الأنبار التي جادت علي بأصدقاء وعي وزملاء دراسة وأساتذة فضل يحتكرون تمثيلها في ذهني ولم تنجح الأحقاد الآنية هنا وهناك باغتيال معدنهم الوطني، هي محافظتي ويسوءني نسب إرهاب رعاع لا يمثلون إلا همجيتهم، إليها كلها وأن يقال أن الأنبار كلها هكذا!.
ليست هكذا وسيطرة داعش على منطقة عراقية تجعلها ضحية للإرهاب أسيرة له، فمن أي أدب سياسي تعلمنا شتم أسرانا؟، وبأي منطق إنساني طالبناهم بمواقف؟، أفلا ننظر لشعوب تتغنى بوطنية مدنها المحتلة حتى تنتهي من تحريرها؟، ولحكومتنا فنقيم نقاط نجاحها وفشلها أو عجلتها وتأخرها في محاربة الإرهاب؟، هل يقاتل إخوتنا اليوم وفق خطة شاملة تتضمن توقيت لاستعادة الأنبار؟ أو الموصل؟ أو بقية الأجزاء السليبة؟!، هل يجوز الآمل بأن عصابات القاعدة لن تبقى عشر سنوات ثانية تحتل نصف بلادنا وتوقع بينه بين النصف الثاني مقلبة خلاياها بين نوم خبيث واستيقاظ مجرم؟، ومن أعمل عقله في هكذا تساؤلات هل يبقى عنده مجالا للسباب والتشدق بحديث الحواضن؟.
أسئلة من هذا النوع هي أحق من التثريب على ساكتين أو ساكنين بل ضحايا جميعنا مقصر في إنقاذهم من قبضة العدو الإرهابي، فتعالوا نتقي العراق بأبناء بلدنا، مفترضين أن النبي محمد (ص) غضب على ما ذهب إليه عمار بن ياسر حين سب الرسول كافرا تحت تعذيب قريش، هل كان ليحتفظ بوحدة أصحابه وبالتالي بمشروعه العملاق؟، أو يحتفظ بعمار نفسه كصحابي بارز يتقدم جيوش الإسلام؟، إذ يروى أن عمارا جاء إلى النبي بعد أن أفرجت عنه قريش، فسأله المصطفى: ما وراءك؟، فرد عمار: شر يا رسول الله، ما تُركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، فقال: كيف تجد قلبك؟، فأجاب عمار: مطمئناً بالإيمان، عندها أمره النبي قائلا: فإن عادوا فعد.
عفا بن عبد الله بكل وعي وبلغت سماحته بل وحكمته أن يشرع تكرار سبه والكفر كلما اضطر بن ياسر لذلك، وخطاب من هذا النوع يأتي ممن يمتلكون مشروعا ساميا لا يفهمه الشاتمون لأهل الأنبار الداعين لحرقها، مكملين بتـأجيجهم دور العصابات الإرهابية الهادفة لتفتيت العراق وتهديد وحدة كيانه، غير محترمين لمشاعر من يرون بأن كل شبر من أرض بلاد النهرين جزء لا غنى عنه في قيمته ومصيره ومستقبله، وأن لا قيمة لنا جميعا من دون هذا الوطن، العراق أبو الدنيا.
لقد فشل الجيل الذي سبقنا في صيانة كيان الدولة بأركانها الثلاثة أرضا وشعبا وسيادة، وها نحن نبدو غير فاعلين كما ينبغي بعد التبدل الكوني في مفهوم السيادة الذي جعله ضربا من المستحيل، وكذلك في ظل حالة التنازع الدستوري وغير الدستوري الذي يتجه بأرض الوطن نحو التفتيت، فلم يبقى أمامنا كجيل يداهمه المستقبل وهو يراوح في منتصف طريق الديمقراطية، ويحلم بالأمن، ولا يرى الوقت مناسبا لمناقشة جدية في ملف التنمية، لم يبقى أمامنا سوى أن ندعو لسبيل وحدة شعبنا من عبث المراهقات الانتخابية كحد أدنى من المسؤولية لتبقى وحدة الدولة وقوتها رهنا بذمة الحركة الوطنية ومستقبلها الشائك بتعقيد ما يحشد ضد الوطن، العراق أبو الدنيا.
إن الضمير العراقي الأصيل الذي سيرتفع صوته قبالة الأوتار الطائفية القبيحة التي دشنت وسيق الهواة معها استعدادا للانتخابات، يرى أن الإرهاب الحالي فعل عصابات داعش والقاعدة عموما، وليس فعل الناس في الأنبار، ويعظ بأن السياسة الصحيحة تحجم الأعداء وتحتويهم أو تكسبهم كحلفاء بدلا من تحويل الحليف عدوا، ويضغط بأن الفشل في التصدي للعصابات الإرهابية سيوسع الفجوة بين أبناء البلد الواحد، وأن لا مناص من ضربها بتأييد من أهل الأنبار، بعد تقدير معاناتهم الحالية وتوفير كل ما يخففها مع التفكير بخطط لتنمية المحافظة مستقبلا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي بشكل يقطع الطريق على كل الرايات المتطرفة، ولا يبرر إغفال أن الدعم الشعبي للحملة الحالية منذ بدأت في عرض الصحراء مازال لا يخفي نقدا لتأخر تخليص الأنبار وكل البلاد من الإرهاب قبل ساعة أو يوم أو سنتين من التاريخ الذي بدأت فيه الحملة.
أرفض استفزاز أهلي في الأنبار وأخواتها وأحذر من أن تعميم الداعشية لا يوسع دائرة الصراع وحسب بل هو تنفيذ صريح لمخططات داعش يرقى للخيانة ولا يتغير ضرره بكونه غير مقصود، ولا بالتسابق في البكاء اللاحق على أفواج الشهداء في السنوات العشر القادمة، التي يتمنى المخلصون أن تكون سنين تنمية وسلام.
إن مستقبل الأنبار، سيكون وبشكل حتمي، جزءا أساسيا من المستقبل الكلي المصيري لهذا الوطن الذي نريده، العراق أبو الدنيا، واحدا قويا ناجحا رابحا ينعم كل مواطن فيه بكرامة العدالة ورفاهية الحق، مع التأكيد المشدد على عزة دماء أبناء الأنبار.
إن واجب الحكومة والقوات المسلحة يقتضي الرد على التهديدات الإرهابية بإنهاء عار وجود معسكرات عصابات القاعدة وداعش الإرهابية في بلادنا عموما لأنها غير محصورة بالأنبار، فأكثر المعسكرات الإرهابية تحصينا في العراق وربما في المنطقة تقطع وسط سلسلة تلال حمرين، كما أن هيمنة إرهابيو داعش على جزء كبير من الموصل ما تزال تمكنهم من فرض الضرائب على أصحاب المولدات الكهربائية في الأحياء فضلا عن الباعة والتجار والحرفيين والمقاولين، وغيرهم بينما لا تدفع الضريبة الرسمية بذات الجدية في المناطق التي تقع تحت سلطة دولة جمهورية العراق!.