23 ديسمبر، 2024 10:20 ص

العراق إلى أين في ظل عجز حكومي وصمت مرجعي ؟!‎

العراق إلى أين في ظل عجز حكومي وصمت مرجعي ؟!‎

في حقيقة الأمر أذهلنا كثيرا الخبر الذي تناقلته اليوم الأربعاء 18 / 2 / 2015م  وسائل إعلام عراقية وعالمية ومنها صحيفة إيلاف اللندنية, وموقع كتابات العراقي, والذي مفاده إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي, يروم إعلان استقالته بسبب عجزه عن السيطرة على الميليشيات في بغداد, وانه توجه بطلب إلى مرجعية النجف, بان تتدخل شخصيا في إيقاف عمل هذه المليشيات خصوصا في بغداد, من خلال إصدار فتوى بخصوص ذلك الأمر وحصر السلاح بيد القوات الأمنية والعسكرية!! وذهولنا يكمن في مدى العجز و الفشل الحكومي الذي ارتسم على محيا السيد العبادي.

لكن هذا التصريح يدل على مجموعة من الأمور منها: إن العبادي خاضع لضغوط خارجية إيرانية وان الولايات المتحدة الأمريكية قد رفعت اليد والدعم عنه و تركته وحيدا لكي يكون لقمة سهلة في فك الوحش الكاسر إيران, وما يؤيد هذا الاحتمال هو الرسائل المتبادلة بين الرئيس الأمريكي أوباما والمرشد الإيراني علي خامنائي والتي تناول فيها الجانبين آلية وصورة إدارة الصراع والحرب ضد داعش في العراق بحسب وكالة السومرية نيوز التي نشرت خبرا عن تلك الرسائل قبل عدة أيام.

الأمر الأخر إن حكومة العبادي حكومة عاجزة وغير قادرة على إدارة الأمور في العراق ووجدت نفسها محاطة بشخصيات أقوى منها كرئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي يحاول أن يعود إلى السلطة من جديد وهو يحضى بدعم إيراني صريح, بالإضافة إلى صمت وسكوت مرجعية النجف التي أعطت الشرعية لتلك المليشيات في حمل السلاح من خلال إصدار فتوى الجهاد الكفائي, التي جعلت العبادي على المحك, أما غض الطرف عن جرائم تلك المليشيات, أو التصدي بحزم لها وتجريمها, وهذا ما سيجعله عرضة للنقد والتشهير والعداء حتى من المؤسسة الدينية باعتباره معارضا لتلك الفتوى.

أما مسألة صمت مرجعية النجف عن جرائم تلك المليشيات وعدم تأييده لسحب السلاح منها وحصره بيد السلطة, واكتفاءه بتحريم – صدر متأخر –  خاص بجرائم تلك المليشيات, والذي يعتبر علاجا خجولا وغير فعال, أيضا يدل على إن مرجعية النجف قد أصبحت عاجزه تماما عن اتخاذ أي إجراء أخر غير ذلك لأنه في حال أصدر أمرا بسحب السلاح من تلك المليشيات فانه سوف يخسر الهالة الإعلامية التي حصل عليها من تلك المليشيات خصوصا وهي غير تابعة له من حيث ناحية التقليد والتبعية.

 لكن ما جعلها تتكلم باسمه هو الفتوى التي أطلقها, بالإضافة إلى إن مرجعية النجف سوف تكون محاسبة من قبل أهالي القتلى والمخطوفين والمتضررين من قبل تلك المليشيات من جهة ومن جهة أخرى ستكون محاسبة قانونيا لو أصدرت أمرا بحسب السلاح من تلك المليشيات لأنها هي من أوجدتها وأعطتاها الشرعية, وأصبحت تعمل تحت عباءة وشرعية تلك المرجعية وتحمل اسمها – مليشيات المرجعية – وبهذا الأمر يصبح مصير العراق مجهولا ويسير إلى الهاوية والهلاك أكثر وأكثر وبخطى سريعة وثابتة, وان الطرفين أي مرجعية النجف والعبادي أصبحا عاجزين عن تدارك ما آلت إليه الأمور, فهذه أوجدت الشرعية لتلك المليشيات وذاك عاجزا عن الصدام مع المرجعية أو معارضتها وكذلك أصبح عرضة للنقد بسبب صمته وسكوته عن جرم تلك المليشيات.