9 أبريل، 2024 5:40 م
Search
Close this search box.

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (5)

Facebook
Twitter
LinkedIn

وصلنا في الجزء الرابع من هذه السلسلة من المقالات التي تحمل نفس العنوان، إلى سؤال يتمحور حول بُعبُع الميزانية التشغيلية وآلية التغلب على هذا البُعبُع الوهمي لكنه لعب دورا مهما في تجذير الفساد وسرقة المال العام، ولم يكن ذلك ناتجاً عن سوء إدارة المال العام كما يتوهم البعض، ولكن كان ذلك ضمن تخطيط مُتَعمدٌ من قبل الساسة لتسهيل عملية تسرب المال إلى جيوب الفاسدين أما بصورة مباشرةً، أو عن طريق تشريع قوانين تتيح لهؤلاء الساسة القيام بسرقة المال العام.
كل ذلك أصبح معروفاً لأبسط مواطن في العراق والساسة نفسهم يتكلمون عن الفساد الذي أصبح ظاهرة يتصف فيها النظام الجديد بعد 2003 في العراق. وطالما الميزانية التشغيلية تمثل شريان الفساد الرئيسي في العراق لذلك فمن الضروري إلقاء الضوء عليها والسبل الكفيلة بمعالجة الخلل الموجود فيها، وساسة الإطار يعرفون جيدا مواطن الخلل في الموازنة التشغيلية لأنهم كانوا هم من أرسى وأسس وبنى على تجذر الفساد في الميزانية التشغيلية واليوم تقع المسؤولية عليهم أولا لمعالجة هذا الخلل والسيد المالكي المحترم تقع عليه المسؤولية باعتباره الاعب الأكبر في الإطار التنسيقي وباعتباره كان رئيس وزراء العراق لفترتين متتاليتين وتجذرَ هذا الخلل في مفاصل الدولة العراقية في زمنه، ومن جهة أخرى فإن الشعب على دراية كاملة بالفساد المتوطن في ما يسمى الميزانية التشغيلية التي تعتبر الفريدة من نوعها في العالم لما تتضمنه من تخصيصات لا يتقبلها عقل راجح وخيالية في نفس الوقت. وبحسب ما يعلن دائما عند الكلام عن الموازنة العامة للدولة إن ما لا يقل عن 80% من هذه الموازنة تخصص كموازنة تشغيلية، ولكننا لو دققنا النظر في طرق صرف هذه الموازنة التي تسمى بالتشغيلية لوجدنا أن هناك تبذيرا غير مسبوق في بعثرة هذه الأموال يمينا وشمالا، ولذلك تحتاج حكومة الإطار الجديدة وساسة الإطار جميعا وكبيرهم السيد المالكي المحترم أن يتحلوا بالشجاعة الكافية في تمكين الحكومة الجديدة من أن تتخذ قرارات تكون مؤلمة للطبقة السياسية بصورة عامة وإلى ساسة الإطار بصورة خاصة ولكنها تكون على خط السكة الصحيح ليخرج العراق إلى بر الأمان بحيث يتحاشى الكوارث التي سوف تحدث لو استمر الحال على ما هو عليه وهناك بعض الخطوات نوجزها بالنقاط التالية:
أولا إيقاف العمل بما يسمى قانون الآمن الغذائي سيىء الصيت والعمل على ما ينص عليه قانون الإدارة المالية الذي يخصص 12/1 لكل شهر من موازنة 2021 لحين إقرار الموازنة الجديدة لأن هذا القانون فيه هدر كبير للمال العام.
ثانيا تخفيض جميع المخصصات والنثريات التي تصرف من درجة مدير عام صعودا حتى رئيس الجمهورية بنسبة 90%، مع ملاحظة حتى ال 10% المتبقية لهذه الجوانب تكون عالية بالمقارنة مع بقية الدول في العالم ولعل أكثر الدول ثراءً لا تخصص هذه المبالغ الخيالية كميزانية تشغيلية.
ثالثا إيقاف صرف كافة الأموال المخصصة تحت بند الحمايات التي تصرف للنواب والوزراء ووكلاء الوزارات والرئاسات الثلاث ومستشاريهم وحصر هذه المهمة في عناصر الجيش والشرطة.
رابعا إلغاء كافة القوانين التي تخصص رواتب أو مخصصات خارج قانون الخدمة المدنية النافذ وجداول الرواتب بالدرجات المختلفة المرفقة مع هذا القانون. ويشمل ذلك رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء والوزراء ومستشاريهم ووكلاء الوزارات وبقية الدرجات الخاصة، والتعويض عنها بصرف رواتب مقطوعة لهم حسب المنصب نزولا وبما لا يزيد عن 20 ضعفا لأقل راتب في جدول رواتب موظفي الدولة لحين تضمينهم في هذه الجداول. أما موظفو أمانة مجلس الوزراء فيجب شمولهم بجدول موظفي الدولة والدرجات الوظيفية المحددة فيه حسب عدد سنوات الخدمة والشهادة.
خامسا بالنسبة للسلطة التشريعية فهم لا يمكن اعتبارهم على أنهم موظفون في الدولة العراقية لذلك يحل محل لفظ راتب النائب، لفظ آخر هو المكافأة الشهرية للنائب على أن لا تزيد هذه المكافأة في أفضل الأحوال عن 15 ضعفا لأقل راتب في جدول رواتب موظفي الدولة ويُخيًر النائب بين الاحتفاظ براتبه الوظيفي إذا كان موظف في الدولة العراقية قبل أن ينتخب أو المكافأة الشهرية للنائب ولا تصرف أي مخصصات أخرى تحت أي بند من البنود ما لم تكن واردة في قانون الخدمة المدنية، أما إذا كانت واردة فيمكن شمولهم بها وعلى سبيل المثال لا الحصر مخصصات النقل. كما يتم إلغاء الرواتب التقاعدية للنواب السابقين والوزراء ووكلاء الوزارات والرئاسات الثلاث، وأي جهات أخرى تستلم رواتب تقاعدية خارج قانون التقاعد الموحد، ويتم شمول هؤلاء بقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 وتعديلاته.
سادسا إلغاء كافة المواد الواردة في قوانين أخرى وتعطي حقوق تقاعدية خارج قانون التقاعد الموحد النافذ.
سابعا إيقاف صرف أي رواتب تقاعدية خارج ما ينص عليه قانون التقاعد الموحد لجميع الأشخاص الذين يحملون جنسية بلد آخر ولم تكن لديه خدمة فعليه في مؤسسات الدولة العراقية مقدارها على الأقل 15 سنة ولا يتم احتساب أي مميزات أخرى ضمن ال 15 سنة الفعلية للخدمة، إنما يستفاد من هذه المميزات لمن تعدت خدمته الفعلية ال 15 سنة.
ثامنا إيقاف كل شكل من أشكال ما يسمى بالحوافز الشهرية أو الأرباح السنوية في بعض الوزارات الإنتاجية وحرمان موظفي الوزارات الخدمية منها وتقييد الحوافز حصرا بيد رئيس الوزراء على أن تُصرف لجميع موظفي الدولة بالتساوي بغض النظر إن كانت الوزارة إنتاجية أو خدمية، ويحرم الموظف المتغيب بمقدار 10% من المكافأة عن كل يوم تغيب، وكذلك يحرم الموظف المعاقب بعقوبة انضباطية وفق قانون انضباط موظفي الدولة نسبة 50% لعقوبة التنبيه، و 100% للعقوبات الأخرى.
تاسعا إيقاف ما يسمى بمزاد بيع الدولار سيىء الصيت، فإذا كانت الدولة لا تملك السيولة الكافية من النقد العراقي فيمكنها دفع رواتب بعض الوزارات بالعملة الأجنبية الدولار بالتناوب الشهري بين الوزارات لحين حل مشكلة توفر السيولة النقدية من العملة العراقية.
عاشراً مراجعة كافة عقود شركات الاتصالات واستيفاء مستحقات الحكومة العراقية منها.
الحادي عشر مراجعة إجازات المصارف الأهلية كافة وإلزام هذه المصارف تنفيذ مشاريع استثمارية وتكون البداية بتنفيذ مشاريع استثمارية خدمية خلال فترة لا تزيد عن ثلاث سنوات على أن تكون بداية هذه المشاريع ضمن فترة ال 100 يوم الأولى من عمر الحكومة وتسحب إجازة المصارف غير الملتزمة ويتم غلقها وتحول إدارتها إلى البنك المركزي…على أن تكون هناك متابعة دورية كل ثلاث أشهر للمشاريع التي تنفذها هذه المصارف.
الثاني عشر سيطرة الحكومة على كافة المنافذ الحدودية وإيقاف الجبايات النقدية وحصر هذه الجبايات بواسطة بطاقات الدفع المسبق التي تصدرها وزارة المالية…وحصر كافة الجبايات للضرائب عبر هذه البطاقات لجميع الوزارات
الثالث عشر فرض ضرائب على جميع المركبات التي تحمل لوحات تعود إلى الإقليم ويملكها أشخاصا خارج الإقليم أو وكالات لقيادتها، تسمى ضريبة بنى تحتية
بالحقيقة هناك الكثير من النقاط التي يمكن لحكومة الإطار الجديدة من تنفيذها على المدى القصير من عمر الحكومة لفترة ال 100 يوم الأولى…وهذا الإجراء من قبل الحكومة الجديدة يندرج تحت بند تصحيح اخطاء ساسة الإطار والأحزاب الأخرى والذين أسسوا لمبدأ تسرب المال العام إلى جيوب الآخرين وأسس للفساد الذي يعصف بالدولة العراقية اليوم…وساسة الإطار يعرفون جيدا جميع أوجه تسرب المال المعلنة وغير المعلنة وعليهم معالجتها لأن من يخطأ ويعترف بالخطأ، هذا جيد ولكن جاءت اليوم لساسة الإطار الفرصة لتصحيح هذه الأخطاء بسقف زمني محدد فالشعب لا يريد أن ينتظر كثيرا….
لو نفذت الحكومة الجديدة أو حكومة الإطار الجديدة النقاط المذكورة أعلاه أو 70% فقط من هذه النقاط لتوفر تحت يد الحكومة الجديدة مبالغ إضافية تصل إلى أكثر من 70 مليار دولار فائض وكل من يشكك بهذا الرقم عليه ان يتنحى جانبا ويترك ذوي الاختصاص تنفيذ ذلك.
فماذا يا ترى تستطيع الحكومة أن تفعل بهذه الأموال الإضافية على المدى القصير وعلى المدى الطويل؟…هذا ما سوف يكون محور نقاشنا في الجزء السادس من هذه السلسلة.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب