22 ديسمبر، 2024 9:01 م

العراق….أصحاب إستراتيجية اللحظة!

العراق….أصحاب إستراتيجية اللحظة!

لا يختلف إثنان على إن العراق في ربيع 2003 دخل في نفق مظلم لم يخرج منه حتى الآن ولو أردنا أن نشير إلى الكم الهائل من الدمار والقتل والتشريد الذي مر به العراق على مدى 19 سنة لما كفيت مجلدات لحصر كل الأحداث التي تعرض لها العراق خلال هذه الفترة المظلمة من تاريخة والتي لا تزال مستمرة لحد الآن، ويبدو إن هناك اصرار لا نظير له في تدمير كل ما هو جميل في هذا البلد وكان الإنسان الهدف الأول غير المعلن الذي يجب أن يفرغ من محتواه وتحويله إلى مجرد بهيمة يلقى لها فتات موائدهم التي هي أصلا كانت فارغة ولكن تم ملأها من المال العام المسروق من الشعب…
هؤلاء الذين تسلطوا على حكم العراق بعد الإحتلال الذي لا يزال جاثم على صدورنا وتحت رعاية أمريكية كاملة جاءوا وهم محملين بكل عقد الماضي وفي داخلهم رغبة عارمة للإنتقام من كل شخص رفض ترك بلده وبقي يعيش في الداخل حتى إنهم صنفوا كل من بقي في الداخل على إنه بعثي ومن أبناء الرفيقات وعليه وجب الإنتقام منهم ومن ذريتهم بكل الوسائل المتاحة سواء كانت الناعمة منها أو الدموية… إنهم في حقيقة الأمر مرضى ويعانون من أمراض نفسية ومكانهم في مصحات للعلاج النفسي وليس في قيادة بلد مثل العراق.
إن الآثار التي احدثوها في هذا البلد شاخصة للعيان ولا يحتاج الزائر سوى التنقل في محافظاتنا من الجنوب إلى الشمال ليعرف الكم الهائل من الدمار الذي لحق بالعراق تحت حكمهم البغيض…المشكلة إنهم يعترفون على شاشات التلفزة وفي مقابلاتهم المعلنة بإنهم فشلوا في بناء دولة وإنهم فاشلون في كل شيء وقال أحدهم إن وقوفنا أمام الله سوف يطول لكنهم حين يصل الحال إلى كرسي الحكم سوف يتحولون إلى ذئاب كاسرة مدمرة للحفاظ عليه…وهم يعرفون إنهم على نطاق الشارع مرفوضين جملة وتفصيلا وهم يكذبون على الشعب وكل ما يقولون في العلن يفعلون عكسه في الخفاء فهم تراكمت لديهم خبرة 19 سنة من فن الكذب والخداع الذي يقود بالنتيجة إلى سرقة المال العام، ولو تم تشريع قانون إنتخابات يعتمد كل مقعد نيابي دأئرة إنتخابية لما وجدت أحد منهم اليوم متواجد على الساحة العراقية فالجميع يحزمون حقائبهم ويذهبون حيث الدول التي قبلت بتجنيسهم كما لاحظنا الكثير منهم عندما خسروا الإنتخابات ركض مسرعأ إلى بلده الأول وترك العراق يغوص في مشاكله وكان هو أحد اسباب وجود هذه المشاكل….
على مدى ثمانية أشهر بعد الإنتخابات لاحظ الشعب العراقي كيف وقف أصحاب إستراتيجية اللحظة حجر عثرة لتشكيل الحكومة العراقية باحثين عن موطأ قدم له فيها تمكنهم من الحصول على المزيد من المال العام المنهوب…واتبعوا اقذر الأساليب في تسقيط الآخر وكانوا يتعاملون مع الإحداث حسب لحظة حدوثها فهم لا يملكون إستراتيجية واضحة لقيادة الدولة إنما مواقفهم دائما تأتي كردود فعل لحدث يحصل في لحظته…الإستراتيجية الوحيدة التي يملكونها هي آلية توظيف الكرسي لسرقة المال العام…وكادوا يصابون بالجنون عندما أعلن السيد الصدر الفيتو عليهم أو على بعضهم وكانت تحركاتهم كلها تندرج تحت بند ردود فعل لتغريدات السيد، فإنطلقت منهم البيانات تلو البيانات والمبادرات تلو المبادرات كردود فعل لموقف ثابت ومعلن لم يتغير وهو الفيتو الذي وضعه السيد ضدهم….لكن حينما تم تشريع قانون الأمن الغذائي وجدناهم يهرورن لضمان حصتهم في الأموال المخصصة في هذا القانون وكانوا أول المصوتين عليه ونسوا في لحظة كل إنتقاداتهم للقانون وكل مفردات الوصف التي كانوا يصفون القانون بها وتحول القانون بين ليلة وضحاها بعد ضمان حصتهم إلى قانون يلبي حاجة المواطن…أما المواطن فهو يراقب ويعرف تقلب المواقب لجماعة إستراتيجة اللحظة حسب ما يتجه الدولار يتجهون فإستراتيجيتهم مبنية على إستراتيجية اللحظة والدولار وهذا أصبح واقع حال لكل مراقب ومتابع للأحداث طيلة فترة 19 سنة على تسلطهم…ولأنهم قصار النظر بطريقة غير مسبوقة وليس لديهم رؤيا مستقبلية على الأطلاق فهم كثير ما يتحينون فرص المناسبات لركوب موجتها من أجل تحسين صورتهم القبيحة بنظر الشارع العراقي، أما الشارع فيعرفهم جيدا ويعرف نفاقهم فهم لا يعرفون الدين إلا من خلال الخاتم والسبحة والوشم على الجبهة لكنهم متفننون في سرقة المال العام كما قال السياسي المخضرم عزت الشاهبندر في إحدى مقابلاته الكثيرة والتي تصب أغلبها في نقدهم وتعريتهم وفضحهم وتكذيب كل ما يدعون به زورا بهتانا وكذبا….
وبينما اصحاب إستراتيجية اللحظة منشغلون في إعداد مبادرة جديدة وما أكثر مبادراتهم الفارغة مضمونا والمتشابهة نصا والتي تؤدي إلى طريق واحد هو تمكنهم من ضمان حصصهم في أموال العراق وتحويلها إلى حساباتهم الخاصة في بلدانهم الجديدة…عصفت بهم دون ان يتوقعوا ذلك قرارات السيد والتي أدت إلى إستقالة جماعية لنواب التيار من مجلس النواب…خبر حتى في أقصى لحظات تفائلهم لم يكونوا يحلمون به مما جعلت تصريحاتهم متناقضة أما فرحتهم في الخبر فكانت واضحة في أحاديثهم وحتى في بيانهم الذي صدر ولكونهم يتعاملون بردود الأفعال ولا يملكون إستراتيجية واضحة لقيادة البلد فإن قرار السيد حصرهم في زاوية ميته جدا مثلهم في ذلك مثل حصرت الكلب في الجامع…ففي الوقت الذي كانت رسالة السيد واضحة في قرار الإستقالة والتي ملخصها “هذا الميدان يا حميدان”، لكم مطلق الحرية والسيد يعرف جيدا إن الطبع يغلب التطبع ففي الوقت الذي منحهم السيد فرصة ذهبية لإعادة المحاولة، لكنه على يقين إنهم سوف يفشلون من جديد لا بل بوادر فشلهم بدأت تلوح في الأفق في الساعات الإولى من إستقالة نواب التيار الصدري….فعاد الحديث وبقوة إلى توزيع المناصب على الأحزاب وعاد من جديد طرح أسماء لتولي رئاسة الوزراء مستهلكة لإنها نفس الاسماء القديمة وعاد مبدأ تكريس الطائفية في إدارة الدولة….ومن اليوم الأول بعد إستقالة نواب التيار بدأ البحث عن شماعة لكي يعلقون عليه فشلهم الجديد لكن لا يوجد في الساحة الشيعية غير التيار فبدأ التلميح على إن التيار يسيطر على المناصب التنفيذية في الدولة العراقية…أحد نواب إستراتيجية اللحظة السابقين بدى متناقضا في كلامه حينما صرح في مقابلته المتلفزة على قناة “آي نيوز” إن عدد مناصب التيار الصدري في السلطة التنفيذية تصل إلى اكثر من 700 منصب كان ذلك في الساعة التاسعة، لينتقل نفس النائب إلى قناة “يو تي في” ويصرح في نفس الليلة إن عدد مناصب التيار الصدري في السلطة التنفيذية هو أكثر من 600 منصب كان ذلك يوم 13/6/2022 نفس النائب وخلال أقل من نصف ساعة نسي قوله الأول ليغيره في القناة الآخرى ليس هذا فقط إنما راح يهدد بقية المكونات وهذا يعكس نشوة الإنتصار الذي يحس بها بعد تقديم إستقالاتهم وبدأ انياب الأسد تكشر من جديد وهذا مرفوض جملة وتفصيلا، إنها إستراتيجية الكذب الممنهج المبنية على إستراتيجية أصحاب اللحظة…هؤلاء لا يملكون رؤيا كما قلنا في وضع أسس صحيحة لبناء الدولة…لكن إنعدام الرؤيا لا يشكل عائقا لأنه يمكن الإستعانة بالأخرين لوضع إستراتيجية البناء، لكنهم في الحقيقة لا تتوفر لديهم نية البناء ولا يوجد في إستراتيجيتهم غير موضوع واحد ومحدد هو توظيف الكرسي لنهب المال العام…لكن هناك إستحقاقات لابد أن نشير إليها قبل الحكم عليهم هل فعلا أستفادوا من فشلهم المتراكم السابق ولهم نية التغيير كما يقولون، الأشهر القليلة القادمة سوف تكشف المستور ولو إننا متأكدين إن الفشل مصيرهم من جديد لكن هذه المرة سوف يكون فشلهم مر لا بل مر وعلقم لكننا من باب ذًكر إن نفعت الذًكرى نورد هذه الإستحقاقات العاجلة والتي لا تتطلب التأخير والتي تكون عامل مهم في تقيمهم لأن هذا التقييم سوف يحدد هل تقلب الطاولة عليهم أم لا ومن هذه الإستحقاقات:
إعادة سعر صرف الدولار إلى سابق عهده من جديد.
إلغاء ما يسمى بمزاد العملة والذي يتم من خلاله تسريب الأموال إلى الخارج
فرض على جميع البنوك الأهلية تقديم مشاريع إستثمارية قابلة للتنفيذ وبخلافة يتم غلق هذه البنوك لأن أغلبها متورطه بشبهات غسيل الأموال.
رفض المحاصصة القائمة على مبدأ رئاسة الجمهورية إستحقاق كوردي ورئاسة مجلس النواب إستحقاق سني ورئاسة الوزراء إستحقاق شيعيى فهذأ التقسيم لا أساس له في الدستور العراقي إذا كانو يحترمون الدستور. لماذا مثلا يمنع على الأخوة الكور تسلم منصبي رئاسة البرلمان ورئاسة مجلس الوزراء، ولماذا يمنع على الأخوة السنة تسلم منصب رئاسة الجمهورية ومنصب رئاسة مجلس الوزراء وما هو السند الدستوري في هذا المنع….
إلغاء ما يسمى بقانون الأمن الغذائي سيء الصيت
حل مسألة المياه مع تركيا وإيران من خلال الضغوط الإقتصادية
إلغاء كافة مذكرات التفاهم التي وقعها الكاظمي أو على أقل تقدير تجميدها
إيقاف الهدر في النفط العراقي الذي يعطى مجانا إلى الأردن ومصر والذي يعطى بأسعار تفضيلية
عقد إتفاقية عراقية صينية واضحة المعالم والبنود لتنفيذ مرحلة البناء للدولة العراقية
وضع إستراتيجية واضحة لبناء ميناء الفاو وربط العراق بطريق الحرير
إلغاء ما يسمى ببدعة العقود والإجور اليومية في الدولة العراقية وتعين كل متقاعد أو أجير يومي
وهناك الكثير غيرها، أصحاب إستراتيجية اللحظة يعرفونها جيدا لكن نبقى نتمنى أن تتوفر النية الصادقة رغم إننا نشك في ذلك من خلال التصريحات النارية غير المسؤولة التي بدأت ترد منهم.