثر من مئة دولار, لكنّ ذلك لم يكن له من اية انعكاسات على الوضع الطبي والصحي . ! .. إنَّ ايّة نظرةٍ مُبسّطة لأيِّ مواطنٍ بسيط لواقع المستشفيات الحكومية تكشف بوضوح إفتقاد الرعاية الصحية فيها وانتشار الأوساخ في اروقتها , وما يفرزه ذلك من تردّي الوضع الصحي نحو الأسوأ والأسوأ , وهكذا فلا غرابة بنموّ وتكاثر وانتشار اعداد الصيدليات والتي غدت مهنةً مربحة , ولا غرابةَ اخرى في إقبال الطلبة على الدراسة في كلّيات الصيدلة الرسمية والأهلية , حيث التخرّج من هذه الكليات يؤمّنُ مستقبلاً زاهراً , ومصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائدُ .! , وقد سبق واستشهدنا ” في الصددِ هذا ” في إحدى مقالاتنا السابقة , ببيتِ شِعرٍ يقول : < حفّارُ قبورٍ ينتظرُ – لو كلّ العالم ينتحرُ > . . وسلامٌ على أهل القبور من السابقين واللاحقين من زبائن الصيدليات والمستشفيات .!

أحدث المقالات

أحدث المقالات