22 نوفمبر، 2024 11:49 م
Search
Close this search box.

العراق أكثر دول العالم استهلاكا لوزراء الكهرباء

العراق أكثر دول العالم استهلاكا لوزراء الكهرباء

نقلت أخبار من بغداد تم تداولها أمس , بان أعضاء مجلس النواب بصدد جمع التواقيع لاستجواب وزير الكهرباء تمهيدا لإقالته لتقديمه أجوبة غير مقنعة خلال استضافته في جلسة يوم السبت الماضي في مجلس النواب , وفي حالة خوض الجولة التشريعية المتعلقة باستجواب وزير الكهرباء الحالي والتي تتطلب مفاتحة مجلس الوزراء وتقديم أسئلة تحريرية وإمهاله لمدة أسبوع لتحضير الإجابة عنها ثم عقد جلسات للمجلس لغرض الاستجواب وبعدها تصويت المجلس على الإقالة , فان السيد قاسم الفهداوي سيكون الوزير رقم 7 الذي يغادر الموقع في وزارة الكهرباء منذ 2004 ولحد الآن , فقد تولى السيد أيهم السامرائي مهمة وزير الكهرباء وتم إخراجه بطريقة دراماتيكية وتهريبه إلى خارج العراق لكونه يحمل جنسية مزدوجة , وتبعه السيد محسن شلاش الذي خرج بعد تشكيل أول حكومة من قبل مجلس النواب , حيث تم انتخاب الدكتور كريم وحيد حسن وزيرا للكهرباء ضمن طاقم الحكومة الأولى للسيد نوري المالكي , وهو من التكنوقراط ومن المستقلين وقد قدم استقالته في صيف 2010 بعد مظاهرات البصرة بخصوص الكهرباء , وتولى الدكتور حسين الشهرستاني مهمة وزير الكهرباء من بعده إضافة لموقعه نائبا لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة , لتتحول وزارة الكهرباء من حصة مكون آخر حيث تم اختيار السيد رعد شلال مهمة وزارة الكهرباء وتمت استضافته في مجلس النواب وفتحت عليه ملفات عديدة تخص عمل وزارة الكهرباء , وتم استبداله بالسيد عبد الكريم عفتان الذي اثار ضجات أثناء توليه مهام وزير الكهرباء وتمت استضافته لأكثر من مرة في مجلس النواب , ويعد أكثر من أعطى وعودا وردية بخصوص واقع ومستقبل الكهرباء في العراق , وبعد انتخابات 2014 تم انتخاب السيد قاسم الفهداوي وزيرا للكهرباء , والذي يلومه البعض لكونه لم يعط تأكيدات محددة بخصوص تحسين واقع الكهرباء لأسباب عديدة قام بتشخيصها وعرضها , أبرزها العجز المالي ونقص الوقود وسوء الإدارة وتصحيح العقود وهي أمور تحتاج إلى زمن لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بخصوص آليات العمل والسياقات .

وبعيدا عن موضوع إقالة أو إبقاء وزير الكهرباء الحالي , فان التغييرات العديدة في موقع وزير الكهرباء تعد واحدة من أكثر نقاط الضعف التي أثرت على أداء الوزارة , لان عقود الكهرباء تدرس وتنفذ وتدخل حيز التطبيق لفترة قد تطول لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات في حين إن الوزير لا يبقى لأكثر من أربع سنوات , فقد شهدت سنة 2006 المصادقة على اكبر خطة لتطوير الكهرباء في العراق والشروع بتنفيذها , وهذه الخطة تحتاج إلى ثمان سنوات على الأقل لاستكمال متطلباتها , وهو ما يتطلب بقاء وزير يتولى قيادة التطوير ومساءلته على النتائج لحين ظهور النتائج الأولية للتطبيق , ولكن نظامنا الانتخابي يتطلب تغيير الحكومة ووزرائها كل أربع سنوات , وكل حكومة تخضع للمحاصصة الطائفية ولها طريقتها في الاختيار دون إلزامها بالاعتماد على ذوي الخبرة والاختصاص , كما إن تغيير الوزارة من مكون إلى مكون آخر أدى إلى تغيير القيادات الإدارية والميدانية لأكثر من مرة , في حين إن الوزارة فنية وتخصصية وفيها آليات مترابطة للتطوير تتعلق بالإنتاج والنقل والتوزيع والسيطرة والتدريب وغيرها , وهي لم تسير بوتيرة واحدة بسبب التضارب بين الإدارات من جهة , ناهيك عن الفساد الذي يمكن أن يتخلل مفاصل العمل من خلال كثرة التغيير , وحسب ما صرح به السيد طلال الزوبعي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب ( أمس ) , فان هناك 144 ملفا للفساد الإداري في وزارة الكهرباء تمت إحالتها إلى هيئة النزاهة .

وخلاصة ما تقدم إن وزارة الكهرباء سوف لا تتطور إلى المستوى الذي يلبي احتياجات وطموحات المواطنين في الحصول على حقوقهم من الكهرباء , ما لم تتم صياغة علاقة حقيقية ومسئولة ما بين وزارات الكهرباء والنفط والمالية , وإبعاد وزارة الكهرباء من المحاصصة وإسنادها لأصحاب الاختصاص من الناجحين والتكنوقراط , ولان هذه الأفكار بعيدة عن التطبيق في الوقت الحالي ولا تحلوا إلى المستفيدين من الوضع الذي يتيح لان يكون أداء الوزارات أداة للحرب السياسية والابتزاز , ستبقى وزارة الكهرباء بتخلفها الحالي وربما ستشهد ( فزعات ) تنعش التجهيز ولكنها سرعان ما تزول , مما سيؤدي إلى مزيد من التخلف وتجربة طريقة أخرى من خلال الاستثمار أو غيره بحيث يظهر تدهورا اكبر وسنضطر إلى التبديل ثم التبديل حتى وان تجاوزنا الرقم العالمي القياسي لتغيير وزراء الكهرباء بين الدول , وسنندم يوما كل الندم لان الفرص قد فوتت على تطوير الكهرباء سيما وان أسعار النفط تتجه إلى مزيد من الانخفاض , وجميعنا يعلم إن الكهرباء صناعة معقدة تحتاج إلى كثير من الأموال وهذه الأموال ستشح يوما بعد يوم , علما إن الاستثمار لا يلاءم العراق بسبب ارتفاع الفقر والبطالة بين السكان وعدم قدرتهم على الدفع احور الكهرباء للشركات , كما إن استيراد الطاقة الكهربائية من الخارج ليس مجانيا ويحتاج إلى كثير من الأموال دون أن ينمي القدرات المحلية في امتلاك الكهرباء, والغريب الغريب في نظامنا الحكومي هو إن الوزير الذي تنتهي مهامه يجري توديعه من وزارته بالتقبيل والهدايا والزهور من دون إبراء ذمته , وبعد خروجه بسنة أو أكثر بكثير تبدأ ملفات الاتهام بالفساد وهدر المال العام بالظهور , مما يصعب التمييز بحقيقة ما يظهر هل انه من باب تبرير الفشل أو الصدق أو التسقيط .

أحدث المقالات