اجتمعوا و تناقشوا و قرروا و خرم من تلى القرار و حاولت وسائل الاعلام العربية و العالمية أن تعثر على طحين بعد كل تلك الجعجعة لكن النتائج كانت معيبة و محبطة و مخيبة للآمال العراقية و للمواطن العراقى أو بعض من الشعب العراقى الذى لا يزال يظن خيرا بالأنظمة العربية و بالدول الغربية ، حرج مؤتمر المانحين المنعقد بالكويت منذ ايام قليلة ببعض المقررات الضبابية و فشل العراق فى الحصول على الدعم المطلوب لإعادة بناء ما دمره الغزو الامريكى الصهيونى على كل المستويات و تبين للمتابعين أن رئيس الحكومة العراقية قد خرج من المؤتمر بيد فارغة و أخرى لا شيء فيها ، زيارة وزير الخارجية الامريكى للكويت للمشاركة فى هذا المؤتمر الفاشل طرح كثيرا من الاسئلة حول الموقف المرتبك و المشوش للإدارة الامريكية فى عهد الرئيس الحالى و هل أن البيت الابيض قد وضع العصا فى عجلة المطالب العراقية من هذه القمة و هل أن الولايات المتحدة لا ترغب فى مشاركة بعض البلدان بعينها فى اعادة اعمار العراق و هل أن الموقف الامريكى من العراق هو فركة أذن بعد أن تعالت كثير من الاصوات الحزبية و الشعبية مطالبة برحيل القوات الامريكية نهائيا من العراق خاصة بعد الانتصار التاريخى للجيش العراقى على المجموعات الارهابية .
تؤكد صحيفة ” نيويورك تايمز ” الامريكية ان فشل المؤتمر يعبر عن نية الادارة الامريكية لترك بناء الدولة العراقية و اعمار العراق للقطاع الخاص و عدم عزمها تقديم مساعدة مالية للدولة المتعافية رغم انها تعتبر شريكا رئيسيا لها فى حربها ضد الارهاب ، لكن من يسرف فى التفاؤل الى الحد الذى يظن معه أن الولايات المتحدة قد جاءت للعراق هكذا لتنشر الديمقراطية الامريكية و من يظن عبثا أو حتى من باب الامنيات أن الدول الخليجية قد عقدت هذا المؤتمر الصورى لعيون العراق و شعب العراق ؟ بطبيعة الحال لا أمريكا و لا العرب لهم مصلحة فى اعادة اعمار العراق فعراق منهك مشتت مقسم هو أمنية من الامنيات الكبرى لمشروع الفوضى الخلاقة الذى بشرت به ” العزيزة ” المتصابية كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة و لا أحد اليوم يشك أن المحافظين الجدد قد حرروا كل تلك المخططات من باب اضاعة الوقت فهناك فى بلد العم صام لا أحد ” يهزر ” و ما خططوه للمنطقة هو نتاج لما يختزنه عقلهم الباطن منذ سنوات عديدة ، هم لم يهينوا الرئيس العراقى السابق بتلك الكيفية عند القاء القبض عليه إلا بسبب حقد دفين سابق و لم يشمتوا فى موت القذافى بتلك الصورة الوحشية إلا بسبب ما اغدقه عليهم من ” طز فى امريكا ” طيلة سنوات من حكمه ، يجب على العراق ان يبقى رهين التخلف و الفساد و الافساد و الطائفية و تقاتل الاخوة الاعداء .
تقول احصاءات الحكومة العراقية انها بحاجة الى ما يناهز تسعين مليار دولار من اجل اعمار العراق او لنقل من اجل اعادة البنية التحتية العراقية فى صورتها البسيطة و القيام بهيكلة المدن المدمرة على كامل مساحة العراق لكن الخيبة كانت واضحة على وجوه رئيس الوزارى العراقى حيدر العبادى و هو لم يتحصل إلا على بعض الوعود بدفع ما يناهز الثلاثة و خمسين مليون دولار هو مبلغ مضحك و يؤكد فشل المؤتمر على جميع الاصعدة و لا يمكن أن يمثل إلا ربع المبلغ المطلوب و المرتجى من هكذا مؤتمر للمانحين الدوليين ،
لقد فشل المؤتمر ولم يكن على قدر ما توقعته الحكومة العراقية لاسيما مع حضور هذا العدد الضخم من الدول المشاركة الذى وصل الى 76 دولة و منظمة و واحد وخمسين من الصناديق و المؤسسات المالية ذات الصيت العالمى اضافة الى جهات خاصة اخرى مانحة و رغم أن الخارجية الأمريكية قد أكدت في وقت سابق أن واشنطن منذ العام 2014 قد قدمت للعراق نحو 2 مليار دولار كمساعدات إنسانية ، وكذلك ما يناهز 6 مليارات أخرى كمساعدات اقتصادية وأمنية كل ذلك فى عهد الرئيس الامريكى السابق باراك اوباما فان موقف الادارة الحالية يبدو ملتبسا و غائما و غامضا بحيث أنه من الواضح أن الوقوف إلى جانب بغداد في إعادة الإعمار ليس إلا موقفا للاستهلاك الخارجى فى حين ان هذه الادارة لا تريد إلا دخول الشركات الامريكية التابعة للقطاع الخاص الامر الذى سيحقق لها مكاسب مالية خيالية يمكنها أن تعوضها على كل الاموال التى قدمتها ابان الحملة الانتخابية للمرشح الامريكى دونالد ترامب والتى ادت الى فوزه ، المثير فى نتائج و توقيت هذا المؤتمر الذى كان من المنتظر ان يكون مؤتمرا للمانحين ليتحول الى مؤتمر للمستثمرين أنه اثبت فشل الدبلوماسية الاقتصادية العراقية و سيزيد من مصاعب حكومة السيد حيدر العبادى فى مواجهة الانتقادات الكبيرة اضافة الى كل ردود الفعل السلبية تجاه سلوك الحكومة لعدم قدرتها على جلب المنح المالية الكبيرة و ما يخشى من ان تتحول كل الاموال الى جيوب الفاسدين هذا دون الالتفات الى حالة عدم الاستقرار السياسى و الامنى التى تطبع الحالة العراقية منذ فترة رغم الحاق الهزيمة بالحركات الجهادية الارهابية .
ربما حاول رئيس الحكومة الحالى الحصول على اكبر عدد ممكن من العون المالى الدولى لكن من الواضح أن كثيرا من الدول المجتمعة فى الكويت قد وجدت نفسها فى حالة احراج سياسية لأنها تخير أن تتم تلك الاعانات بعد وضوح الرؤية الانتخابية العراقية و تشكيل الحكومة الحديدة لضمان وجود شريك عراقى قوى قادر على الوفاء بتعهداته المالية ، بطبيعة الحال المشهد بعد المؤتمر مثير للحيرة فى الشارع العراقى و هذا ما تؤكده ردود الفعل الاعلامية السلبية فى مجملها و التى تحدثت عن اخفاق سياسى كبير لرئيس الحكومة الحالى ، هذا الاخفاق تحمله تلك الوسائل الاعلامية الى حالة الصراع السياسى الذى يهز الساحة العراقية و يعطى و يبعث برسائل سلبية للاستثمار و العون الاجنبى و فى هذا السياق لا يخفى البعض انزعاجهم و اسفهم على ما وصل اليه العراق من سقـــوط اقتصادى و هو الدولة الغنية الذى كان قادرا على التعامل بسلاسة و قوة و ايجابية مع الموقف لولا تكالب عدة اطراف انتهازية على الحكم و نهب الخزائن المالية فى تصرف غير مسبوق فى تاريخ العراق ، اليوم يقف العراق فى نفس المكان مع الدول الفقيرة ليستجدى العون الدولى بسبب سياسة اقتصادية سلبية منذ 2003 و مناخ سياسى متلبد بفعل تداخل عدة عوامل داخلية و اقليمية لا تريد للعراق خيرا على ما يبدو .