17 نوفمبر، 2024 2:01 م
Search
Close this search box.

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (2)

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (2)

وصلنا في الجزء الأول إلى هذا التساؤل: “عندما يجتمع ساسة الإطار التنسيقي، ماذا يناقشون؟”
قبل الإجابة على هذا التساؤل المهم والمحوري، على ساسة الإطار التنسيقي أن يستحظرون كل عناصر القوة المتوفرة تحت أيديهم هذا من جهة، ومن جهة أخرى عليهم قبل النظر بعيدا إلى جهة الشمال في محاولة منهم إرضاء السيد مسعود البرزاني المحترم في أي قرار يتخذونه، عليهم أن يعرفوا جيدأ أن السيد مسعود المحترم ليس ممثلا مطلقا عن الشعب الكوردي فهناك الكثير من الشخصيات الكوردية المحترمة والأحزاب الكوردية التي تعارض سياسات السيد مسعود البرزاني المحترم، لكننا يجب أن نشير إلى الدور الكبير الذي يلعبه وإلى التاريخ النضالي الطويل لهذه العائلة المحترمة وأن تحليلنا هذ ينبغي أن لا يفهم على أنه إنتقاص من شخصية الرجل أو الإساءة له، حيث إننا نكن له كل الإحترام والتقدير لكن ما نسرده يعكس الحقائق المجردة على الأرض دون تزويق أو مغالات في الوصف.
من هنا يمكننا القول إن الترويج الإعلامي المضلل لإمكانية توظيف السيد مسعود البرزاني المحترم للساحة الدولية لفرض شروطه على بغداد والتلويح بهذه الورقة هو ترويج وتلويح كاذب وغير ناهض في العلاقات التي تربط الدول، ولعل تجربة الإستفتاء كانت واضحة جدا وبينت الحجم الحقيقي لمحاولة توظيف الورقة الدولية لصالح الإنفصال عن العراق والتي عكست خيبة أمل كبرى لدى الساسة الكورد….
الساسة الكورد في حقيقة الأمر ليس لهم تأثير وأعطيوا حجما أكبر من حجمهم الحقيقي الذي من قبل الإعلام والمشكلة أنهم يصدقون ذلك أما الحقيقة هم ليسوا احرارا في الحركة على الساحة الدولية إنما حركتهم مقيدة بقدر المساحة التي تتيحها بغداد لهم فكلمة بغداد هي الكلمة المسموعة إقليمياً ودولياً…
ولعلنا نتذكر كيف إستطاع السيد حيدر العبادي تحجيمهم وقيد حركتهم ضمن حدود إقليم الشمال حتى الزيارات التي يقوم بها الساسة الكورد إلى دول العالم لم تكن لتتم لولا موافقة بغداد عليها، ولو شاءت بغداد لقيدت حركتهم ضمن حدود العراق فقط…يجب أن يعرف الساسة الكورد وخصوصا من يتبنون فكرة الإنفصال عن العراق أن الحكومة الإتحادية دستوريا إلى جانب البرلمان العراقي يملكون الصلاحيات الكاملة في تحديد الحدود الإدارية للمحافظات بضنها المحافظات المنتمية لإقليم الشمال ولهم الصلاحية إصدار قرار مركزي بتغيير أسماء المحافظات والأقاليم كما أنهم يملكون الصلاحية بتحويل الوضع الإداري للمحافظات والأقضية والنواحي ولعلنا نتذكر قيام النظام السابق في حزيران/ يونيو سنة 1969 من تحويل الصفة الإدارية لقضاء دهوك وجعله المحافظة 18 في العراق وفك إرطبات القضاء بالحدود الإدارية لمدينة الموصل وعليه من صلاحية الحكومة المركزية والبرلمان إعادة الصفة الإدارية كقضاء تابع لمحافظة الموصل وهذه كلها شؤون داخلية لا علاقة للدول الأخرى فيها.
الساسة الكورد وخصوصا الحزب الديمقراطي الكوردستاني يستغلون المرونة التي تبديها بغداد في تعاملها معهم ويفسرون ذلك على أنها نقاط ضعف من بغداد، فراح هؤلاء الساسة يمارسون دكتاتورية الحكم على شعبنا في إقليم الشمال وإستولت عوائل محددة على مقدرات الإقليم ، وهذا ليس قولي إنما قول الساسة الكورد المعارضين لهذا لحكم هذه العوائل وهذا الكلام هو الشائع في الشارع الكوردي اليوم.
يجب أن يعرف الساسة الكورد أن بغداد تتعامل مع القومية الكوردية ومع الأكراد على أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي، وإن بغداد لم يكن نفسُها طويلا وهي تشاهد كل هذه الممارسات الدكتاتورية ضد شعبنا الكوردي وهذه الطوابير من الشباب الكوردي الضائع والهارب من جحيم الدكتاتورية في الإقليم ولا يمكن لها السكون طويلا على ممارسات الساسة الكورد ضد الدولة العراقية وما يصل إلى شبه منع اللغة العربية في إقليم الشمال وإهانة العلم العراقي داخل الإقليم ورفع العلم الصهيوني داخل الإقليم والتضييق على العراقيين دخول إقليم الشمال وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى إثارة الشارع العراقي عبرب وكورد ضد هؤلاء الساسة الإنفصاليين…كل ممارسات هؤلاء الساسة الكورد تعكس إنهم يتصرفون تصرف دولة مستقلة في طريقة حكمه…ننصح هؤلاء، أن هذا التصرف مخالف للدستور، إذا تريدون أن تقنعوا أنفسكم إنكم دولة هذا شأن خاص بكم لكن الواقع على الأرض يقول إن وجودكم القانوني والدستوري والصلاحيات الممنوحة لكم هي نفسها الصلاحيات الممنوحة لأي محافظة من محافظات العراق، هل يعي الساسة الكورد أن القائد العام للقوات المسلحة من صلاحيته حل البيشمركة وتشكيل جهاز شرطة لحفظ أمن إقليم الشمال بالإضافة إلى صلاحيات واسعة أخرى؟…
لذلك من الحكمة أن يعود الساسة الكورد للتصرف على أنهم ساسة ضمن الدولة العراقية ولا يعطون لأنفسهم بُعداّ آخر لأن الواقع والقانون والدستور يقول إن القرار المركزي بيد السلطة الاتحادية ولا سلطة أعلى من السلطة الاتحادية في حكم العراق لذلك ينبغي على بعض ساسة الكورد أن يقبلوا يدهم على النعمة التي يعيشونها ولينظروا إلى حال كورد سوريا وتركيا وإيران البائس ويحمدون الله.
ثم لنتساءل كم هو وزن الحزب الكوردستاني في السلطة التشريعية، وزنهم أقل من عُشر أعضاء البرلمان العراقي، عليه يجب أن يكون تأثيرهم في القرار العراقي لا يزيد عن حجمهم في البرلمان، وهذا هو الواقع الذي يجب على الإطار الإنطلاق منه في أي تفاوض مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فهم ليس في موقف يسمح لهم بفرض أي شرط على ساسة الإطار التنسيقي، كما أن التعامل معهم على أنهم الصوت الكوردي الوحيد خطأ يقع فيه ساسة الإطار التنسيقي…
عند وضع كل هذه المعطيات على طاولة إجتماعات ساسة الإطار، عليهم توجيه نظرهم إلى جهة أخرى لجلب مزيد من المعطيات على طاولة أجتماعات الإطار التنسيقي.
وهذه الجهة التي يمكن التفاوض معها ولها وزن في السلطة التشريعية أكثر من وزن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، كما أن مطالبهم كلها قابلة للتحقيق والتطبيق وبسيطة جدا وهي تجسد الرغبة المعلنة لدى الإطار في تطبيقها في مرحلة تصحيح المسار إن صح القول…هؤلاء هم ما يسمى بالنواب المستقلين…فعلى ساسة الإطار بذل اقصى الجهود الممكنة في الموافقة على شروط النواب المستقلين من أجل الحصول على دعمهم في ساحة البرلمان…فشروط هؤلاء أغلبها تتمحور حول الجوانب الخدمية وليست شروط إستراتيجية تؤثر مستقبلا على وحدة العراق أو تعطي حقوق السيطرة على موارد الدولة أو التجاوز على حدود المحافظات كما يفعل البارتي عندما يتفاوض مع بغداد…لذلك لا يوجد اي سبب مقنع يجعل الإطار غير قادر على التفاوض الناجح مع الإخوة النواب المستقلين… فنجاح المفاوضات مع المستقلين سوف يزيد الإطار قوة، أما نجاح المفاوضات مع البارتي فإنه سوف يضعف الإطار. وساسة الإطار غير ملزمين التوقيع على أية وثيقة تتضمن بنودها التنازل للبارتي، وتضع الإطار في موقف حرج مستيقبلا.
عند الأخذ بكل هذه الحقائق يمكن الآن الإجابة على التساؤل المطروح في البداية وهو ماذا يناقش ساسة الإطار عند إجتماعهم؟
يقال من خلال التسريبات المعلنة إنهم يناقشون تسمية شخص رئيس الوزراء ضمن معايرمحددة وبرنامج حكومي واضح!…
كلام جميل لكننا نتمنى أن لا يكون تنظير جديد من قبل ساسة الإطار!،
لنسأل ما هي هذه المعايير ياترى؟
وهل هذه المعايير دستورية ام مخالفة للدستور؟،
سوف تتضح الصورة بمجرد تسمية مرشح الإطار لمنصب رئيس مجلس الوزراء، ويتضح أيضا هل الإطار مستمر على سياسة التنظير أم إنه تغير فعلا! وللكلام بقية.

يتبع في الجزء الثالث

أحدث المقالات