18 ديسمبر، 2024 7:50 م

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (3)

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (3)

وصلنا في الجزء الثاني من تحليلنا هذا، إلى تساؤل حول المعايير التي يقال إن ساسة الإطار التنسيقي وضعوها لاختيار شخصية رئيس الوزراء وهذا التساؤل هو “هل هذه المعايير دستورية أم مخالفة للدستور؟”، وقلنا “سوف تتضح الصورة بمجرد تسمية مرشح الإطار لمنصب رئيس مجلس الوزراء، ويتضح أيضا هل الإطار مستمر في سياسة التنظير أم إنه تغير فعلا! “.

لنقرأ المادة (18 رابعا) من الدستور العراقي والتي تنص على منع تَسَلم المناصب السيادية لمن يحمل جنسية أخرى مع الجنسية العراقية، كذلك وجود قرار من البرلمان العراقي في السياق نفسه. مفهوم المناصب السيادية هي رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، رئيس البرلمان، الوزراء، وكلاء الوزراء، رؤساء الهيئات المستقلة، القيادات العسكرية من قائد فرقة صعوداً، وأي قانون سوف يشرع من البرلمان مستقبلا بخصوص تنفيذ هذه المادة بالتأكيد سوف يشمل المناصب المذكورة أعلاه…

الشعب لا يحتاج تبريرات أو تنظيرات في هذا المجال من خلال التسويق إلى تنازل هذا أو ذاك عن جنسيته الأجنبية ليسمح له الدستور بتسلم المنصب لأن المواطن على دراية كاملة بأنه لا يوجد شيء اسمه التنازل عن الجنسية المزدوجة الأخرى والتنظيرات بهذا المجال لا تتعدى كونها سفسطة لا تُسمع لأن الشعب لا يهمه خروج المارد الجبار من قمقمه ولا يهمه دخول هذا المارد في قمقمه ما يهمه هو فعل على الأرض ملموس مطابق للدستور. والفعل المطابق للدستور ليس ورقة يكتبها المكلف بالمنصب يقول فيها إنه تنازل عن الجنسية الأخرى.!!!
التنازل يعني كتاب رسمي صادر من وزارة داخلية تلك الدولة المنتمي إليها المجنس ومصدق من وزارة خارجيتها ومصدق من سفارة جمهورية العراق في تلك الدولة ومصدق من وزارة خارجية العراق مع صحة صدور هذه الوثيقة بالإضافة إلى تخلي المعني عن جواز سفر تلك الدولة ويكون من سكنة العراق هو وعائلته على الأقل خلال العشر سنوات الأخيرة لا أن يكون هو داخل العراق من أجل البحث عن منصب وعائلته تعيش خارج العراق بمعنى رجل في العراق ورجل في تلك الدولة.
السؤال هل الإطار قادر على تطبيق الدستور في المادة (18 رابعا) في هذا المجال بالتحديد؟
كل التسريبات تؤكد أن الإطار التنسيقي غير وارد لديه العروج على هذه المادة الدستورية الحاكمة وقد يتمنى لو أنها غير موجودة في الدستور وخصوصا البعض منهم من يحمل جنسية بلد آخر وهذا يمثل أول تحدِ حقيقي أمام الإطار ولا ينفع التنظير في مادة دستورية واضحة في ما يخص الرئاسات الثلاث ومواصفات الحكومة الجديدة، فهل الإطار بمستوى المرحلة وهو يملك ما يملك من مستلزمات القوة الحقيقية ذكرنا بعضها أو ذكرنا القليل منها، قادر على عبور هذا التحدي أم إنه يعود إلى أوراقه القديمة ويتصفح نفس الوجوه المستهلكة متناسيا المادة 18 رابعا من الدستور الذي صوت عليه الشعب وتعود حليمة لعادتها القديمة…ننتظر والأيام كفيلة بالكشف عن المستور…

هناك تحد آخر يتعرض له الإطار التنسيقي وهذا التحدي يأتي من داخل الإطار نفسه ومن ساسة الإطار في ما يخص تطبيق المادة 18 رابعا من الدستور العراقي، ونطلق على هذا التحدي بالبُعبُع الذاتي.
فالأسترالي القح الذي يحمل جنسية عراقية لا يقبل تطبيق هذه المادة من الدستور ولا قرار مجلس النواب
والأمريكي القح الذي يحمل الجنسية العراقية لا يقبل تطبيق هذه المادة من الدستور ولا قرار مجلس النواب
والإنكليزي القح الذي يحمل الجنسية العراقية لا يقبل تطبيق هذه المادة من الدستور ولا قرار مجلس النواب
والدنماركي والنرويجي والهولندي والسويدي وحتى الكويتي القح الذين يحملون الجنسية العراقية لا يقبلون تطبيق هذه المادة من الدستور ولا قرار مجلس النواب.

كل هؤلاء غير وارد لديهم تطبيق هذه المادة ولم يقبلوا مجرد النقاش فيها وسوف يكونون المعرقل الحقيقي لنجاح الإطار وهم سوف يكونون السبب الرئيس في تفكك الإطار وشرذمته، فالإمبراطوريات المالية التي حققوها من خلال توليهم المناصب لا يمكن لهم التنازل عن المزيد منها من خلال السلطة التي سوف يتسلمونها، رغم إن جميعهم اثبتوا إنهم كانوا السبب الرئيسي في هذا الفشل المتراكم على مدى عقدين من الزمن، خصوصا إن نكران الذات غير متوفرة لديهم.

مشكلة الإطار أنه لا يملك رجالات دولة حقيقيين كما قلنا ونكرر قولنا من خلال الفشل المتراكم على مدى عقدين من الزمن تلقي بظلالها على خطوات ساسة الإطار المستقبلية؟ والإطار يعاني حقيقة من عقدة “الأنا” المتجذرة لديهم، ما يملك الإطار هي هذه الوجوه المستهلكة والمرفوضة اجتماعيا والمخالفة للدستور في حال تنصيبهم، وفي ظل هذا الوضع الإطاري المزري يبدو أن حظوظهم في النجاح تبدو ضئيلة جدا من جهة ولكن لو كنا متفائلين بقدرة الإطار على تخطي هذه المشكلة وتحويل الفشل المتراكم إلى نجاح فعليه أن ينفتح على الفضاء العراقي بالكامل أولا ولا يبقى متقوقع داخل القمقم. فالاعتماد على نفس الوجوه من جديد القابعة في المنطقة الخضراء على أمل أن تتغير المخرجات يمثل قمة الغباء.
فماذا يفعل اللاعب الأكبر في الإطار لتخطي هذه المشكلة؟

السيد المالكي باعتباره اللاعب الأكبر في تشكيلة الإطار اليوم أمام نارين جهة طامعة بالسلطة من أقرب المقربين له لكي تستثمرها لمزيد من الفساد أو تهدده بانفضاض خلطة الإطار السحرية…وشعب ينتظر التغيير الحقيقي وليس الوعود الكاذبة…هذا على مستوى البيت الداخلي للإطار، أما خارج الإطار فهناك المتربصين
اولهم البارتي وثانيهم الحلبوسي والخنجر، وسكين الخاصرة كما يقال فهو التيار الذي سوف يتصيد الإخفاقات لكي يستثمرها في المرحلة القادمة…

وللحديث بقية في الجزء الرابع