19 ديسمبر، 2024 12:20 ص

العراق  .. اشواك  سورية

العراق  .. اشواك  سورية

في قصته المعروفة ، يذهب الكاتب المصري يوسف السباعي الى تجسيد مأساة مرأة قاست من عذاب زوجة الاب، لكي تنتهي الى ما انتهت اليه في تراجيديا واقعية يمكن استعارتها للدلالة على المأساة السورية في التغيير الذي حصل منذ ان اسقطت تظاهرات سورية صور بشار الاسد في استعارة واضحة لسقوط صنم صدام حسين في ساحة الفردوس، ليس بقوة المدرعات الاميركية، بل بقوة الشعب الذي سرعان ما انتهت موجة انتفاضته الى ركوبها  من قبل  مخابرات  تلك الدولة وتمويل اخرى ، ومخاوف  ثالثة ، واعتراض رابعة … الخ  .
 ما الجديد في الدرس العراقي الذي جعل مجلس العموم البريطاني يتراجع عن ضرب سورية عسكريا لإسقاط بشار الاسد ، بعد ان كانت بريطانيا في عهد  توني بلير عّرابة  الغزو الاميركي  للعراق  ؟؟ 
  اولا ، لابد من ملاحظة ان ادارة الرئيس اوباما ، قد اعلنت قرارها بالرد على الاستخدام السوري للأسلحة الكيماوية ، ثم تريثت بعد القرار البريطاني، لتعلن نقل الكرة الى ملعب الكونغرس، ولان هناك  اجتماعات للدول الصناعية في سانت بطرسبيرغ ، لا يمكن تأجيل الضربة اذا تقررت عن موعده ، كما لا يمكن  تأجليهاالى امد غير معلوم ، الا اذا  كانت  هناك اخطاء ” كيماوية ” جديدة يمكن ان يتصيدها الغرب لإعادة الحديث  مجددا عن ضرب سورية .
 نعم ربما تكون هناك ضربة  “جراحية ” كما وصفت  في الكثير من التحليلات  الاستخبارية لأهداف  حيوية  كما سبق  وان حصل مع  القوة العسكرية العراقية ، لكن الامر لن يتطور الى اعلان مناطق حظر  للطيران العسكري ، او  ملاذات امنة  لأكراد سورية ، لكن الفواصل  الزمنية  للتغيير الاميركي  في سورية  لا  تتطابق  مع  الرغبات  لبعض الدول  الاقليمية بالتغيير  المتسارع فيها ، لان بشار الاسد  ليس صدام حسين ، وتحالفاته  تختلف عما  كان عليه ، فالدرس  العراقي  يجعل روسيا  والصي  لا  تتنازلان عن  رمزية رفض الهيمنة الأميركية في مساندة مباشرة لنظام بشار الاسد ، بعد  ان فهمت   كلا الدولتين  كقوى عظمى   ، ان الاتفاق  مع  واشنطن  في  تدمير سورية  ، يمكن ان ينتهي  الى ما انتهى اليه الوضع في العراق .
  مشكلة الدول الاقليمية الاخرى التي  تدعو  الى  الضربة الاميركية للتعجيل  بتغيير  النظام السوري ، لا  تمتلك  ذات معطيات  الواقع الشعبي الرافض  للتدخل العسكري ودفع فاتورة الحرب كما دفعت  في حرب العراق ، فالولايات المتحدة قد  خسرت اكثر  من ترليون  دولار  و5000  قتيل  و100 الف جريح حرب ، من  دون ان تحقق في العراق  الانموذج الديمقراطي  المطلوب  تصديره  ك” ليبرالية  اسلامية  ” تواجه   نظام  ولاية الفقيه في ايران  ، بل  الحدث  العرضي  كان  ظهور  التشدد  الشيعي  – السني  في  اعادة بناء  تنظيم القاعدة ، باهداف اسرائيلية  واضحة تدمر الامة الاسلامية  من خلال  التصارع  المذهبي  المقيت  .
  كل  ذلك  جعل  العراق في  ازمة تغيير  نظام بشار الاسد ، مثل  تلك  المرأة  التي  كتب عنها يوسف السباعي ، لتنقذ نفسها  من سطوة  زوجة الاب، لتنتقل الى  رذيلة  المومس ، في  العراق هذا  ما  حدث عندما وافقت الاحزاب  على  التغيير بقوة الدبابة  الاميركية ، ومشكلة العالم اليوم  مع  التغيير في سورية ان  اعادة السيناريو العراقي ، يمكن  ان يكون اكثر  من  مستنقع للرذيلة السياسية ، حينما  تفتح ابواب  الجحيم  الطائفي في المنطقة ككل ، وتكون تداعيات تكرار هذا السيناريو  اكثر من مجرد سيناريو  للإعلان عن  حرب اهلية  شاملة  داخل ما عرف  اميركيا بمحور  الشر  والذي يضم سوريا والعراق وايران .