23 نوفمبر، 2024 12:45 ص
Search
Close this search box.

العراق ، أكبر بيئة عدائية للسيارات !

العراق ، أكبر بيئة عدائية للسيارات !

قد يكون العنوان غريبا بعض الشيء ، ذلك إن العراق أصبح بيئة عدائية للبشر فضلا عن السيارات بسبب المسؤولين اللامسؤولين ! ، وقد أعتدنا أن يكون بلدنا للأسف الشديد في ذيل كل القوائم والأحصائيات ، من ناحية المستوى المعيشي ، والرفاهية ، ونوعية الطرق ، ونراه قد تسنم قمة قوائم الفساد والهدر المالي ، والعنف وفقدان الأمن والخدمات وتردي المستوى الأقتصادي ، والتلوث البيئي ، والأرهاب ، وقد تعبت حقا لكثرة ما سردته عن هذه السلبيات القاتلة ، لكني بصدد سرد مدى التأثير السلبي لبيئة البلد ، على السيارات السيئة الحظ التي دخلت البلد ! ، من عدة نواحي هي : 
-درجات الحرارة العالية : تتجاوز درجات الحرارة في العراق صيفا 50 درجة مئوية لعدة أشهر ، إنها الحرارة الأعلى على الكوكب ! ، وهذا يقلل كفاءة أجهزة التكييف الى درجة توقفها تماما ، وظهور مشاكل نضوح غاز التبريد وكلل الضاغط ، بالأضافة إلى إنخفاض كفاءة جهاز تبريد المحرك ، وأرتفاع درجة حرارته ، وبالتالي قصر عمره لأنه يعمل بدرجات حرارة فوق قدرته التصميمية ولفترة طويلة ، وهذا يؤدي إلى قصر عمر حلقات الختم المطاطية (الچبن Seal) المائية (في مضخة الماء) والزيتية ، مما يؤدي الى نضوح تلكم المادتين ، بالأضافة الى تكرار تلف خراطيم الماء ، كما تؤدي الحرارة العالية التي تذيب اسفلت الشارع إلى إستهلاك الأطارات (التايرات) ، بالأضافة الى إسالة الشحم الثقيل الدائم في المساند الكروية (البولبرنات Ball Bearings ) ، وخصوصا مساند العجلات ، والداينمو وأنواع ضواغط (القوايش) ، مما يؤدي الى نضوحه للخارج وبالتالي تيبسها وأستهلاكها ، والحرارة العالية التي تفوق تحمل (قايش تايمن Timing Belt) ، تجعله يعمل بشكل أقصر بكثير من فترة عمله التصميمية ، مما يفاجئ الكثير من السائقين  بالقطع ، وبالتالي دمار المحرك بأكمله ، والكَوَر (Cylinder Head) .
والحرارة العالية تؤدي الى إماعة الأجزاء البلاستيكية في (الدشبول Dash Board) وتشققه ، وتجريد لون السيارة ، وتؤذي الألكترونيات التي يعتمد عليها المحرك كليا ، لأنها مصممة للعمل بدرجات حرارة لا تزيد عن 55 درجة مئوية ! ، وعليه فأضعف الأيمان ، أن تكون الوان السيارات فاتحة كي لا تمتص المزيد من ضوء الشمس .
-أسوأ وقود في العالم
بالرغم من أن سعر الوقود عال نسبة إلى دولة مصدّرة للنفط ، وبالرغم من أن الوقود إرتفع سعره خلال 3 سنوات إبتداءً من عام 2003 الى 25 ضعف ! ، إلا أنه الوقود الأسوأ في العالم ، ولم تطلعنا وزارة النفط عن رقم الأوكتان لهذا الوقود ، أو تبيان سبب ردائته ، التي دمّرت من المحركات ما دمّرت ، وظهور ظاهرة (الأدوانس Advance Knocking) ، عدو السائق التقليدي في الصيف ، وهو سرعة احتراق خليط الوقود بسبب الضغط ، لا بسبب شرارة شمعة القدح ، أي أن الأنفجار يحدث مبكرا ، وسيضطر البستن الى الصعود رغم ضغط الأنفجار ، مما يسبب تدمير الصمامات وحلقات المكابس (البساتن Pistons) ، وقد عانت السيارات الفاخرة من رداءة هذا الوقود ، وبالذات (BMW) ، وشاهدتُ بإم عيني محركات حديثة تدمر فيها (الكام شافت Cam Shaft) ، والتابتات (الچواكيچ Rocker Arms) وحدوث ثقوب في راس (البستن) ! ، بل تكرار ظاهرة رفس المحرك ، وهو انفصال ذراع التوصيل (Connecting Rod) عن البستن ، وبسبب استمرار الدوران ، فسيكسر هذا الذراع السائب كتلة المحرك (Cylinder Block) .
-الطرق الوعرة
حسب دراسات دولية ، فنحن أصحاب أسوأ طرق في العالم ، وما سلم من الطرق ، وضعوا فيها مطبّات ! ، وتأثيرها معلوم من ناحية سرعة تلف (الدبلات Dampers) ، ومفاصل الأستدارة (Steering Joints) وجهاز التعليق (الصدر Suspension system) ، ويؤدي ذلك إلى ضعضعة البدن والأبواب ، وجميع السيارات الحديثة قليلة الأرتفاع عن الأرض ، لأنها صُممت لشوارع (مال أوادم) ! ، ولكونها سريعة عادة ، وعليه يجب أن يكون مركز ثقلها واطئا لغرض التوازن ومنع الأنزلاق ، وهذا يؤدي الى تكرار حدوث الخدوش في أسفل البدن ، وأعوجاج (بطيخة العادم Silencer) .
-الأزدحامات المرورية
يُقدّر حجم هدر الوقود في بغداد وحدها بسبب الأزدحامات المرورية والسيطرات الى مليون لتر وقود يوميا ! ، والحكومة لا تلقي بالا لذلك لأنها من جيب المواطن ! ، وتؤدي الحركة القصيرة والمتكررة للسيارات الى تعب الفاصل (الكلچ Clutch) وملحقاته ، ومنظومة التبديل (الگير Gear System) ومنظومة التوقف (Brake System) ، وكل هذا لا يُقارن بتبرم السائق ومحاربته نفسيا بسبب الزحام !.
-الغبار
نعاني من الغبار بمعدل 300 يوم في السنة ! ، هذا يؤدي الى الامطار الطينية التي تجبرنا على غسل سياراتنا ، بالأضافة الى القصر الشديد في عمر فلتر الهواء (الشوتة Air Cleaner) ، وعلينا استبداله بنسبة أقل من تلك الفترة الموصى بها ، وإلا سيصاب بالأنسداد وستختل نسبة الهواء والوقود ، وسيؤثر ذلك على أداء المحرك ، وسيؤدي دخول الغبار الى حجرة إحتراق المحرك الى حدوث خدوش في بطانة أسطوانات المحرك ، والتسريع في السّوَفان .
-الصيانة وقطع الغيار والزيوت
نحن من أكبر الدول التي تعاني من الغش الصناعي البعيد عن الرقابة ، مع غياب تام لقانون حماية المستهلك ، ومعظم المواد الأحتياطية الموجودة في الأسواق مجهولة المصدر ، وبالواقع من النادر أن تجد قطع غيار أصلية لسيارتك ، وفي هذه القطع تكمن مسألة الأمان أثناء القيادة ، وهي مسألة حياة أو موت ، ومعظم أنواع الزيوت الموجودة في الأسواق مغشوشة ، وهي بمثابة الدورة الدموية للمحرك ، ولك أن تتصور الباقي ، ومعظم مصلحو السيارات يعملون بالتقليد ، وبلا قاعدة علمية وبلا معايير ، وهذا يترك أثره السلبي على أداء السيارة .
ختاما أقول ، ان السيارات هي مَن تصميم غيرنا بالتأكيد ، والبعيدون عن بيئتنا وبمعايير قياسية لا تتوفر لدينا ، وعليك أن لا تتوقع حدوث الأعطال إذا بلغت درجات الحرارة صيفا 25 درجة مئوية ، وإذا كانت الشوارع ممهدة وسلسة ، وببيئة نظيفة ، عندها بإمكانك قيادة سيارة عمرها 50 عام ، ولن تتمكن من إكتشاف عيوبها !.

أحدث المقالات

أحدث المقالات